ألقيت منذ أيام قليلة محاضرة عامة عن أسرار الأهرامات وعن أحدث الاكتشافات الأثرية بمصر وذلك بجامعة فاروس بالإسكندرية؛ والحقيقة أننى لم أتوقع أن تكون الجامعة بهذا المستوى الراقى المتميز؛ على الرغم من أن ما سمعته عن الجامعة قبل زيارتها كان إيجابياً ولكن رؤية الجامعة والتعرف على أعضاء هيئة التدريس ورؤية الطلاب جعلتنى حقاً سعيداً بوجود جامعة على المستوى العالمى الراقى من حيث جودة التعليم وكفاءة هيئة التدريس والرؤية الحقيقية لمستقبل خريجى الجامعة.
كانت لى للأسف تجربة غير إيجابية مع التعليم الخاص فى مصر جعلتنى أحكم عليه بالفشل نتيجة سيطرة المال الخاص على التعليم. والقصة أننى كنت أقوم بتدريس الآثار فى أحد المعاهد الخاصة وبعد الامتحان النهائى وتصحيح أوراق الطلاب وإرسال النتائج الى المعهد فوجئت بنجاح جميع الطلاب؟! وعلمت أنها التعليمات من مؤسس المعهد الذى يختار العميد وأعضاء هيئة التدريس؛ ويفرض سيطرته بالمال وبالتالى تفسد المنظومة التعليمية. امتنعت بعد هذه التجربة عن التدريس بالمعاهد الخاصة.. وبعد سنوات اكتشفت أن معظم جامعاتنا ومعاهدنا الخاصة تتسابق وتتنافس لتحقيق سمعة جيدة ومستوى تعليمى متميز فى ظل نمو مطرد للتعليم الخاص بمصر.. وفى ذات الوقت فإن وزارة التعليم العالى وإدارتها التى تشرف على قطاع الجامعات والمعاهد الخاصة تمتلك آلية فعالة للمراقبة والمتابعة حتى أصبحت التجاوزات فى هذا القطاع أقل بمراحل من غيرها بالجامعات المصرية.
نعود إلى جامعة فاروس التى أنشأها رجل الأعمال محمد رجب؛ وفى سنوات قليلة أصبحت واحدة من الجامعات ذات السمعة المحترمة بفضل مجلس أمنائها وأعضاء هيئة التدريس.. وأهم ما لاحظته منذ دخولى إلى الجامعة هو النظام والتنظيم الدقيق؛ فبعد مكالمة هاتفية من الأستاذ الدكتور فوزى عبدالغنى، عميد كلية الإعلام، قمت بتلبية الدعوة لإلقاء محاضرة بالجامعة؛ وهناك وجدت برنامجاً للزيارة يتضمن زيارة بعض الكليات مثل كلية الصيدلة وكلية طب الأسنان؛ وكانت المفاجأة بوجود معامل على أعلى مستوى وبتجهيزات متقدمة؛ كذلك قاعات الدرس والمحاضرات مصممة بحيث تواكب تكنولوجيا العصر فى شاشات العرض الإلكترونية والوسائل المساعدة السماعية والمرئية. وخلال وجودى بالجامعة قمت بزيارة كلية الهندسة قسم العمارة ووجدت أن القسم يتواصل مع العالم كله بالإضافة إلى وجود مشاريع من الطلبة والأساتذة لخدمة المجتمع.
توفر الجامعة للطالب البيئة المناسبة للإبداع وليس لاجتياز الاختبارات التى تنتهى بمنحة الدرجة الجامعية! وهناك ملاعب وقاعات للرياضة وخدمة طبية تقدم لجميع الطلبة. والشىء الجميل أن كل ما يحتاجه الطالب فى دراسته يجده داخل أسوار الجامعة. وكان من الطبيعى أن ينعكس الجو العام للجامعة على سلوك الطلبة فتجد الالتزام التام سواء فى الزى المناسب أو السلوك والاحترام المتبادل بين الطلبة بعضهم البعض.
ظهر الالتزام بآداب الدرس وأنا ألقى محاضرتى فى قاعة مجهزة؛ وبعد انتهائى من المحاضرة وجدت الطلبة يسألون الأسئلة التى تنم عن الوعى والاطلاع وسعة المعرفة؛ وكان طلب السؤال يتم بصورة سلسة راقية؛ وحتى طلب التصوير معى كان يتم بدون تدافع أو مشاحنة كما اعتدت فى أماكن أخرى. الإيجابيات موجودة حولنا فى كل مكان لكننا نستنفد قوانا فى التركيز على السلبيات والحديث عنها لدرجة أنستنا أن هناك أماكن ومواضع أخرى مشرقة من حولنا فقط علينا أن نعطيها حقها ونتحدث عنها.