الديمقراطية بديلاً للعنف

هاني السلاموني الأحد 15-05-2016 23:02

يهل علينا شهر يونيو بذكريات ودروس تاريخية عديدة ربما لتكون لنا عبرة بأن دولة الظلم لا تدوم إلا ساعة والذكرى المقصودة هي قمع الحركة الطلابية في سويتو بجنوب أفريقيا عام 1976 والذى شكل بداية النهاية بالنسبة لدولة التمييز العنصري وقمع الحريات، بدأت ثورة سويتو بمظاهرات نظمها 20 ألف طالب من طلبة المدارس الثانونية احتجاجاً على قرارالحكومة بفرض تعليم الطلاب السود لغة الأفريكانز أو الأفريكانية وهي لغة مشتقة من اللغة الهولندية والتي كان يتحدثها معظم أفراد الأقلية البيضاء (16% من شعب جنوب أفريقيا) ما اعتبره الوطنين السود إهانة للكثير من الأفارقة هناك وتكريس لحالة من التعسف في فرض الفصل والتمييز العنصر الذي انتهجته جنوب أفريقيا منذ عام 1948 وحتى تم إنهاؤه على يد مانديلا ورفاقه عام 1992.

كان القمع لحركة التمرد الطلابية في سويتو علامة فاصلة باعتراف الغالبية العظمى من المؤرخين والباحثين لكن من أبرز الأسباب التي عجلت بسقوط سلطة الظلم والاستبداد في جنوب أفريقيا كان استخدام القمع والرصاص الحى كسلاح لمواجهة مظاهرات المعارضة والشباب وسن قوانين قمعية تنتهك كافة معايير العدالة وتسخير المؤسسة القضائية لإصدار أحكام غاية في القسوة ضد كل من له رأى معارض مما أدى لحبس مئات الآلاف من السود بمقتضى قوانين وإجراءات تميزية تحرم السود من حقوق الإنسان الأساسية وتقيد حرية الزعماء السياسيين وتغلق المجال السياسى للدولة وفى نفس الوقت حاول رئيس الوزراء بيتر فلهلم بوتا حشد فئات أكثر لتأييد لسياسة التمييز العنصري من خلال إشراك الأقليات «الهندية والملونين في نظام المزايا التي يتمتع بها البيض وكسب تأييد بعض الفئات من المواطنين السود (حزب الكنبة) للنظام القائم، وذلك من خلال تحسين أوضاعهم المادية، وإصلاح البنية التحتية للمناطق التي يعيشون فيها إلا أن كل هذه الإجراءات فشلت بسبب استخدام العنف الممنهج ضد الشباب.

إن إطلاق الشرطة النار على المتظاهرين في سويتو وفى غيرها وقتل الشباب دون تمييز واستخدام أساليب التعذيب أثناء استجواب المعتقلين والسيطرة على الأعلام ( تم منع تغطية أخبار المظاهرات أو دخول كاميرات التليفزيون إلى المناطق التي يوجد بها اضطرابات) واستخدام فزاعات الإرهاب وإعلان حالة الطوارئ عام 1985 ووضع كثير من المعارضين تحت الإقامة الجبرية وتقييد عمل منظمات المجتمع المدنى لم يؤد بأى حال إلى استقرار جنوب أفريقيا ولم يمنع المظاهرات ضد الفصل العنصرى بل على العكس ازدادت الأمور تعقيداً وارتفعت وتيرة العنف ووجدت سلطة جنوب أفريقيا نفسها في مواجهة ركود اقتصادى ومطالب مادية تزداد يوماً للمؤسسات الأمنية للإبقاء على النظام، كما أن ارتفاع معدلات الفقر بين السود مما كان ينذر بتحولهم إلى الشيوعية كما اكتسبت الحركات المناهضة للفصل العنصري في الولايات المتحدة وأوروبا دعما لمقاطعة جنوب أفريقيا مما أدى لتدهور الاستثمارات الأجنبية.

في عام 1985 قال نلسون مانديلا مانديلا إن العنف هو مسؤولية سلطة الفصل العنصري وقال إنه بالديمقراطية لن تكون هناك حاجة للعنف، يحكى لنا التاريخ هذه الأحداث ربما على أمل أن نتعلم من دروس الماضى أو ربما حتى لا نكرر أخطاء قام بها من سبقونا ظناً منهم أن في استطاعتهم إيقاف عجلة التغيير أوالوقوف أمام رغبات الشعب في الحرية والكرامة الإنسانية وفى السعى نحو دولة تحيا بالعدل والعلم لا بالقمع والظلم والإجراءات الاستثنائية، إن صدور أحكام جنائية مشددة تتراوح من سنتين لخمس سنوات ضد حوالى 145شابا مصريا تم القبض عليهم بشكل عشوائي واحتجازهم في أماكن غير معدة للاحتجاز بتهم التحريض على التظاهر ونشر أخبار كاذبة بمصرية جزيرتي تيران وصنافير هو نموذج لحلول سلطة جنوب أفريقيا فهل نعى الدرس قبل فوات الأوان.