ومن الذى لا يحب فاطمة؟!

ياسر أيوب الأحد 15-05-2016 21:49

لن يضطر أحد بعد اليوم للحديث عن سحر الهوارى ورحلتها مع الكرة النسائية فى مصر.. أو الحديث عن تلك الاستثناءات العالمية الممثلة فى المرأة التى تحكم مباريات الكرة أو تشغل منصب مديرة فنية لأى ناد.. فالفيفا قرر أن تدير امرأة كل شؤون كرة القدم فى العالم، وأعلن رئيس الفيفا، جيانى إينفانتينو، أمس الأول، إسناد منصب سكرتير عام الفيفا إلى المرأة السنغالية فاطمة سامبا ضيوف.. والآن سيتحدث كثيرون عن المرأة الأولى التى تشغل مثل هذا المنصب الكبير فى عالم كرة القدم وتاريخها.. سينشرون صورها ويترجمون تصريحاتها وحواراتها ويستعيدون تفاصيل ومحطات مشوارها وحياتها.. وكل ما أرجوه وسط كل ذلك هو أن ينتبه الجميع لما هو أهم وأخطر وأعمق من حكاية اختيار فاطمة لإدارة شؤون كرة القدم فى العالم كله..

ولا أقصد مطلقا التقليل من شأن اختيار امرأة لأول مرة لمثل هذا المنصب الكروى رفيع المقام، خاصة أنه بداية ستعقبها خطوات ونجاحات أخرى ممثلة فى أول امرأة ستتولى الأمانة العامة للأمم المتحدة، وقد تصبح هيلارى كلينتون أيضا أول امرأة تجلس على مقعد رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية..

لكننى أتحدث عن أمر آخر مختلف تماما.. ففاطمة سامبا ضيوف جاءت لتدير شؤون كرة القدم فى العالم دون أن تربطها قبل ذلك أى علاقة مباشرة بكرة القدم.. ولم يجر اختيار فاطمة لهذا المنصب لأنها كانت لاعبة كرة القدم أو لأنها أدارت بنجاح فريقا كرويا أو لأنها كانت رئيسة أو عضوة تشارك فى إدارة أى اتحاد كروى.. كما أنها بالطبع لم تكن تشغل منصب السكرتير العام المساعد، بل لم تكن موظفة فى الفيفا أصلا طيلة حياتها.. فالعالم حولنا لم يعد يعرف مثل هذه القواعد والحسابات القديمة فى اختيار أصحاب الوظائف المهمة.. إنما تم اختيار فاطمة لتعيد الهيكلة الإدارية للفيفا وقيادة فريق موظفيها ومسؤوليها للتخلص من كل الفوضى والفساد القديم وتحقيق العدالة والنزاهة والشفافية.. ففاطمة حتى الآن هى ممثلة الأمم المتحدة للتنمية وكل مشروعات الأمم المتحدة فى نيجيريا وتقود هناك بنجاح فريقا من ألفى موظف.. وسبق لها أن شغلت نفس المنصب بنفس النجاح فى جيبوتى والكاميرون وتشاد وغينيا ومدغشقر..

وقبل كل ذلك كانت أحد المسؤولين عن برنامج الغذاء العالمى فى روما.. حتى باتت من الكفاءات الإدارية الرائعة التى تعتمد عليها الأمم المتحدة.. وهى امرأة قوية تتحدث الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والإيطالية أيضا.. وقال إينفانتينو، رئيس الفيفا، إنهم كانوا يحتاجون لامرأة مثل فاطمة من خارج الأسرة الكروية لتضيف للفيفا ما كان غائبا وما هو مطلوب أيضا.. وهو درس أقدمه لكل من لايزال فى مصر يريد مزيدا من شروط اللعب وإدارة الأندية أو المشاركة فى دورات سابقة حتى يتم السماح له بخوض انتخابات الجبلاية المقبلة.. يقول هؤلاء إن كرة القدم أولى بأهلها، وهم الأحق والأجدر بإدارتها، وها نحن نشهد المؤسسة الكروية الأكبر فى العالم كله تمنح قيادتها لامرأة لا علاقة لها بكرة القدم لكنها تحترف الإدارة والتخطيط والنجاح أيضا.