«المصري اليوم» ترصد آمال وآلام «شرم الشيخ» .. «غروب تيران» و«شروق جسر سلمان»

كتب: هيثم محجوب, أيمن أبو زيد السبت 14-05-2016 23:30

تبدأ معركة الغروب فى طلاء السماء الزرقاء لمدينة شرم الشيخ بما تبقى للشمس الراحلة من درجات الأحمر، سكون يماثل الفراغ الأصفر للشواطئ الخاوية، وبرودة تغطى الجزر المقابلة للشواطئ، لكنه لا يشبه حرارة اللغط الدائر عن هاتين الجزيرتين القابعتين خلف صفحة البحر، تيران وصنافير، واللتين تبارى كل البعيدين جغرافياً عنهما فى خوض الجولة الأولى من معركة الخرائط والملكية وإثبات النسب، دونما أن يلاحظ أحدهم هؤلاء القابعين على الشواطئ الخاوية أمام تيران من المصريين. تحديداً فى منطقة «الغرقانة»، التى تواجه شواطئها الجزيرتين، حيث البحث عن إجابات لأسئلة أخرى لم تتبادر لذهن الجميع، ماذا يعنى لهم غروب تيران وصنافير عن مصريتها؟ وكيف سينعكس شروق جسر سلمان عليهم؟.

البدو : نعمل بالصيد على «تيران» من قبل رحيل الاحتلال الإسرائيلى.. ولا بديل لدينا عن الجزيرة

إحدى رحلات الغطس بجزيرة تيران

تبدأ رحلة التعرف على أسئلة الغرقانة للبحث عن إجابات، عبر اختراق الشوارع الرئيسية لمدينة شرم الشيخ، وهما طريق السلام وطريق الشيخ زايد، واللذان يحدهما على اليمين عشرات الكتل الخرسانية المعرفة سياحياً بأنها «فنادق خمس نجوم» تقابل الشاطئ البلورى الساحر، وإلى اليسار تقع كتل خرسانية غير مكتملة البناء، بعضها توقف العمل فيه قبيل اكتماله، والآخر يدفعه الأمل فى عودة السياحة إلى إكمال بناياته الفندقية.

أحد بدو قبيلة المزينة متوجهاً لتيران للصيد

يستيقظ الشاب «على الحسينى» الذى يعمل بقسم المبيعات بإحدى شركات الغطس فى السابعة من صباح كل يوم، يقوم بالترتيب للرحلة الوحيدة التى تقوم بها شركته، ويعتمد عمل الشركة على الغطس بمقابلة شاطئ الجزيرة.

جزيرة تيران

لا يعتقد «على» أن تغيراً سيحدث فيما يخص الرحلات التى تقوم بها مكاتب وشركات الغطس لجزيرة تيران، قائلاً: «فى السابق، قبيل اللغط الدائر عن مستقبل الجزيرتين، لم يكن أى أحد مهتماً بمعرفة جنسية الجزيرتين، ومن يفرض سيادته عليهما».

أحد الصيادين بمركبه أمام شاطيء الجزيرة

3 أنشطة تقوم شركات الغطس والرحلات البحرية بتسويقها فيما يخص جزيرة تيران، بحسب «على»، ويقول: «الزبائن القادمون من الدول الأوروبية يعلمون جيداً عن طريق شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) أن أفضل المواقع البحرية فى شرم الشيخ هى جزيرة تيران، ويأتى السائحون ولديهم 3 أهداف الأولى الاستمتاع بالرحلة البحرية من شرم الشيخ للجزيرة، والثانى القيام بغطسة على شاطئ الجزيرة لرؤية الشعاب المرجانية الأشهر فى شرم الشيخ، أما الجزء الثالث فيسمى (الشيب ريك) أو المركب الغارقة، والتى سميت المنطقة على اسمها «الغرقانة».

حطام المركب الغارقة التي سميت باسمها المنطقر بال«الغرقانة»

يوضح «على» طبيعة الوجود السكانى على الجزيرة قائلاً: «لا يوجد أى نشاط على الجزيرة سواء سياحى أو سكانى، وجميع الرحلات السياحية ورحلات الغطس بالجزيرة لم ولن تعتمد فى الأصل على الصعود إلى أرض الجزيرة، ولا توجد أى أنشطة، إلا تلك المعتمدة على شواطئ الجزيرة فقط».

الصيادون بنوا عشش ليأوا إليها بالجزيرة ولكنهم لا يسكنونها

بالحديث عن مستقبل المدينة بعد بناء جسر الملك سلمان من السعودية إلى مصر عبر الجزيرتين، يقول «على»: «السائح الخليجى أفضل من السائح الأوروبى، وهذا ما ننتظره من إيجابيات بناء جسر سلمان، فلك أن تتخيل الوضع السيئ الحالى للسياحة فى شرم الشيخ، وأتوقع أن تستقبل جميع فنادق شرم الشيخ فوجاً سياحياً خليجياً جديداً كل 20 يوماً».

بدو نبق ورثوا الصيد ولا بديل لهم عنه

إذا منعت السلطات السعودية رحلات الغطس والرحلات البحرية لجزيرة تيران سيتسبب الأمر فى أزمة لشركات السياحة والعاملين بالغطس والرحلات البحرية، كما يوضح «على»: «الشركات السياحية ومكاتب الغطس لديها موقعان فقط فى شرم الشيخ لعمل رحلات يومية، حيث تضم شرم الشيخ محمية رأس محمد، وجزيرة تيران فقط فى برامج المزارات السياحية البحرية، وفى حال منع جزيرة تيران ستبقى زيارة محمية رأس محمد فقط فى برامج الشركات».

الصيادون من بدو المحمية يصيدون من شاطيء الجزيرة

ويتخوف «على» من تأثير ذلك على حركة السياحة قائلاً: «لن يكون السائح مقتنعاً ببرامج الزيارات التى لا يوجد بها سوى موقع واحد للزيارة»، مضيفاً: «العدد القليل للسائحين الأوروبيين يأتون لشرم الشيخ وقد وضعوا أنشطة الغطس والرحلات البحرية فى تيران ضمن أهدافهم، وهؤلاء السائحون رغم قلتهم تقوم عليهم السياحة فى شرم الشيخ، ولا يمكن أن نعتمد على موقع واحد فقط».

تيران أهم مواقع الغطس في محمية نبق

من جانبه يؤكد «وليد.أ»، مدير حسابات بأحد شركات الرحلات البحرية، ما ذكره «على»، ويؤكد أن شركته كمثيلاتها يقوم عملها على تنظيم رحلات لجزيرة تيران، وأسبوعياً تقوم كل شركة بمتوسط 5 رحلات بحرية، ورحلات غطس للجزيرة الأقرب لشواطئ شرم الشيخ، وأضاف «وليد» أن برنامج جميع الرحلات لا يتضمن النزول إلى الجزيرة أو السير على أرضها، بل يتضمن فقط إرساء المراكب بالقرب من شاطئ الجزيرة.

جزيرة تيران ليلاً

يشمل برنامج الرحلة البحرية الغطس أمام الشاطئ، ويضيف «وليد»: «أهمية الجزيرة تكمن قى أن السائح يراها أحد أفضل المواقع العالمية للغطس، فهناك غطاسون عالميون يأتون خصيصاً للغطس أمام شواطئها، وهناك مواقع الكترونية عالمية متخصصة فى رياضة الغطس تضع تيران ضمن أهم مواقع الغطس فى العالم».

جزيرة تيران

الحديث كثير حول فائدة وأضرار بناء جسر الملك سلمان، لا ينقطع لدى العاملين فى قطاع السياحة بشرم الشيخ، والمواطنين، البعض يتحدث عن أضرار بناء الجسر على الثروة السمكية ومواقع الغطس، التى من المرجح أن يبدأ بناء قواعد الجسر على جانبيها، ما يؤثر على الشعاب المرجانية، لكن «وليد» يرى أن الجسر قد يتحول إلى ممر يضخ دماء جديدة للسياحة، اعتماداً على السائح الخليجى، ويقول: «سيكون تأثير ذلك على شرم الشيخ أمراً جيداً، لأن السائح الخليجى عميل جيد، ويضخ كما جيدا من الأموال خلال وجوده فى المدينة».

سائحون يقومون بالغطس فى شاطيء جزيرة تيران

على بعد مئات الأمتار، يعمل «عصام عادل» بمكتب «سفارى»، يقوم بتنظيم رحلات التخييم والعشاء البدوى، وعدد من أنشطة الصحراء، وهو النشاط الذى أصابه الركود بتراجع السياحة الروسية، ويقول «عصام»: «الغرقانة، أو تحديداً منطقة خليج نبق، كان متوقعاً لها أن تكون أحد أجمل مراكز السياحة فى شرم الشيخ، لتتعدى مناطق خليج نعمة والسوق القديمة، ولكن مع الأسف شرم الشيخ لم تعد اليوم كما كانت، ولم تعد الرحلة السياحية إليها مختلفة عن زيارة منطقة العجمى بالإسكندرية، وكأن المدينة لا علاقة لها بالسياحة، بل وصل الأمر أننا أصبحنا وشيكين من ألا نرى سياحاً فى المدينة بأكملها، خاصةً بعد أزمة الطائرة الروسية الأخيرة».

إحدى رحلات الغطس تصل تيران

«عصام» لا يفصل حديثه عن مبادرات دعم السياحة، والمبالغ التى تم صرفها فى تلك المبادرات، ويقول: «آخر الأرقام التى وصلت إلينا فيما يخص تلك المبادرات أنها بلغت 40 مليون جنيه مصرى، ولكن عائد هذه المبالغ لم يعد على العاملين بالسياحة، فلا تزال تكلفة العمل فى مدينة شرم الشيخ باهظة جداً، رغم ما يقال عن دعم السياحة، ولا يحتاج الأمر أى مجهود لاستيضاحه من ناحية غياب وركود حركة السياحة، فرغم هذين الأمرين نتحمل فواتير كهرباء باهظة جداً تصل إلى 75 قرشاً للكيلو وات، فيما تبلغ قيمة المتر المكعب للمياه حوالى 20 جنيهاً».

إحدى رحلات الغطس تصل تيران

الركود الذى ضرب السوق السياحية فى شرم الشيخ كما يقول «عصام» أدى لأزمة أكبر حيث بدأت العمالة ذات الخبرة فى ترك أعمالها وشركاتها، ولم يعد الاعتماد على رحلات تيران ومحمية رأس محمد كافياً لتشغيلهم، وتوفير الحد الأدنى من النفقات التى تسمح لهم بتحمل تكاليف العمل والعيش بمدينة سياحية غالية الأسعار مثل شرم الشيخ، ويضيف: «إذا أبقينا على تيران وعلى الرحلات إليها، لن نجد عمالة ذات خبرة كافية لإدارة الشركات والمكاتب السياحية، وما يحدث الآن تكسير العظام الباقية فى جثة النشاط السياحى فى شرم الشيخ، ووزير السياحة لم يصدر أى تعليمات أو أى خطط سوى ما يخص رحلات الحج والعمرة».

إحدى رحلات الغطس تصل تيران

«صنافير غير مؤثرة بالنسبة إلينا لكننا ننظم رحلات شهرية إلى تيران، كما أن هناك عمليات صيد أسماك تتم بالقرب من البحيرة، وإغلاق تيران فى وجه المكاتب والشركات السياحية ومكاتب الغطس يعنى أن باب الرزق الذى نعتمد عليه أصبح مغلقاً فى وجوهنا وكأنها رسالة موجهة إلينا تقول «مالكوش عيش هنا»، كما يقول «عصام»، الذى يستنكر عدم مصارحة العاملين فى المنطقة بما سيحدث لهم أو مصيرهم، قائلاً: «الحقيقة أن أحداً لم يحدد لنا ما الذى سيحدث، وزير السياحة لم يقل إذا رفع علم السعودية على الجزيرة كيف سيكون وضع الرحلات السياحية إليها، وهل سنمنع من زيارتها أم لا؟، وإذا تم منعنا ستزيد الطين بلة، وكل تخوفاتنا الآن متعلقة بتوضيح تلك المسائل، هل سنستمر فى رحلاتنا إلى تيران أم لا؟».

سائحو أوروبا الشرقية يشكلون الدخل الأكبر في شرم الشيخ

وفيما يخص توقعاته لجسر سلمان قال «عصام»: «لا شىء يحدث بلا أضرار أو دون فوائد، أكبر وأهم الاختراعات كان لها فوائد وأيضاً لها أضرار، مثل الديناميت، اخترع لراحة عمال المناجم كانت تلك فائدته، لكنه استخدم أيضاً فى الحروب وكانت له أضرار، لذا الجسر ستكون له أضرار بالتأكيد وبالتأكيد سيكون له فوائد».

شريف أحد مالكي المشروعات السياحية بنبق

إحدى تلك الفوائد التى يتوقعها الجميع أن يكون الجسر تجارياً، وهو ما علق عليه «عصام» قائلاً: «إذا تم تحويل مدينة شرم الشيخ لمدينة تجارية مثل بورسعيد فلا يمكن إلا أن نقول عليه العوض فى الكورسات واللغات والتعب والخبرة والفلوس اللى اتصرفت علشان نقدر نشتغل فى السياحة فى شرم الشيخ، وكل ما يقال عن موضوع الجسر لم يحدد تفاصيل بنائه أو فوائده وأضراره وكيفية تسيير عمله، ولا يمكننا الاعتماد على الأخبار والبرامج التليفزيونية، فمنذ فترة وجيزة ترجم التليفزيون المصرى مؤتمراً للرئيس بوتين على أنه يقول إن السياحة الروسية ستعود لمصر، فيما كانت القنوات الروسية تنقل تأكيدات بوتين بأن السياحة الروسية لن تعود لمصر الآن».

منع الغطس فى تيران سيزيد من حدة الركود السياحي

حاولت «المصرى اليوم» خوض الرحلة البحرية اليومية إلى جزيرة تيران، والتى تنطلق بعد أن يتم تفتيش جميع الصاعدين للمراكب السياحية. وأمام بوابات التفتيش بالمرسى السياحى، يرتدى بعض رجال الشرطة لباساً مدنياً، ابتسم أحدهم وهو يطلب تفتيش محتويات حقائب المعدات الخاصة بالتصوير، ليطلب تعريف الشخصية، قبل أن يقول «ممنوع التصوير»، وفى الخلفية على بعد أمتار من الحاجز، مر العديد من السائحين بما يحملونه من كاميرات وبدأوا بالفعل تصوير الرحلة إلى تيران قبيل أن تبدأ.

إحدى رحلات الغطس بجزيرة تيران

لم يكن أمام «المصرى اليوم» سوى البحث عن طريقة للمرور عبر محمية نبق، حيث بدأت رحلة عمل «شريف الشافعى» فى شرم الشيخ منذ العام 2000، وبين ستة عشر عاماً قضاها فى المدينة السياحية كانت الأربع الأخيرة مع البدو من السكان الأصليين لخليج نبق، حيث شارك أحد شباب قبيلة المزينة فى مشروع سياحى داخل المحمية.

يقول «شريف»: «محمية نبق إحدى أكبر المحميات بالمدينة، وتبدأ حدودها من مدينة دهب، وتتميز بتجمع أشجار المنجروف، نحن فى الكيلو 6 ونصف منها، بمنطقة تسمى الغرقانة نسبة لإحدى السفن الغارقة أمامها، ونعيش هنا مع مجموعة من البدو من السكان الأصليين للمكان». يرى «شريف» أن أكثر ما يميز السكان الأصليين بمحمية نبق ثقافة العمل لديهم، وتماشيهم مع النشاط الاقتصادى الذى تتميز به المدينة وهو السياحة. يعتمد مشروع «شريف» على التخييم والرياضات الصحراوية البيئية، والتى تقوم على إمتاع السائح والزائر بالطبيعة دونما التأثير عليها أو استخدام أشياء ملوثة للبيئة، المشروع هو الوحيد فى محمية نبق، ويعتمد فى بناء الخيام والحجرات على مواد من الأخشاب دون الاستعانة بالطوب أو الخرسانة أو أى مواد غير طبيعية أو مصنعة. يرى «شريف» أن مشروعه، الذى يعتبر الوحيد بالمحمية، مبشر للغاية، لكن أزمته الوحيدة هى البيروقراطية التى قال إنها «آفة العمل فى مصر». يعتمد السكان المحليون على حرفة الصيد، كما يقول «شريف» مضيفاً: «البدو فى المحمية يقومون بالصيد ويسكنون المحمية منذ عهد الاحتلال الإسرائيلى لسيناء وقبل أن تعلن نبق كمحمية طبيعية، وهى المهنة التى يعتمدون عليها لسد احتياجاتهم».

ويستطرد «شريف»: «الصيد ممنوع فى سيناء، إلا لهؤلاء، فقد حصلوا على تصاريح بالعمل، لأنهم يسكنون المنطقة منذ نشأتها، وكذلك بعض الصيادين القادمين من منطقة دهب وغيرها».

«نعم، لديهم تخوفات كبيرة»، هكذا وصف شريف استقبال الصيادين والسكان الأصليين لمحمية نبق للأنباء المتعلقة باتفاقية ترسيم الحدود، والتى سينتج عنها وضع جزيرتى تيران وصنافير تحت السيادة السعودية.

وأوضح مظاهر تخوفهم قائلاً: «البدو من سكان المحمية وصيادون آخرون، يعتمدون على الصيد من جزيرة تيران، ولديهم قلق بالغ من منعهم من الصيد بالمنطقة إذا تم تنفيذ الاتفاقية المصرية السعودية».

«ينبع قلق الصيادين من أنه لا مهنة لهم سوى الصيد، كما أن غياب التعليق الحكومى على أزمتهم جعلهم يشعرون بأنه لا أحد يشعر بهم»، هكذا استكمل شريف حديثه ويضيف: «لدينا ثقة فى الرئيس ولكن على المسؤولين طمأنة الصيادين وأصحاب الشركات السياحية والمكاتب الصغيرة، فهم يعتمدون على جزيرة تيران فى الصيد والرحلات البحرية أيضاً».

لا يوجد سكان أو أى أبنية على الجزيرة، كما يوضح شريف قائلاً: «الأزمة بالنسبة للصيادين والمكاتب السياحية ليست فى أرض الجزيرة أو ما فوقها، ولكن فيما حولها، فإذا تم منع الصيادين من العمل بمنطقة تيران ستكون أزمة كبيرة بالنسبة للسكان الأصليين من البدو، وإذا تم منع الرحلات البحرية والغطس ستكون أزمة أكبر لشركات السياحة التى تعانى منذ فترة طويلة حتى فى وجود رحلات إلى تيران».

شاطئ محمية نبق يخلو من الزوار والسائحين، عدا عائلة «ياروسلافا فرانزوتسى»، الأوكرانية التى تعيش فى شرم الشيخ منذ 2008، مع زوجها صاحب وكالة للتسويق العقارى، وزوجين إيطاليين يعيشان فى المدينة أيضاً ولكن منذ 20 عاماً.

يارا كما يدعوها السكان الأصليون قالت إنها تعيش بالمدينة منذ سنوات وتعرف جيداً قيمة تيران سواء للعاملين أو للسياح، فهى مكان رائع ومتميز فيما يخص رياضات الغطس والرحلات البحرية، فيما أبدت تعجبها من أن تصبح تيران فجأة أرضاً غير مصرية، فيما أشارت إلى أن السكان الأصليين من البدو الصيادين ودودون جداً مع السائحين والسكان الأجانب، وهو الأمر الذى دفعهم للاستقرار بشرم الشيخ بالقرب من الجزيرتين.

«المصرى اليوم»، التقت بعض السكان الأصليين من أهل نبق، منهم سليمان صبحى، الذى تطرق إلى طبيعة وجود السكان فى المنطقة، قائلاً: «أنا مولود هنا وأهلى موجودون هنا من قبل الاحتلال». ويضيف: «هناك من يعيشون بمنطقة نبق وفى شرم الشيخ عموماً، لكنهم لم يشعروا بعد بأى تغيير ولم يتأثروا باتفاقية ترسيم الحدود أو ما يثار عن بناء الجسر، لكن من يشعر بخطورة وأهمية الاتفاقية هم الصيادون، الذين لا يملكون أى بديل للحياة هنا إلا الصيد، فإذا تم منع الصيد سيكونون بلا عمل وبلا دخل».

80 مركباً على الأقل تعمل بالصيد فى تيران من السكان الأصليين لمحمية نبق، بالإضافة لمجموعة أخرى تأتى من دهب والمدن الأخرى بشرم الشيخ، يعمل بكل مركب عدد من الصيادين بالإضافة للمالك أو الشركاء بالمركب، ويتراوح عدد العمال بالمركب الواحد بين 6 و8 أفراد، وفقاً لما أكده سليمان.

يعى سليمان تماماً آثار تبعية الجزيرة للمملكة، وكذلك بناء الجسر، ويقول: «إذا مُنع الصيد والغطس فى تيران لابد من التفكير فى حلول للصيادين وأصحاب مكاتب الرحلات البحرية والغطس، فميزة تيران بالمقارنة بالأماكن الأخرى هى سهولة الغطس وجمال الموقع».

أما بناء جسر سلمان، فيأمل سليمان أن يكون الجسر باباً للخير، لكنه يشدد: «علينا ألا نوصد الباب الأول الموجود الآن لنفتح باباً آخر، فالصياد قد يستغل الجسر فى بيع وتسويق ما يصطاده، لكن إذا تم منعه من الصيد إذا تم إقرار الاتفاقية فلن يكون لديه عمل من الأساس».

أزمة أخرى يتحدث عنها سليمان قائلاً: «الجسر قد يكون تجارياً سياحياً، لكن الطبيعة التجارية للجسر يجب أن تتناسب مع طبيعة المدينة السياحية، فالسائح لن يرضى بخدمة فى مدينة تعج بالسيارات الضخمة التى تحمل البضائع وتخترق قلب المدينة السياحية ليلاً ونهاراً».

18 دقيقة كانت كافية للوصول من ضفة خليج نبق إلى أرض جزيرة تيران الأقرب إلى الشاطى المصرى، على متن مركب «جمعة صبحى» الصياد البدوى الذى وُلد بالمحمية، والذى توقف عند نقطة «الشبير» وهى المساحة الصغيرة التى يتم إنزال رواد الرحلات البحرية عليها، مساحة لا تتعدى 20 متراً من الشاطئ، يقوم فيها القادمون من المكاتب السياحية ومن يصطحبونهم من السياح بالغطس.

«لا يوجد سكن بالجزيرة»، هكذا أجاب جمعة بشكل قاطع عن التساؤلات التى أثيرت بالصحف المصرية والسعودية عن وجود سكان بالجزيرة، ليضيف: «لا يوجد سوى بعض العشش التى بناها الصيادون ليجلسوا بها فى الشتاء بعيداً عن الأمطار والبرد، وفى الصيف ليقوا أنفسهم حرارة الشمس».

يقول جمعة: «السكان الأصليون صيادون جميعهم، ويشاركهم فى الصيد آخرون يأتون من نويبع ودهب والطور، يحملون تصاريح صيد منذ أن ولدوا وقبل أن يتم تحرير الأرض، ولا عمل لهم سوى الصيد، وحتى الآن لم يأتِنا أى مسؤول ليشرح ما التطور الذى قد يحدث بعد توقيع الاتفاقية إذا وقعت، وما البديل الذى سيتم توفيره لنا حال تم منعنا من الصيد». ويتطرق «جمعة» إلى جسر سلمان، قائلاً: «لا توجد أى إشارة لمنطقة بناء الجسر سواء على الجزيرة أو بالمحمية، ولم نرَ أو نشعر بأى تغيير حتى الآن، وعلاقتنا بالسلطات المصرية والقوة التى تؤمّن الجزيرة منذ أن وُلدنا على ما يرام، وهم متعاونون معنا وهذه شهادة منا لابد أن تقال، فلم يحدث يوم أن تم منعنا من الصيد، أو تم التعامل معنا بشكل أمنى عنيف، بل على العكس تماماً كانت ومازالت القوات المصرية الموجودة لتأمين الجزيرة تتعامل معنا كسكان أصليين».

شاهد فيديو «غروب تيران وشروق جسر سلمان» على الرابط التالى:

www.almasryalyoum.com/video/8924«شرم الشيخ»: نبحث تعويض الصيادين المتضررين من أعمال بناء الجسر

جزيرة تيران

قال اللواء محمود السولية، رئيس مدينة شرم الشيخ، إنه سيدرس تعويض الصيادين المتضررين من أعمال كوبرى الملك سلمان بشرم الشيخ، وتسليم جزيرة تيران للسعودية فى حالة وجود عقود ملكية معهم، مشيرا إلى أنه لم تدخل أعمال الكوبرى حيز التنفيذ حتى الآن.

وأضاف عبدالحكم محمد، مدير منطقة الثروة السمكية بجنوب سيناء، أن المنطقة لم تمنح تراخيص صيد مطلقا فى شرم الشيخ، حيث إنها محميات طبيعية منذ عام 1994 وأن مسؤولية الصيادين تقع على عاتق المحميات الطبيعية والمسطحات المائية وحماية الساحل.

وقالت مصادر مسؤولة بالبيئة إنه سوف يتم حصر الصيادين المتضررين فى منطقة نبق من تسليم جزيرة تيران للسعودية وأعمال الكوبرى التى قد تؤدى لإزالة منازل الصيادين والبدو فى منطقة نبق والغرقانة.

كان الصيادون فى منطقة نبق بشرم الشيخ شكوا من تضررهم فى حال تم منع الصيد فى جزيرة تيران، حيث إن مهنة الصيد عملهم الأساسى منذ عشرات السنين، وطالبوا وزارة البيئة بإقامة منازل بيئية لهم، كما ناشدوا محافظة جنوب سيناء توفير مدرسة ووحدة صحية لهم.