حارسو البوابات!!

شريف رزق الجمعة 13-05-2016 21:33

حارسو البوابات هو أحد المصطلحات الثقافية التي تتداخل في حياتنا بطريقة ما، وقد نكون نحن حارسو البوابات في موقف ما، وفي ظرف آخر قد تغلق البوابات في وجوهنا.

البوابات هنا هي بوابات الدخول لبعض الأماكن، وغالباً هي أماكن هامة بشكل ما، وقانوناً المكان متاح للجميع ولكن واقعياً «حارسي البوابات» يحددون من يدخل ومن لا يدخل. والأمثلة عديدة.
في بحث علمي عن ظاهرة حارسي البوابات قامت شابة إنجليزية من أصول أفريقية بإرسال السيرة الذاتية وكان واضحا من الاسم تلك الأصول الأفريقية، وكان هذا جزء من البحث، ولم يقبلوها لعمل المقابلة الشخصية، وقامت نفس الفتاة بإرسال السيرة الذاتية مرة أخرى ولكن هذه المرة حذفت الاسم الأوسط الذي يدل على الأصول الأفريقية، وتم طلبها لعمل المقابلة الشخصية، ولنا هنا أن نتوقف ونتأمل عن المتشابهات في المجتمع العربي عموماً والمجتمع المصري على وجه الخصوص.
وحارسو البوابات لا يخالفون القانون بطريقة مباشرة، فهم يستغلون تلك الأشياء غير الملموسة والتي لا تستطيع أن تحولها إلى قضية في المحاكم.
وتنتشر تلك الظاهرة بل تستفحل في المجتمعات القبلية، التي ينتشر بها التمييز بل يعتبر شيئاً محموداً، ولنا في المثل الشعبي «العنصري» أنا واخويا على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب «توضيحاً بيناً.

تداعت تلك الأفكار في رأسي حين هلل البعض لفوز «صادق خان» كعمدة للندن، فصادق خان بريطاني قلباً وقالباً، ولا تحتل هويته الدينية والعرقية الأولية حين ينخرط في العمل العام، ولذا لا يراه المجتمع البريطاني «كمسلم باكستاني بريطاني» فذلك ليس الترتيب المنطقي في مجتمع علماني ليبرالي، الحرية هي حجر الزاوية التي يبني عليها المجتمع البريطاني، بل يروه كسياسي بريطاني من حزب العمال أما كونه من أصل باكستاني ومسلم فهي معلومات ليس لها علاقة بالوظيفة، فالمواطن في مجتمع يحترم الجهد والمهارات يقدر الموهبة والنجاح والقدرة على الفعل وليس القدرة على الكلام.
فلنراجع ما نقوم به في الحياة ونرى كم نخلط الأوراق، ونخلط ما هو علمي بما هو ديني وما هو مهني بما هو أخلاقي، فلم تستطع الحكومة المصرية تعيين محافظ مسيحي لقنا، وليست القضية هنا في تعيينه من عدمه، بل القضية في لماذا تم اختياره، هل تم اختياره كنوع من الترضية للمسيحيين، أم للكفاءة، ورد الفعل السلفي الذي قاد بعض المغيبين للاعتراض على تعيين محافظ مسيحي فقط لكونه مسيحي، فمازالت الحكومة الحالية والحكومات السابقة غير واضحة الملامح ومازات بعض فئات الشعب لا ترى سوى الهوية الدينية كبوصلة تحدد لها الطريق في الحياة، فتلك الهوية الدينية تغلف تصرفاتنا في كافة الأمور، ولم يدرك البعض أن يوجد في الحياة ما هو ديني وما هو علمي أو اجتماعي أو نفسي أو اقتصادي وليس له علاقة بما هو ديني. ولكن مازالت بعض الفئات تصر على التقسيم لا التوحيد، فقوة أي فريق تمكن في التنوع، لكن حارسي البوابات لا يرضوا فمن صالحهم بقاء الحال كما هو عليه.
فهل نرضى أم نثور نحو مجتمع أفضل!!؟

شريف رزق
Sherifaq@gmail.com