«ليستر» والمستحيل

وليد صلاح الدين الأحد 08-05-2016 22:19

«لا مستحيل فى كرة القدم» مقولة نرددها سواء كنا خبراء أو نقادا محللين، لكنها نادرا ما تتحقق فى السنوات الماضية، خصوصا بعد أن سيطرت الإمكانيات المالية على الوسط الكروى فى العالم وليس فى مصر فقط.. فالمدرب قبل أن يتولى المسؤولية يشترط الحصول على راتب معين.. واللاعب قبل أن يتعاقد مع النادى الذى يرتبط به يصر على الحصول على مقدم التعاقد، ويضع بنودا فى العقد تضمن له حقوقه المالية، وكذلك فى حقوق البث الفضائى للمباريات، وكذا فى العديد من الأمور، فقد أصبحت لغة المال هى التى تتحكم فى حسم البطولات أحيانا وفى جلب الصفقات المميزة أحيانا أخرى وفى إعلاء نادٍ وإقصاء آخر، حتى جاء موسم 2016 ليضرب أصحاب المال والباحثين عنه فى مقتل، ويلغى فكرة أن المال هو المسيطر على كرة القدم، ويؤكد المبدأ الذى تقوم عليه الحياة بصفة عامة، وكرة القدم على وجه الخصوص، وهو أن الإخلاص والانتماء والرغبة فى تحقيق البطولات والرغبة فى تحقيق النجاح هى الأساس فى كسر كل الحواجز والشعارات التى يرغب أحيانا ضعاف النفوس فى أن يفرضوها علينا.. هذا ما فعله ليستر سيتى الذى حصد بطولة الدورى الإنجليزى هذا الموسم.. والذى ضرب كل مَن يعتمد على المال فى مقتل، والذى أكد أن الإخلاص والرغبة فى تحقيق البطولات يدفعانك للنجاح.. فريق صعد من الدرجة الثانية ليس هدفه هو البقاء فى الدورى مثلما نسمع فى مصر- أو يحاولون أن يفرضوا علينا ذلك- فريق كان الانتماء والإخلاص هو عنوانه وليس الانتماء فقط، فريق كان لديه الرغبة فى تحقيق البطولات.. هذه الفرق لن تيأس.. ولن تكترث لمحاولات الإحباط التى مارسها البعض عليها ليبعدوها عن هدفهم، وهو تحقيق اللقب وتحقيق البطولات.

إذن «ليستر» حقق المستحيل، وكرة القدم لا تعرف المستحيل، ويمكن للأندية المصرية أن تحقق نفس الإنجاز، بشرط أن تتوفر الدوافع التى جعلت من ليستر سيتى قاهرا للمستحيل، وأتذكر عندما كنت لاعبا فى موسم 2001، فقد تأهلنا إلى ما قبل النهائى بدورى الأبطال أمام «الترجى» التونسى، وتعادلنا سلبيا فى القاهرة، وردد البعض أننا خسرنا البطولة قبل مواجهة الإياب فى استاد رادس المرعب، بل الأكثر من هذا تقدم «الترجى» علينا فى مباراة الإياب، وكان الأهلى وقتها يعانى من نقص الخبرة فى لاعبيه، لكن كنا نمتاز عن المنافس بالإخلاص والرغبة فى تحقيق البطولة وإسعاد جماهيرنا، وبث فينا مانويل جوزيه، المدير الفنى الأسبق، «الأسطورة»، الثقة فى ضرورة حصد اللقب، فجاء الفرج عن طريق سيد عبدالحفيظ، مدير الكرة الحالى، بهدفه الشهير فى «الترجى»، وحصدنا اللقب فيما بعد.