المضادات الحيوية هي من أكثر الأدوية شهرة وانتشارا، حتى إن البعض يلجأ إليها في كل وقت، معتقدا أنها صالحة لكل حالة مرضية، لكن الحقيقة هي غير ذلك تماما، بل إن تناولها دون موافقة الطبيب ووفق شروط معينة قد تكون له عواقب قاتلة.
وكان البنسلين أساس علاج الكثير من الأمراض المعدية قبل بداية القرن العشرين، وذلك لمعالجة الالتهابات. وتشير المراجع العلمية إلى دور لويس باستور وروبرت كوخ وألكساندر فليمنج وغيرهم من العلماء في تطوير علاجات فعالة ضد الجراثيم. وبالرغم من التطور الكبير في مجال المضادات الحيوية في عصرنا الحالي، إلا أن الموقع الصحي الألماني «غيزوندهايت» يشير إلى استمرار وفاة الملايين من البشر سنويا، وذلك جراء الأمراض المعدية، بالرغم من توفر المضادات الحيوية، التي يُفترض أن تكون علاجا لهذه الأمراض. ونشر الموقع الألماني عن الزيادة الكبيرة التي تُبديها البكتيريا في مقاومة المضادات الحيوية، وأشار إلى التكيف الكبير الذي تقوم به الجرثومة لمقاومة المضاد وإضعاف أثره عليها، ما يثير التساؤل عن مدى نجاح المضادات الحيوية في وقتنا الراهن.
كيف تعمل المضادات الحيوية؟
المضادات الحيوية هي المواد التي تقاوم الكائنات الحية الدقيقة وحيدة الخلية «بما في ذلك البكتيريا»، ويكون عمل المضاد قتل أو تثبيط نمو البكتيريا داخل الجسم. وتنتمي المضادات الحيوية إلى مجموعة أوسع من المركبات المضادة للأحياء الدقيقة، وتُستخدم لعلاج الأمراض التي تسببها الكائنات الحية الدقيقة، بما في ذلك الفطريات والطفيليات، وعادة ما يختار الطبيب المضاد الحيوي المناسب للمريض، والجرعة الدوائية اللازمة، والشكل الدوائي الملائم، بناء على عدة عوامل، منها: التشخيص السريري، والفحص المخبري، بالإضافة إلى عمر المريض ودرجة تحمله وحالة جهازه المناعي.
لماذا لا نشعر بتحسن بالرغم من تناول المضاد الحيوي؟
يرى العلماء أن الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية، وصرفها دون وصفة طبية، أو عدم الالتزام بطريقة المعالجة التي وصفها الطبيب، تؤدي إلى تقليل فعالية المضادات الحيوية وعدم الاستفادة منها، وهو ما سمح أيضا بتطوير سلالات بكتيرية تكون قادرة على مقاومة أنواع من المضادات الحيوية تعرضت لها بشكل مخفف في الماضي. بل إن منظمة الصحة العالمية أطلقت العام الماضي 2015 حملة دولية سمتها: «الأسبوع العالمي للتوعية حول المضادات الحيوية»، بهدف التوعية بمخاطر سوء استخدام المضادات الحيوية وزيادة الوعي بالكيفية التي تُستخدم بها هذه المضادات، مؤكدة ضرورة وصفها من قِبَل طبيب مهني معترف به من قِبَل الجهات الطبية الرسمية في البلاد.
مجلة فوكوس الألمانية قدمت نصائح عديدة يتوجب معرفتها واتباعها لدى تناول المضاد الحيوي، بعد وصفه من قِبَل الطبيب المختص، وذلك للوصول إلى نجاح أفضل في العلاج، وهي كما يلي:
1. الحليب والمضاد الحيوي: هنالك أنواع من المضاد الحيوي تتفاعل مع مادة الحليب، ما يُبطل عملها أو يؤدي إلى التفاعل معها، وتشمل هذه المضادات الحيوية من مجموعة التتراسيكلين ومثبطات مثل الدوكسيسيكلين، سيبروفلوكساسين والنورفلوكساسين، لذلك يُفضل مرور ساعتين على الأقل بين تناول الدواء واستهلاك الحليب والجبن واللبن الرائب.
2. يجب تناول المضاد الحيوي بشكل كامل: المضادات الحيوية تعمل عادة بسرعة. بعد بضعة أيام يشعر المريض بتحسن، ويهدأ الألم، ما يجعل المريض يعتقد أنه تحسن وليس بحاجة للدواء، ولا يكمله حتى النهاية، وهو أمر مضر جدا- حسب المجلة الألمانية- فيجب على المريض تناول جميع أقراص الدواء، حتى لو شعر بتحسن.
3. المضادات الحيوية يمكن أن تقلل من تأثير حبوب منع الحمل. النساء اللاتي يتناولن حبوب منع الحمل أثناء تناول مضاد حيوي عليهن الاحتراس، إذ إن المضاد الحيوي يمكن أن يعطل من فاعلية حبوب منع الحمل.
4. المضادات الحيوية والرياضة لا تجتمعان. يعتقد العديد من الناس أن ممارسة الرياضة بعد فترة المرض أمر مهم لتحريك العضلات، إلا أن الخبراء ينصحون بتجنب الرياضة طيلة فترة تناول المضاد الحيوي، وذلك لأن الجسم يكون في مرحلة إعادة بناء الخلايا، وهو ما قد يكون ضارا للجسم، ويجهد القلب.
5. المضادات الحيوية لا تكون دائما فعالة، لأن المضاد الحيوي يوصَف في حالة ما إذا كان الالتهاب بسبب بكتيريا، أما في حالة الإصابة بمرض فيروسي يكون من غير المفيد تناول أي مضاد حيوي.
6. الابتعاد عن الكحول: استهلاك الكحول يمثل عبئا إضافيا على الجسم، وقد تنتج عن تناول الكحول مع المضادات الحيوية تفاعلات تؤدي إلى آثار جانبية للجسم.
وأخيرا هذه النصائح ليست بديلا عن زيارة الطبيب، وهو المعني أولا وأخيرا بتشخيص الحالة ووصف الدواء المناسب لها. يُذكر أنه من غير الممكن في ألمانيا الحصول على المضادات الحيوية من الصيدليات دون وصفة طبية من قِبَل طبيب مصرح له بممارسة المهنة أو مستشفى معترف به، وقلما ينصح الطبيب بالمضادات الحيوية.