نقاش حول التجربة الرأسمالية المصرية في إطلاق كتاب «المصري اليوم»

كتب: أميرة صالح, سماح عبد العاطي السبت 06-11-2010 07:30

Your browser doesn’t support HTML5 video

احتفلت «المصرى اليوم» الأربعاء الماضى، بصدور كتاب «الرأسمالية الطيبة والرأسمالية الخبيثة» من مطبعتها ونظمت بالتعاون مع مترجم الكتاب، مركز المشروعات الدولية بمصر «سايب»، أمسية ثقافية دارت وقائعها بين القاهرة وواشنطن وحفلت بنقاشات جادة عن التحولات العالمية وأوضاعنا الاقتصادية والسياسية.


قال المهندس صلاح دياب، مؤسس «المصرى اليوم» خلال الاحتفالية: «إن الجريدة كانت معنية فى بدايتها بنقل الأخبار ثم اتجهت إلى التنوير بنقل الأفكار بإصدار الكتب، مشيراً إلى أنه يتمنى أن تنتج «المصرى اليوم» 4 كتب سنوياً من هذا المستوى ثم كتاب كل شهر لاحقاً بهدف أن تطور الجريدة نفسها بشكل عميق يليق بالقارئ».


وأضاف: «إن الكتاب الذى صدر يكشف مشاكل الرأسمالية ويحدد أنواعها ويلقى الضوء على كيفية فهم ممارسات الرأسمالية المصرية، لافتاً إلى أن الكتاب يرمى إلى تطوير نظرة الرأسماليين بشكل ينتهى بهم إلى أن يعملوا على تحقيق الفائدة للوطن والمواطنين، لا أن يصبحوا مجرد قشرة صغيرة على رأس المجتمع تتمتع بكل شىء.


واعتذر أحد مؤلفى الكتاب الثلاثة، «روبرت آى ليتان»، عبر الفيديو كونفراس، من واشنطن عن عدم استطاعته حضور الحفل، لانشغاله بارتباطات خاصة، وعَرَض بعض النقاط التى جاءت فى كتابه. وشدد على ضرورة الابتكار والاهتمام به، وأشار إلى ضرورة الحد من «ترسانة القوانين» التى تقلل من قدرات الاستثمار وتعرقل نشاط المبتكرين، بدلاً من تشجيعهم على الانطلاق، ودعا إلى مناقشة عملية عدالة التوزيع، وأكد أن هناك أنواعاً من الرأسمالية لا تقوم بالتوزيع بالشكل العادل، على عكس أنواع أخرى تراعى حقوق التوزيع.


وقال إن أمريكا على سبيل المثال لا تهتم بكيفية توزيع المال، لكن تهتم بتساوى الفرص لكل الناس سواء الأغنياء أو الفقراء، مشيراً إلى أن الفقير لو تم استبعاده من الفرص المتاحة سيشعر برفض من حقق ثروة، وعلق بأن على أمريكا البحث عن ثورة جديدة لرجال الأعمال حتى تتمكن من الخروج من التباطؤ الاقتصادى، الذى أعقب الأزمة المالية العالمية الأخيرة، كما دعا الدول العربية النفطية إلى البحث عن مصادر أخرى للثروة.


وقال مجدى الجلاد، رئيس تحرير «المصرى اليوم»، فى مستهل إدارته للنقاش، حول الكتاب: إن القضية التى يطرحها الكتاب حول الرأسمالية الطيبة والخبيثة، تصلح لأن تكون مفتاحاً للحوار حول التجربة الاقتصادية المصرية وتغيرات عالم ما بعد سقوط جدار برلين، وما بعد 11 سبتمبر، كما تشجعنا على النزول لأرض الواقع، ودعا الدكتور أحمد درويش، وزير التنمية الإدارية، للتعليق على الكتاب والحدث، فقال الوزير: «إن المستقبل سيكون لريادة الأعمال والابتكار، الذى يجب أن يكون أساسا لأى نمو حقيقى»، لافتاً إلى أن الكتاب يطرح 4 أنواع من «الرأسمالية» ثلاثة منها خبيثة وهو يرى من وجهة نظره أن هناك نوعين منها لا يصح أن نطلق عليهما صفة رأسمالية، وهما الموجهة من الدولة والأوليجاركية (رأسمالية الصفوة)، وأضاف أن أى نظام رأسمالى لابد أن يتضمن نظاماً للرقابة مع مراعاة تداعيات أسلوب الرقابة على العمل والاستثمار.


وعرض الدكتور صبرى الشبراوى، أستاذ الإدارة بالجامعة الأمريكية، تطور النظريات الاقتصادية مع الحركة الاجتماعية منذ فجر التاريخ وصولاً إلى قيام شركات رأسمالية كبيرة أصبحت تتحكم فى الصناعة والاقتصاد، الأمر الذى دفع الشباب فى أمريكا للقيام بثورة ضد الشركات الاحتكارية، وقال: حالياً أصبح من العار أن تعلن أى شركة الربح هدفاً رئيسياً، ولابد أن يكون لها دور اجتماعى وحتى الفنانين أصبحوا يتبنون قضايا المجتمع واتجه الفكر اتجاها أكثر إنسانية. وتطرق إلى الوضع المصرى فقال: هناك رأسمالية فاجرة، وأصبح الرأسماليون فى مصر من الممكن أن يكسب الواحد منهم نحو 2 مليار جنيه فى ثلاث أو أربع سنوات، بلا ابتكار ولا إبداع مما يعنى أن علينا أن نسعى لأن تكون الرأسمالية فى مصر رأسمالية مبدعة شعبية تضيف للمبدعين، بحيث يصبح الرأسماليون لهم ضمير اجتماعى يدفعهم لأن ينهضوا بالمجتمع ويستطيع الشعب محاسبتهم.


وقال «إن الرأسمالية فى مصر يسيطر عليها الأسلوب العائلى ولا تهتم كثيراً بالإنفاق على البحث العلمى، ودعا الحكومة إلى تقديم مزايا ضريبية للشركات التى لديها اهتمام وإنفاق على البحث العلمى» منتهيا إلى القول «إن الإدارة العلمية والإبداع والابتكار والقانون والعدالة والتسويق هى الحل وأن على من يرفعون شعار (الإسلام هو الحل) أن يعرفوا أن الإسلام أكبر كثيراً من أن يكون أداة لحل المشاكل اليومية فهو دين قوة وعمل وإبداع وحرية وقيم».


وفى كلمته قال الدكتور أحمد جلال، رئيس منتدى البحوث الاقتصادية، إنه يعتقد أن إصدار «المصرى اليوم» مثل هذا الكتاب إضافة جديدة للثقافة فى مصر وأن الكتاب يفتح النقاش حول قضية كيف يمكن الجمع بين تحقيق مصلحة شركة وتحقيق مصلحة الدولة، ويختلف فى الكتاب فى كونه يحابى نمطاً من الرأسمالية هو خليط بين الشركات الكبيرة وريادة الأعمال، لكنه لم يقل كيف نحقق ذلك، وأضاف: إن الكتاب يتحدث عن نوع من الرأسمالية لا تبدأ كبيرة ضارباً المثل بـ«بيل جيتس»، صاحب شركة ميكروسوفت العالمية قائلاً: إنه لم يبدأ كبيراً إنما بدأ بشركة صغيرة للغاية.


وأبدى إعجابه بالكتاب الذى يتحدث عن النمو الاقتصادى، الذى يأتى من مؤسسات هى وحدات إنتاجية، وقال إننا عندما نتحدث عن نمو اقتصادى عالمى، ونقول إن مصر حققت نمواً اقتصادياً يبلغ 7٪، فإن هذه خطوة جيدة فى حين عندما تحقق الولايات المتحدة الأمريكية نمواً يبلغ 3٪ فتصبح هذه خطوة كبيرة بالنسبة لهم، لأن بيئة النمو لديهم محدودة فى حين أن مصر أمامها مساحة أوسع لتحقيق نمو.


وقال أشرف الجزايرلى، رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لشباب الأعمال، إنهم كشباب رجال أعمال يرون أن المستقبل مسؤوليتهم وهم متفائلون بصدور مثل هذا الكتاب الذى يدعمهم، مشيراً إلى أن الجمعية وجدت تجاوباً رسمياً كبيراً مع الأسبوع العالمى لريادة الأعمال، الذى نظمته بمصر، بعد أن ظل الاهتمام ضعيفاً لسنوات.


ولفت فى الوقت نفسه، إلى واجب الشركات تجاه مجتمعاتها وواجبها تجاه الاستدامة فى النمو، موضحاً أن قضية مثل التعليم قد تفتح الباب أمام القطاع الخاص للنظر فى كيفية دعم وتطوير التعليم. وقال المستشار الدكتور خالد القاضى، أحد ضيوف الحفل، إن الكتاب كان لابد أن يركز على الجوانب القانونية ويدعو إلى منظومة تشريعية، تحكم عمل الرأسمالية، حتى يمكن تمييز الرأسمالية الطيبة والخبيثة، ودعا إلى طرح دعوة عامة لإشاعة الثقافة القانونية والعناية بتطوير النظام القضائى، وقال معتصم راشد، إنه لابد من التركيز على قضية التنمية لا النمو فقط، وقال مصطفى مجدى، مترجم الكتاب، إن ظروف كل رأسمالية ترتبط بطبيعة نشأتها، مشيراً إلى أن الرأسمالية فى مصر تفضل الاستثمار العقارى، بدلاً من خوض المجازفة.


وأكد صعوبة عقد مقارنة بين ريادة الأعمال فى مصر ونجاحها فى دول النمور الآسيوية لاختلاف الظروف العامة فى البلدين، فضلاً عن عدم إمكانية المقارنة بين نجاح ريادة الأعمال فى إسرائيل وفشلها فى مصر خاصة أن إسرائيل استفادت من عسكرة الدولة ومن تكنولوجيات الغرب الداعم لها، فضلاً عن استفادتها من المهاجرين من العلماء من جميع أنحاء العالم فى الشرق والغرب.


ودعا المهندس أسامة المليجى، إلى نشر الاهتمام بالمسؤولية البيئية وسط رجال الأعمال، أسوة بالمسؤولية الاجتماعية، وطالب عبدالمعطى لطفى رئيس اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية، بالحد من سيطرة رجال الأعمال على السلطتين التشريعية والتنفيذية والصحافة والإعلام.


وقال الدكتور عباس بصيلة، إن ترجمة الكتاب خطوة نحو سد الفجوة المعرفية، ودعا «المصرى اليوم» إلى فتح حوار أوسع، حول سلبيات وإيجابيات النمو الرأسمالى فى مصر، وفى المقابل رفض الكتاب على سالم، ترجمة كلمة «bad» الواردة فى الكتاب بأنها «خبيثة» وقال إن رجال الأعمال فى مصر سيعانون فى السنوات المقبلة من كلمة الخبيثة وسيساء استخدامها فى الإعلام فى كل نقاش عام، وطالب بضرورة مراجعة ترجمة الكلمة واقترح استبدالها بـ«الرديئة»، وتم فى نهاية الحفل تقديم درع «المصرى اليوم» إلى رندة الزغبى، مدير «سايب مصر»، لجهودها فأهدته بدورها إلى كل العاملين معها.


حضر الحفل نخبة من أساتذة الاقتصاد ورجال الأعمال والصحفيين وكتاب «المصرى اليوم» وفريق «سايب مصر»، ونخبة من الشخصيات العامة.