جمهورية شمس المعارف الكوبرا

جمال الجمل الخميس 05-05-2016 23:19

(1)

يحكى أن رجلا من بلادٍ بعيدة، ظهر وسط الناس في زمن مشحون بالمشاكل والأزمات، وقال لهم: ما تخافوش.. أنا عندي حل لكل مشاكلكم، مهما كانت صعوبتها.

- سأله الناس باهتمام: أنت مين؟

* عيب.. ما حدش يسألني سؤال زي ده، أنا من يسمع العالم كلامه ويقول: الله عليك يا سيدي.. لازم تسمعوا كلام الراجل ده.

- يعني مش لازم نعرف أنت مين؟ ومؤهلاتك إيه؟ وبرنامجك إيه للحل؟

* يبقى مش عايزين تحلوا مشاكلكم.. بطلوا كلام فارغ.. انتو بتضروا نفسكم وتضروا بلدكم، أنا معايا الخاتم والسيف.. مش عاجبكم أمشي، وسلامو عليكو.

- ليه بس؟

* علشان الغرقان لازم يمد إيده لأى حد عايز ينقذه مهما كان شكله أو منظره، كفاية إنه يكون بيعرف يعوم وخلاص.. الغرقان ما بيطلبش CV من أي حد جاي ينقذه.. فأنتم يا إمًا مش حاسين إنكم بتغرقوا؟ أو من أهل الشر ولكم مصلحة إن بلدكم تغرق

- مصلحة إننا نغرق؟!.. لا طبعا.. طيب اتفضل يا سيـــدى

* بصوا أي مشكلة، ممكن أحلها بعد الفترة المحددة، حيث يتم تشكيل 6 مجموعات لعرض الحلول والمقترحات.. وهى كالآتى:

(2)

مجموعة وزارية حكومية مختصة بالمشكلة ومتشابكة معها، وكام لقاء مع مندوبين عن الأحزاب والبرلمان، ومنظمات المجتمع المدنى (جمعيات ونقابات.. الخ ) ورجال الأعمال المهتمين بالمشكلة، ثم خبراء في نفس المجال من خارج وداخل مصر، وملف كبير بالخبرات والتجارب الدولية، وكل هذا نركنه على جنب، فهو تفاريح للأولاد ومناسبة للكلام وصور السيلفي، ومنظر للتمويه كده عشان أهل الشر.. أنت عارف طبعاً، لكن المهم جدا هو المجموعة السادسة والأخيرة، وهي «المجموعة اللوذعية».

(3)

- إيه المجموعة اللوذعية دي سعاتك؟

* يعنى فهمتوا كل الكلام اللى فات، ووقفت في زوركم كلمة «اللوذعية»؟.. شعب مناكف صحيح!. عموماً أنا عاوز أقول حاجة، بس افهموها كويس قوي، وحطوها حلقة في رجلكم

- قصد في ودنكم؟

* لأ.. لأ... قصدي في رجلكم، واللي فاهم يفهم اللي مش فاهم.. إحنا مش هنسيب البلد تضيع من إيدينا.. لن أسمح..

- طب اتفضل كًمِّل

* نفرض إننا عندنا مشكلة من أي نوع، مثلا عاوزين نعمل مليون وحدة سكنية فوق سطح الشمس (ممكن ناس محبطة وبتاع تنظير زيكم تقول: صعب ومستحيل، وتوقف المراكب السايرة، لكن إحنا بنعمل معجزات، ولما الشركات العالمية تقول: صعب. لازم نرد بوضوح: احنا ما بنعملش شغلنا كده، ونقعد مع الإخوة في إدارة الهندزة الشمسية، ونطرحن الحلول المقترحة كلها.. كولاهـاه.

(4)

ويحكى أن «صحافة العار» تابعت أخبار المشروع القومي الشمسي، فوجدت أن هناك ثلاث مجموعات تتناحر فيما بينها: البيروقراطيون الذين يعوقون كل شىء باسم القانون، إلا إذا قدمت لهم الشفرة الشهيرة «فودة كود» تفادياً لطلسم الشعار الخالد: «اللوائح لا تسمح»، والمجموعة الثانية هي فرقة الطلبخانة الذين يرددون أناشيد: إيه العظمة دي كلها.. ده خبلان.. ده فظعان.. ده جنااان.. ده عبقريان... ثم بعد الكلام لا تجد أي شىء على الأرض (أقصد على الشمس)، أما المجموعه الثالثة، فكانت هي المفاجأة، وتسمى «المجموعة اللوذعية» حيث قدمت ما يزيد على 35 طريقة لحل المشاكل المستعصية بعضها على الناشف، وبعضها على ما تفرج، وبعضها جهاز تحط فيه الكلام من هنا يطلع مساكن من الناحية التانية ومفروشة وبالعروسة كمان، وأضافت «الصحافة العميلة» أن الحلول كلها جديدة، ولم تخطرعلى بال إنسان من قبل.. لدرجة أن المواطنين الشرفاء خروا ساجدين ووقفوا في الطوابير فعلا لشراء تذاكر السفر إلى الشمس وحجز الوحدات السكنية، وإن كان هناك خلافات بسيطة على مساحة الحدائق ومواعيد التسليم يجري تذليل العقبات بشأنها.

(5)

- سأل أحد الصحفيين: وكيف يتم اختيار «المجموعه اللوذعية» من وسط 90 مليون إنسان طبيعي؟

* عايز تعرف ليه.. مش هتبطلوا تتحشروا في الكلام عن مصالحكم.. احنا عارفين شغلنا كويس؟

- لا بس كنا عاوزين نطمن.

* اطمنوا.. ماتخافوش.. احنا ما بنخافش.. اللي يقف على السقالة فوق سطح الشمس «ما بيخافش».

- وبعد فترة من الزمن، ومتابعة أخبار اللجان وتقارير المجموعات، سأل الناس: هي المشكلة اتحلت والا لسه؟

* احنا هنهزر والا إيه؟ احنا بنتكلم في كام شهر، مش كام قرن!.. يعني لسه قدامنا فترة تحضير، وفترة تمويل، وفترة مناقشات، ومباحثات سرية غير مذاعة إعلاميا، وبعدها بقى ابقوا اتفرجوا على النتيجة... شىء ما حصلش.

(6)

- فعلا.. شكله شىء ما حصلش ومش هيحصل!

* كفاية تشكيك، لازم تعرفوا إن اللي بنعمله اسمه في العلوم السياسية «مشروع إنقاذ بتوافق مجتمعى»، وهو ده الإعجاز العلمي.

- لكن كل ده برضه وماعرفناش مين حضرتك؟

* أنا رئيس المجموعة اللوذعية في الجمهورية الفلكية لشمس المعارف الكوبرا.

............................................................................................................................................

@ من وحي مقال ساخر للقارئ الدكتور عماد سند أرسله على بريدي الاليكتروني في مارس الماضي، والمقال فانتازي ليس له أدنى علاقة بأحداث أو اشخاص واقعية في هذه المرحلة ولا في غيرها.

tamahi@hotmail.com