من داخل مدينة «شيرى».. «المصرى اليوم» تكشف أسرار صناعة السيارات الصينية!

كتب: اخبار الأربعاء 04-05-2016 21:16

من يسمع ليس كمن يرى.. وهذا ما حدث معى شخصياً.. كانت لدى شكوك كثيرة نحو صناعة السيارات الصينية ومدى قدرتها لاحتلال موقعاً مميزاً على خريطة صناعة السيارات العالمية باعتبارها صناعة وليدة، ومنذ ظهورها كانت تعتمد على التقليد باستنساخ نماذج لطرازات من السيارات تعود فى الأصل لشركات عالمية لها باع وتاريخ طويل فى صناعة السيارات وبعضها يجسد أصل الصناعة، حيث أن هناك أسماء يعود تاريخ ظهورها الى القرن الثامن عشر، ولكن ما حدث خلال الخمسة او الأربعة سنوات الماضية لصناعة السيارات الصينية لا بد أن نتوقف عنده نظراً للطفرة السريعة والكبيرة التى حدثت لهذه الصناعة وظهرت من خلال نماذج وطرازات فعلية خاصة ببعض الشركات الصينية وعرضت فى معارض السيارات الدولية الشهيرة، وإذا كان ما يصلنا من أخبار عن كل هذا قليل نظراً لأن السيارات الصينية والتى تعود إلى أسماء شركات لم نتعود عليها كما تعودنا على الأسماء اللامعة الشهيرة سواء الأوروبية أو الأمريكية أو اليابانية والتى نعرفها جيداً بحكم الكثير من التأثيرات التى انعكست على صناعة السيارات العالمية، والتى لم يكن للسيارات الصينية أى تأثير يذكر عليها على الرغم من تكالب شركات السيارات العالمية على الاتجاه للتصنيع داخل الصين للاستفادة من الكثير من المزايا التى تعود الى هذه السوق وأهمها التعداد السكانى الرهيب والذى يتعدى المليار وثلاثمائة مليون نسمه.. عندما رشحنى المشرف العام على ملحق السيارات خالد أباظة لأكون ممثلاً لـ «المصرى اليوم» فى الرحلة التى نظمتها شركة چى بى غبور أوتو لمجموعة من الإعلامين المصريين، لزيارة مصنع شركة «شيرى» وتجربة بعض من طرازاتها الجديدة والتى رأينا بعضاً منها فى جناح الشركة بمعرض أوتوماك-فورميلا فى مارس الماضى، والتى حصلت غبور على حق توزيع وصيانة تلك الماركة الصينية الأولى والأكبر بين شركات صناعة السيارات فى الصين وتزامن ذلك بعد أسابيع قليلة من الاتفاق والعقد التاريخى بين مجموعة غبور وشركة أبوالفتوح والذى يعد الأول من نوعه فى تاريخ سوق السيارات المصرى، فى بداية الأمر لم أكن متحمساً للقيام بمثل هذه المهمة نظراً لطول المسافة بين مصر والصين وبالتالى زمن رحلة الطيران وفارق التوقيت وما يترتب على ذلك من اختلال بيولوجى فى جسم الإنسان، ولكن قبل السفر بساعات شعرت بحماسة كبيرة فبغض النظر عن الكثير من الأسباب غير المشجعة إلا أن رغبتى الملحة فى الحصول على حقيقة ما يرد إلى مسامعنا عن السيارات الصينية والإشاعات الكثيرة التى لا تريد لها النجاح والانتشار داخل سوقنا والتى يرددها البعض ممن يعملون داخل سوق السيارات المصرية، عندها فقط تيقنت أن الرحلة مع شركة غبور إلى عقر دار شركة «شيرى» فى مدينة WUHU والتى تبعد مسافة ١٠٥٠ كم تقريباً عن العاصمة الصينية بكين هى الفيصل للحكم الشخصى لى وتكوين صورة كاملة أستطيع نقلها الى قارئ جريدة «المصرى اليوم» سواء المهتم بالسيارات او غيره بكل حيادية.

بكين عاصمة «مسجلة»!

وصولنا إلى العاصمة الصينية بكين جاء بعد رحلة طيران استمرت لمدة ١٤ ساعة تقريباً تخللها انتظار فى مطار دبى ورغم طول الرحلة إلا أن المتعة كانت حاضرة وتمثلت فى تجربة قلما قد تحدث لشخص ما فالطائرة التى أقلتنا من مدينة دبى إلى بكين كانت من نوع AIR BUS 380 والتى تعد أحدث وأكبر طائرة ركاب فى العالم وتتكون من طابقين كاملين يخصص الدور العلوى للدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال والدور السفلى للفئة الاقتصادية، عقب وصولنا شعرنا باننا قد يكون غير مرحب بنا من العاصمة الصينية إذا استقبلتنا طرقها وشوارعها بزحام مرورى كبير وغريب جعلنا نترحم على زحام شوارعنا فى القاهرة والجيزة وعندها اكتشفنا أن مدينة بكين من العواصم العالمية المسجلة ضمن المدن الأكثر ازدحماً فى العالم وهى معلومة لم يكن يعلمها معظمنا، ورغم محاولات السلطات الحكومية فى الصين القضاء على هذه الظاهرة ببعض الإجراءات مثل تقييد الحصول على اللوحات المعدنية للسيارات والتى تتم عن طريق المزاد أو السماح للسيارات ذات الأرقام الفردية بأيام محددة والأرقام الزوجية بأيام أخرى، إلا أن ذلك لم يخفف من حدة الزحام.

NIGHT OF CHERY

فى اليوم الثانى لتواجدنا ببكين أقامت شركة «شيرى» احتفالية كبرى تم تخصيصها للإعلامين فقط سواء المحليين أو العالميين والتى قامت بدعوتهم من جميع أنحاء العالم للتعرف على توجهها الجديد نحو المستقبل، وتحت اسم NIGHT OF CHERY وبحضور رئيس شركة «شيرى» TONGYAO YIN والقيادات العليا بالشركة قام CHEN ANNING المدير العام التنفيذى بشرح استراتيجية شركة «شيرى» فى المستقبل فى مجال الأعمال ككل مشيراً إلى أن «شيرى» احتفلت العام الماضى بخروج السيارة رقم ٥ مليون من خط الإنتاج منذ بدأ إنشائها عام ١٩٩٧ كما احتفلت أيضاً بتصدير السيارة رقم مليون و٢٠٠ ألف إلى الأسواق العالمية، فى حين قدم PETER MUELLER -المدير المسئول عن العلامة التجارية والاستراتيجية والذى يعمل تحت يديه فريق عمل كبير متعدد الجنسيات والخبرات فى مقر شركة «شيرى» للتصميم بمدينة شنغهاى- عرضاً لما ستكون عليه موديلات «شيرى» فى المستقبل مؤكداً بأن تلك الاستراتيجية بدأت منذ عام ٢٠١٢ لتغيير شكل ومفهوم «شيرى» منذ ظهورها فى عام ١٩٩٧، وذلك للوصول بها إلى مكانة عالمية كبيرة مثل العديد من الأسماء الأخرى ذات التاريخ فى صناعة السيارات وكذلك المستهدف من العملاء حول العالم موضحاً أن الهدف من خلال إستراتيجية CTCS أو Chery Technical Center Shanghai هو ترسيخ علامة «شيرى» عالمياً وهو ما بدأ مع تغيير شعار الشركة من خلال تقديم سيارات ذات جودة عالية مع الاتجاه لتصميمات سيارات أكثر شبابية إلى جانب إنتاج سيارة صينية رائدة عالمياً مؤكداً على أن الشريحة المستهدفة من العملاء خلال السنوات القادمة ستكون من فئة الشباب بين ٢٥ و٣٥ عاماً الذين تتميز حياتهم بالنشاط والديناميكية والانطلاق والقدرة على التواصل الاجتماعى بسرعة وبأحدث أساليب العصر فى مجال التكنولوجيا، وهؤلاء هم من سيمثلون السفراء لاسم «شيرى» عالمياً.

شخصيات هامة

أما الشخص الذى ينسب إليه الفضل فى خروج التصميمات الجديدة والمبتكرة والذى يتبنى شعار LIFE IN MOTION فهو الكندى الانجليزى JAMES HOPE مدير قطاع التصميم والذى يحمل خبرة ٢٠ عاماً فى العمل بالعديد من شركات السيارات العالمية ومنها چنرال موتورز وفورد.. أشار إلى أن فلسفته هو وفريقه تقديم موديلات تجمع فى خطوطها التوافق بين الطبيعة والإنسان مثل النموذج التصورى FV2030 الذى يبرز كيف ستظهر سيارات «شيرى» فى المستقبل، يشير النموذج إلى الحياة الراقية للعملاء فى المستقبل من خلال فلسفة التصميم الديناميكية التى تبرز روح الشباب واستخدام التكنولوجيا الرقمية لأقصى الحدود، ويذكر أن القائد الذى يتولى مسئولية فريق CTCS والذى يقع على عاتقة مستقبل «شيرى» ومكانتها العالمية هو RAYMOND BIERZYNSKI وهو صاحب خبرة تصل الى٣٠ عاماً من العمل داخل شركة چنرال موتورز الأمريكية.. وفى تلك الاحتفالية وجدنا ثناءً كبيراً من قبل قيادات شركة «شيرى» الأم لمصر وتفاؤلهم بسوق السيارات فى المستقبل بالإضافة إلى تقديرهم العميق لمجموعة غبور مع ثقتهم فيما تمتلكها من إمكانيات كبيرة على جميع المستويات ستمكنها من تحقيق المستهدف لاسم «شيرى» داخل سوق السيارات فى مصر.

WUHU مدينة لا تعرف غير «شيرى»

أثناء انتقالنا من مكان إلى أخر داخل بكين لاحظنا أشكالاً لا حصر لها من أنواع السيارات، الكثير منها لأسماء شركات صينية وعدد لا باس منها أوروبى يصنع بالصين بالتأكيد ولاحظنا أيضاً شبه اكتساح لعلامة فولكس ڤاجن فى الشوارع وعلى الطرق والسبب بمنتهى البساطة أنها الشركة الأولى التى قامت منذ التسعينيات بافتتاح مصنع لها كأول شركة أجنبية لصناعة السيارات تنتج سياراتها داخل الصين، وأنه رغم أن شركة «شيرى» هى الأكبر والأولى ضمن الشركات المصنعة للسيارات فى الصين إلا أنها لا تلاحظ بالشكل الكافى داخل العاصمة الصينية نظراً للكم الكبير والمتنوع من الماركات المحلية والعالمية، ولكن فريق التسويق بالشركة الأم وضح أن علينا الانتظار حتى وصولنا الى المقاطعة التى تنتمى إليها الشركة فى مدينة WUHU لنرى مدى حجم وإمكانيات «شيرى» وكذلك مدى انتشار موديلاتها فى المقاطعة التى توجد بها المدينة.

Challenge for more.. شعار «شيرى» مع موزعيها

مدينة WUHU عقر دار «شيرى» والتى احتضنت الكثير من الفعاليات على هامش الحدث العالمى الكبير للشركة الصينية الأولى، فقد شهدت عقد اجتماعات بين الشركة الأم وموزعيها حول العالم والذين بلغ عددهم ٢٠٠ موزع وكان شعار تلك الاجتماعات والتى ضمت وكلاء الشركة وموزعيها فى الشرق الأوسط وأفريقيا أيضاً CHALLENGE FOR MORE وقد ناقشت قيادات الشركة معهم خططها المستقبلية نحو خطة 2.0 والتى تعتبر الانتقال الثانى للشركة إلى أفق أكثر تميزاً ونحو الانطلاق إلى العالمية وجعل اسم «شيرى» من الأسماء ذات الثقل فى عالم السيارات، ولا سيما وأنها مع شركائها تستطيع المنافسة فى كل قطاعات السيارات المتوفرة وعلى سبيل المثال فهى بشراكتها مع «چاجوار-لاندروڤر» تستطيع المنافسة فى القطاعات الفخمة والكبيرة ولا يبقى سوى موديلات وطرازات «شيرى» ومنها أريزو 5 و7 والتى تنافس وبكل ثقة فى قطاع B SEGMENT، وجدير بالذكر هنا أن شركة «شيرى» هى أكبر مصدر صينى للسيارات إلى العالم وذلك على مدار ١٣ عاما.

الإنتاج.. تكنولوجيا ومراحل متعددة

تم تنظيم زيارة كبيرة وموسعة لجميع المدعوين سواء من الإعلامين والمنتمين الى ١٠ دول من بينها مصر بالطبع، بالإضافة الى الموزعين لزيارة مصنع «شيرى» والتعرف على طرق ووسائل الإنتاج ليقفوا بأنفسهم على مدى قدرة وإمكانيات المصنع على إنتاج سيارات جديرة بالاحترام والثقة لا تختلف عن أى من الطرازات التى تخرج من المصانع العالمية سواء الأوروبية أو غيرها.. مع دخولنا للمصنع وجدنا مجموعة كبيرة من المحركات موجودة للعرض تمثل جميع أنواع المحركات التى تنتجها الشركة وتقدمها فى طرازاتها المختلفة، سعتها اللترية تبدأ من ٨٠٠ وحتى ٣٠٠٠ سى سى وتلك المحركات تعمل بأحدث التقنيات مع اختلاف دورها المطلوب فى أى من الطرازات وفقا للموديل والسوق المراد التوجه إليه.. وبالانتقال على عمليات الإنتاج للسيارات المختلفة داخل المصنع لم نجد سوى الروبوت الذى يقوم بنسبة ٩٠٪ من عمليات التصنيع والإنتاج وإن العامل البشرى يتدخل فى ١٠٪ فقط من العمليات، الروبوت يتم استيراده وفقاً لمصادر الشركة من أشهر الشركات اليابانية والأوروبية المتخصصة فى هذا الشأن، والمصنع الذى يعد واحد من ثلاث مصانع أخرى متواجدة فى مدن أخرى تبلغ طاقته الإنتاجية السنوية ما يقرب من ٩٠٠ ألف سيارة من مختلف الموديلات والطرازات.. ولم تكتفى الشركة بعرض إمكاناتها التصنيعية، بل تعدتها إلى زيارة عدد من المختبرات ومنها وحدة اختبار قوة ومتانة السيارات والتى أبهرت الجميع نظراً لكبر مساحتها وإمكاناتها التى تتوافق مع المعايير العالمية ويكفى أن نعرف أن طراز مثل أريزو 5 قد حصل على تقدير خمس نجوم فى اختبار التصادم الصينى C- NCAP، أما الشىء الذى أثار إعجاب الجميع داخل المختبر هو وحدة تصميم دمى اختبارات التصادم والتى تحاكى ما يمكن ان يحدث للادميين اذا ما تعرضوا لحوادث تصادم بسياراتهم باختلاف أحجامهم سواء كانوا بالغين أو أطفال، وداخل المختبر أوضح لنا أحد المسئولين بأن أحدث الدمى التى يتم استخدامها يبلغ ثمنها٢٠٠ ألف دولاراً تقريباً، وهى أحدث ما وصلت اليه التكنولوجيا فى مجال صناعة دمى التصادم عالمياً.. ومن المختبرات الأكثر أهمية داخل مصنع شركة «شيرى» ذلك المخصص لقياس نسب الضوضاء والتى يمكن أن تخرج من السيارة أثناء القيادة ويمكن أن تسمع داخل مقصورة الركاب بالإضافة إلى قياس نسبة العادم التى تخرج من محركات السيارات وذلك المختبر يوجد به مجموعة من الفنيين يقوموا من خلال مجموعة من الحواسب بتسجيل كل ما يظهر على أجهزتهم من خلال مجموعة كبيرة من أنظمة الاستشعار والمثبتة على كل أجزاء جسم السيارة المراد اختبارها، وقد حاولنا التصوير داخل الوحدتين السابقتين ولكن ذلك قوبل بالرفض التام.. وللوقوف على مدى تطور وحداثة طرازات «شيرى» الجديدة أتيحت لنا فرصة التعرف السريع عليها بإجراء مجموعة من تجارب القيادة على حلبة أعدت خصيصاً لهذا الهدف.