شقق للأغنياء.. أم لمحدودي الدخل؟

عباس الطرابيلي الإثنين 02-05-2016 20:08

سألنى شاب تجاوز الثلاثين من عمره: ماذا أفعل لكى أتزوج وأنا خريج جامعى؟.. وكم عاماً أعمل بكل اجتهاد لكل أدخر احتياجات هذا الزواج.. وأمامى عدة عقبات، ومعارك.. المعركة الأولى تدبير مقدم الشقة.. وأحمل هموم تدبير أقساطها أو إيجارها.. وكم عاماً أعمل لكى أوفر ثمن الشبكة.. ثم قيمة المهر.. تليها تكاليف تجهيز شقة الزوجية؟! وقال: حسبتها.. وجدتنى أحتاج إلى 240 عاماً لكى أدبر كل ذلك من العمل الجاد والعرق، كيف ذلك ومتوسط عمرنا 70 عاماً؟!

وعجزت عن إقناع الشاب بإجابة مقنعة.. فالشقة- لمحدودى الدخل- من شقق الحكومة التى أعلنت عنها- وطبل البعض وزمر وأحرق البخور- يصل سعرها إلى 154 ألف جنيه.. ومساحتها 90 متراً. لأن المصرى لن يقنع بشقة زوجية مساحتها 60 متراً.. فهى شقة العمر كله.. ويقول: أنا من دمياط والحكومة أعلنت عن شقق فى منطقة الملاحات ووسط مناطق زراعة الأسماك على طريق بورسعيد، عند ضاحية مدينة شطا- 10 كيلومترات شرق دمياط- فى منطقة لا تصلح لبناء عمارات.. فالمياه الجوفية ستأكل الأساسات لأنها من مياه البحر المالحة.. أو من مياه غريبة هى مياه بحيرة المنزلة!!

والحكومة- يواصل الشاب- خدعت الشباب.. فى البداية قالت إن المقدم هو 5000 جنيه، ولكنها عادت- بعد أيام- ورفعت هذا المقدم إلى 9000 جنيه، على أن يقوم الشاب بتوصيل هذا المقدم إلى 30 ألف جنيه.. عند الاستلام بعد عامين.. أما الإيجار، أو القسط الشهرى، فهو 480 جنيها ولمدة 20 عاماً.. على أن يزيد هذا القسط فى بداية كل عام بنسبة ٧٪ هى قيمة الفوائد.. يعنى أكثر من 500 جنيه شهرياً.. فلماذا يطلقون عليها شقق محدودى الدخل؟!

هنا يتدخل فى الحوار صديقنا الدمياطى «المعجون» بهموم الشباب ويعانى ربما أكثر منهم، الدمياطى حسنى المتبولى، ويقترح ألا تحسب الدولة قيمة أرض المبانى إلى القيمة النهائية، لأن قيمة الأرض تصل إلى 40٪ من إجمالى التكاليف.. فلا يتحمل الشاب إلا قيمة المبانى.. وتظل الأرض ملكاً للدولة.. تماما كما هو الوضع فى مساكن وقصور ومبانى «عشش رأس البر»، التى يبنى عليها الناس.. ولكن يدفعون ما يسمى «جُعل» مقابل استخدامهم الأرض.. وعلى نفس المنوال أقامت المحافظة عمارات العرائس فى مدخل رأس البر.. وبالتالى ساهمت الدولة فى توفير المساكن.. والأهم «تخفيض قيمة الشقة».

ووجدت فى اقتراح الدمياطى الحاج حسنى المتبولى حلاً لما نراه الآن من ارتفاع ثمن الشقق، خصوصا أن عمر الشقق التى أعلنت عنها الحكومة فى دمياط أقل كثيراً من عمر مثيلاتها على الأرض الطينية أو الرملية.. وكلها ملك الدولة وكفى- يضيف الحاج حسنى- ما يتحمله الفائز بالشقق من أعباء الانتقال من سيدى شطا إلى حيث يعمل وسط دمياط القديمة.. والعكس.. ونفس الوضع مع الشقق التى تقيمها الدولة فى دمياط الجديدة، وإذا كانت الحكومة تخشى «المتاجرة» فى هذه الشقق فعليها أن تشترط عدم التصرف فيها إلا بعد سداد كامل القيمة بعد 20 سنة.. وأراضى دمياط الجديدة- مثل أراضى شطا- ملك للدولة.. وهذه هى أفضل طريقة لتوفير أو تقليل قيمة الشقة.. وبالتالى قيمة القسط الشهرى.. وتلك هى المساهمة الحقيقية التى تقدمها الدولة وتدعم بها الشباب.. الباحث عن الزواج.

** وأرى أن هذا الاقتراح يساهم فى تقليل أعباء الشباب، وتقليل فترة العمل لتوفير المقدم الذى زاد «بقدرة قادر» فجأة، وكأنها كانت «فخاً» حكومياً لتحصل على مقابل سحب الكراسات.. والمقدمات وغيرها.. وكان الله فى عون الشاب ليدخر ثمن الشبكة، ثم المهر.. ثم تجهيزات شقة الزوجية.. هذا أو يزداد العبث غير الشرعى فتنهار الحياة الاجتماعية بين المصريين.