حلب تحترق.. يسقط العالم

الدكتور مصطفى النجار الإثنين 02-05-2016 19:48

يتواصل القصف الجوى للمستشفيات والمساجد والبيوت فى حلب العاصمة الثانية لسوريا والعالم يتفرج، ويخرج المجرم والإرهابى بشار الأسد ليقول للعالم إنه يحارب الإرهاب ومطلوب منا أن نصدقه! تشارك روسيا فى المذبحة بجوار إيران وحزب اللات فتنزعج أمريكا وتخاطب روسيا بكل رفق مطالبة بتخفيف العنف! وكأنها تقول لهم: نحن معكم أكملوا القتل لكن لا تجعلوا العالم يرى إجرامكم.

مصرالرسمية واقفة فى مكانها تتفرج على ما يحدث وكأنها غير معنية، فى السعودية وتركيا يطلقون مزيداً من التصريحات النارية التى تُوّصف إجرام بشار ويدعمون بعض عمليات الإغاثة الإنسانية ولا يفعلون المزيد، فى مصر تتعالى أصوات مختلة تبرر قتل السوريين وتقول إن الشعب السورى هو السبب، لأنه تبنى خيار المعارضة المسلحة، وكأن الشعب حمل السلاح قبل أن يقوم جيش بشار بضربهم بقذائف الدبابات والطائرات وبراميل البارود المتفجر والغازات الكيميائية فى المجازر المتواصلة على مدار خمس سنوات لتحصد أرواح ما يزيد على نصف مليون سورى حتى الآن!

ينزح السوريون من حلب وأدلب فيقصفهم الطيران فى مخيمات قاح وأعزاز وكأنهم لا خيار لهم سوى الموت، يتم خلط الأوراق ويخرج الجهلة الذين يستسهلون الأمور ويقولون نحن لا نعلم من القاتل، رغم أن القاتل واضح لكنهم أدمنوا تمجيد القاتلين وتجريم المذبوحين.

جربت روسيا أسلحتها الجديدة فى قتل السوريين كما قال رئيسها السفاح قبل ذلك، حين قال جربنا أسلحتنا الجديدة فى حرب حقيقية أفضل من المناورات التخيلية! جاءت روسيا لتكمل الدور الإيرانى القذر فى دعم نظام قاتل لشعبه ووقف العالم يتفرج كعادته وتحول المشهد السورى إلى فيلم رعب تتابع لقطاته لتبصق على وجه العالم، الذى يتشدق بالإنسانية العرجاء التى لا تبالى بقتل مئات الآلاف من الأبرياء للحفاظ على كرسى حكم لمجرم خسيس ووضيع مثل بشار.

تعتقد الدول الكبرى أن صمتها عن الجحيم السورى سيشفع لها وسيجعلها فى مأمن من لهيبه، لكن الحقيقة أن كل صور القتل الدامية والمرعبة التى تداولتها وسائل الإعلام العالمية هى نذير شؤم وبشارة بخروج جيل جديد من الإرهابيين الذين سيوجهون نيران غضبهم وانتقامهم للعالم بأسره، ومن سكتوا اليوم أو شاركوا فى الجريمة سيدفعون ثمنها غدا، هذه سنة الحياة!

حلب صارت مدينة أشباح منذ سنوات لكن الخراب والدمار الحالى لم يكف نظام بشار المجرم الذى يتعلل بوجود المعارضة فى جنباتها فيقرر تسويتها بالتراب حتى تختفى منها كل آثار الحياة، حلب هى إحدى أقدم مدن العالم، وكانت عاصمة لمملكة يمحاض الأمورية، وتعاقبت عليها بعد ذلك حضاراتٌ مختلفة مثل الحثية والأرامية والآشورية والفارسية والهيلينية والرومانية والبيزنطية والإسلامية.

حلب هى عنوان للحضارة الإنسانية التى تراكمت فى أراضيها، من يتجول فى قراءة تاريخ المدينة سينبهر بما منحته للبشرية من علوم وفنون وتراث بديع، المجرم بشار لا يحارب الإرهاب بل هو صانع ومنتج له، بشار يحارب الإنسانية والحضارة وهذه عادة كل ديكتاتور تافه ستطأه أقدام شعبه عن قريب ليلحق بالهالك القذافى وأمثاله.

صبر جميل والله المستعان على ما يصفون، يا دموع الثكالى يا صرخات اليتامى صبرا فإرادة الشعوب ستنتصر ولو بعد حين!

alnagaropinion@gmail.com