تحت عنوان «الثروة الحقيقية للأمم: مسارات إلى التنمية البشرية»،أعلنت منظمة الأمم المتحدة الخميس تقرير التنمية البشرية لعام 2010، واحتلت مصر المركز الرقم 101 - في فئة التنمية البشرية المتوسطة- بين 169 دولة، في مؤشر قياس مدى تحقيق الدولة لإنجازات في مجالات الصحة والتعليم والدخل، في حين جاءت النرويج وأستراليا ونيوزيلندا في المقدمة، وتذيلت النيجر والكونجو وزيمبابوي القائمة.
أوضح التقرير تقدم دول عربية على مصر منها الجزائر في المركز 84، والبحرين (39)، تونس (81)، والإمارات (32)، والسعودية (55)، والكويت (47)، والأردن (82).
وقال: إن هناك خمس دول عربية على قمة دول العالم في سرعة معدل التنمية على المدى الطويل بين 135 دولة، وهي سلطنة عمان في المركز الأول، تلتها السعودية في المركز الخامس، ثم تونس في المركز السابع، والجزائر في التاسع والمغرب في العاشر.
أوضح التقرير أن «مصدر هذا التقدم ليس إيرادات النفط والغاز كما قد يفترض» وإنما هو نتيجة «للإنجازات الكبيرة التي حققتها هذه البلدان في الصحة والتعليم، أي في البعدين غير المرتبطين بالدخل من دليل التنمية البشرية».
وفي فئة التنمية البشرية المتوسطة جاءت سوريا في المركز (111) والمغرب (114)، وضمت فئة التنمية البشرية المنخفضة اليمن (133) وموريتانيا (136) والسودان (154).
وذكر التقرير أن ترتيب الدليل لهذا العام لم يشمل العراق ولبنان وعمان والصومال والأراضي الفلسطينية المحتلة نظرا للنقص في البيانات.
ولفت التقرير إلى أن تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2009 أظهر تناقضات واضحة بين الممارسة الفعلية والدعم الرسمي للديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون.
وأشار إلى أن بعض الدول تتميز بنظام متعدد الأحزاب، بما في ذلك الأردن وتونس والجزائر ومصر واليمن، في حين أن لبنان والمغرب يختلفان عن سائر البلدان من حيث التعددية السياسية التي تسود منذ الاستقلال.
وقال: إنه لا تزال حكومات عديدة تفرض قيودا على الحريات السياسية؛ إذ إن جميع دول الخليج العربية، باستثناء البحرين، تحظر مثلا إنشاء التنظيمات السياسية.
وأضاف أن المنطقة شهدت مؤخرا تقدما ملحوظا على صعيد الإصلاحات الديمقراطية، إلا أن العديد من هذه الإصلاحات قابلته تدابير تقيد حقوق المواطنين في مجالات أخرى.
وقال: إن من الخطوات الإيجابية إنشاء الجمعيات التمثيلية في الإمارات العربية المتحدة وعُمان وقطر، وتنظيم انتخابات رئاسية بمشاركة العديد من المرشحين في مصر في عام 2005 .
ورأى أنه حتى الآن لم تحدث هذه الإصلاحات «تغييرا في الأساس البنيوي للسلطة في البلدان العربية، حيث ما زالت السلطة التنفيذية تبسط سيطرتها، دون الخضوع لأي شكل من أشكال المساءلة».
وضرب المثل بمصر قائلا: «عدلت مصر دستورها للسماح للعديد من المرشحين بالتقدم للانتخابات الرئاسية، ولكن سرعان ما أصدرت قانونا يحصر هذا الحق بالأحزاب القائمة».
وأشار التقرير إلى تحسن قطاع التعليم في معظم الدول العربية، وقال إن معدل التحاق الفتيات بالمدارس في مصر ارتفع من الخمُس الأكثر فقرا من حيث الدخل حوالى 18 نقطة مئوية مقابل خمس نقاط مئوية فقط في الأكثر ثراء في الفترة من 1995 إلى 2000.
وقال التقرير: إن قوانين العمل تساهم أحيانا في الحد من فرص الإناث في العمل، ففي مصر لا يسمح للنساء بالعمل ليلا في معظم الصناعات، ولا تزال فجوة الأجور واسعة بين الجنسين في كثير من دول العالم.
وذكر التقرير أن متوسط العمر المتوقع عند الولادة في البلدان العربية ارتفع من 51 سنة في عام 1970 إلى 70 سنة حاليا وهو ما يمثل أفضل تحسن شهدته مناطق العالم، وتضاعف معدل الالتحاق بالمدارس في البلدان العربية خلال العقود الأربعة الماضية؛ إذ ارتفع من 34 % عام 1970 إلى 64 % اليوم.
وأشار التقرير إلى أن لبنان وجيبوتي هما «البلدان العربيان الوحيدان اللذان سجلا أداء أقل من المستوى المتوقع لهما».
وأضاف أنه «في حالة لبنان كان هذا التعثر في الأداء نتيجة لحرب طويلة وحالة من عدم الاستقرار السياسي».
وقال إن هذا الوضع «هو من العوامل الرئيسية التي أعاقت التنمية البشرية في أنحاء مختلفة من المنطقة من العراق إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى السودان والصومال واليمن».
وأكد التقرير أنه لا يمكن التقليل من أهمية الآثار السلبية للصراعات المسلحة على التنمية البشرية.
وقالت أمة العليم السوسوة، الأمين العام المساعد لللأمم المتحدة، مدير المكتب الإقليمي للدول العربية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي: إن «حصة المنطقة العربية من سنوات الصراع تجاوزت في المتوسط ثلاثة أضعاف ما شهدته سائر مناطق العالم خلال فترة 18 عاما من 1990 إلى 2008».
واعتمد تقرير الأمم المتحدة لهذا العام ثلاثة أدلة جديدة لرصد التقدم في التنمية البشرية. ويقيس الأول عدم المساواة في حين يقيس الثاني الفوارق بين الجنسين، وأما الدليل الثالث، فيقيس الفقر متعدد الأبعاد.
ويقيس التقرير أثر عدم المساواة على التنمية البشرية خاصة الفوارق في الصحة والتعليم والدخل.
وقال التقرير: إن دليل التنمية البشرية في البلدان العربية يخسر 28% من قيمته بسبب عدم المساواة في الأبعاد الثلاثة، وتسجل المنطقة العربية أكبر معدل للخسائر بسبب عدم المساواة في توزيع التعليم حيث تبلغ الخسارة 43 % مقابل متوسط يبلغ 28 % لمجموعة من 139 بلدا طبق عليها دليل التنمية البشرية معدلا بعامل عدم المساواة.
وقال التقرير: إن حجم الخسائر على دليل التنمية البشرية في الدول العربية بسبب الفوارق بين الجنسين بلغ 70 % مقابل متوسط عالمي يبلغ 56 %.
وسجل اليمن أكبر خسارة في قيمة دليل التنمية البشرية 85% بسبب الفوارق بين الجنسين، في حين تشهد قطر أعلى مستوى من الفوارق بين الجنسين في فئة البلدان ذات التنمية البشرية المرتفعة.
وذكر التقرير أن مستوى تمثيل المرأة في البرلمانات العربية ارتفع من 18% عام 1980 إلى 27 % عام 2008 لكن البلدان العربية لا تزال تشهد قيودا على حق المرأة في التصويت.
وأشار التقرير إلى أن دليل الفقر متعدد الأبعاد الذي يقيس أوجه الحرمان الشديد في الصحة والتعليم ومستوى المعيشة أظهر أن 39 مليون شخص في المنطقة العربية يعيشون في حالة فقر متعدد الأبعاد، وتتراوح النسبة بين 7% في الإمارات وتونس و81% في الصومال.