إيرادات حكومة مصر قليلة بالنسبة للدول المنافسة. فمصر تحقق ٦٥ مليار دولار سنويا، بينما تحقق حكومة تركيا ١٩٠ مليار دولار، وتحقق حكومة كوريا ٣٥٠ مليار دولار. الإيرادات تجعل الدول لها قدرة أعلى على الصرف على التعليم والصحة والخدمات. لكى تزيد إيرادات حكومتنا لابد أن تتضاعف الاستثمارات فى مصر إلى عدة أضعاف. السؤال: كم نريد من الاستثمارات للوصول إلى حجم إيرادات حكومة تركيا مثلا؟. الإجابة: حوالى ٦٢٥ مليار دولار. لماذا؟ لأنه بالتقريب كل ١٠٠ دولار استثمار يحقق ٢٠ دولارا، إيرادات، سنويا لحكومة مصر. هل حقا هذا صحيح؟ نعم. هل ممكن أن تقنعنى بالأرقام؟ حاضر. علينا بحساب الإيرادات الضريبية ولكن للوصول إليها علينا بالربط بين حجم الاستثمارات وحجم المبيعات السنوية، ومنها إلى الإيرادات الضريبية. دعونا نأخذ مثالاً: المصنع الذى يبدأ باستثمارات ١٠٠ مليون جنيه مثلا يحقق مبيعات سنوية حوالى ١٠٠ مليون جنيه سنويا. أى كل جنيه استثمار يحقق جنيها، مبيعات سنوية. ولكنها تختلف حسب القطاع؟ طبعا. فى الصناعات الغذائية أو الملابس الجاهزة تزيد عن المعدل وتقل بعض الشىء فى صناعة البتروكيماويات أو الحديد، ولكن ابحثوا فى الأرقام ستجدون المعدل قريبا لمعظم القطاعات. بعد ذلك السؤال: كم إيرادات ضريبية تحققها المبيعات السنوية لـ١٠٠ مليون جنيه؟ مبدئيا ١٠٪ ضريبة على المبيعات تؤدى إلى ١٠ ملايين جنيه. ثم أضيفوا ٢٠٪ ضريبة الدخل على رواتب الموظفين و٢٠٪ ضريبة أرباح على الشركة وتأمينات اجتماعية وجمارك، ستجدون على الأقل إجمالى ١٥-٢٠ مليون جنيه إجمالى إيرادات ضريبية للدولة. لم نضف الإيرادات غير المباشرة من ضرائب على كل الأنشطة المرتبطة، والتى لن تتواجد بعدم وجود هذا المصنع، والتى تسمى الـmultiplier effect، والذى يقدر بـ٤ أضعاف للقطاع الصناعى. أى حجم الاستثمارات المترتبة على المصنع تقدر بـ٤ أضعاف الاستثمار فى المصنع، وبالتالى حجم الإيرادات الضريبية.
الخلاصة: الحكومة تكسب الكثير من كل جنيه إذا نجحنا فى جذب الاستثمارات- على أقل تقدير عائد سنوى ٢٠٪ على ما يستثمره هذا المستثمر. ولأن كل مستثمر يطلب حوافز تكلف الدولة المال (لأنه تعرض عليه حوافز فى كل الدول المنافسة) فعلينا بتحديد تكلفة هذه الحوافز والإيرادات المالية للدولة إذا تمت هذه الاستثمارات، وبالتالى نحدد العائد على الاستثمار.
هكذا تقدمت الصين وكوريا واليابان عندما حسبت. وستتقدم مصر فقط عندما تبدأ الحساب وتبدأ فى زيادة إيرادات الدولة بطريقة علمية لنصل لـ١٩٠ مليار دولار التى تحققها حكومة تركيا سنويا.
لا تلوموا الدولار على ارتفاعه، ولكن لوموا أنفسكم على عدم البدء فى العمل بطريقة تماثل الدول التى تقدمت، والتى كلها اتجهت للصناعات التصديرية لكى تتقدم وتنمى إيراداتها الحكومية.
علينا أن نبدأ..