على جانب بحيرة «البرلس»، وبعيداً عن مقر شرطة المسطحات المائية مسافة أقل من 2 كيلو متر، جلس رجل أربعينى ممسكاً إبرة وخيطاً، فسر ما يفعله: «لو فى حتة مقطوعة فى الغزل باخيطها علشان مافيش سمكة تخرج منها».
«الماجا (يقصد الفتحات الموجودة فى الشبكة) كل ما كانت واسعة.. كل ما السمكة اللى تجيبها تكون أكبر».. هكذا أوضح الرجل السبب فى قيامه بوضع «غزل» ضيق داخل مياه البحيرة، فهو هنا من أجل «السمك الصغير بتاع موسم التكاثر اللى بيكون فى شهرين الصيف» - على حد قوله.
يشترى الرجل «الغزل» المخالف من «أى محل»، ذاهباً به إلى شخص متخصص فى صناعة ما يسمى «تحاويط شلب الزريعة»، وهى عبارة عن: غزل فى شكل دائرى يصمم بطريقة معينة بحيث يسمح بدخول السمك دون خروجه منه، مهما صغر حجمه، لأن الغزل المستخدم يشبه «الشبك الصغير الذى يستخدم فى عمل الناموسية التى تمنع دخول الناموس للأطفال» - كما يشرح الرجل الذى يقول إن تكلفة تصنيع الواحدة تصل إلى 500 جنيه.
ببيع الرجل «شكارة السمك الصغير «مقابل جنيه للكيلو، دون وجود أدنى مشكلة فى تسويق هذا السمك الصغير.. «التاجر بييجى لحد هنا بالعربية.. ياخد السمك وبعد كدة يوزعه على بتوع المزارع السمكية».
يدرك (م.ع) التأثير السلبى لصيد تلك الأسماك الصغيرة من البحيرة، ولكنه - كما يقول - فهو يعمل محاسباً بشركة الكهرباء ويبلغ راتبه ألف جنيه «مابيكفيش حاجة» فى ظل رعايته لأسرة تتكون من ثلاثة أولاد وزوجة، بجانب أم مسنة «بتحتاج مصاريف كتير علشان عندها السكر» - كما يحكى الرجل الذى يبلغ دخله الإضافى من بيع «السمك الصغير» حوالى ألف جنيه أخرى شهرياً.
الموظف يرى أن «الضرر» الذى يلحقه بالبحيرة صغير مقارنة بـ«غيره»، حيث يقول: «أنا بعمل 3 أو 4 تحاويط بالكتير علشان أجيب أى فلوس جنب المرتب، لكن فى ناس بتعمل أكتر من 30 تحويطة بحوالى 20 ألف جنيه وهم دول اللى بيخربوا البحيرة لإن دى شغلتهم الأساسية».
لحية الرجل الكبيرة وزبيبة الصلاة التى توسطت وجهه، دفعتنى للسؤال عن رأيه فيما يفعله من منظور دينى فكانت إجابته: «من الناحية الدينية حرام، بس لو دخلنا فى موضوع الحرام والحلال مش هنعيش، إحنا بنتوكل على الله، وبعدين أنا مش لوحدى الدنيا كلها شغالة فى الحكاية دى وفى ناس بتسرق بـ«اللانشات» ملايين من السمك الصغير وكمان فى ناس مسيطرة على «بوغاز البرلس» علشان يسرقوا الزريعة اللى جاية من البحر الأبيض المتوسط للبحيرة، وكله على مرأى ومسمع من الحكومة».