غالباً ما يخشى الإنسان التغيير. حيثُ إن الأسهل أن نُعيد ما جربهُ الآخرون. والتغيير مُرتبط ارتباطا وثيقاً بالحرية. حين يفكر الإنسان بحُرية فإن فكرة التغيير تُصبح أكثر قابلية للحدوث. والحرية هُنا مرتبطة بالبحث الوثيق وعدم قُبول المُسلمات. ويتغير الإنسان لِما يُريده حين يُصبح قادراً على تحليل المُسلمات التي زُرعت داخله وهل هي تقترب أو تشبه ما يُريد أن يكون أم لا؟. فهل كُل ما زُرع داخلنا هو ما نُريد أن نُصبحهُ فعلاً؟ ?.
قد يعيش شخص ما حياة طويلة دون أن يتغير ويكتشف أن ما مر به ما هو إلا وهم وقد قضى مُعظم حياته في ذاك الأسر، وأن تلك الحياة ما هي سوى سجن لم يستطع تخطي أسواره.
التغيير يحتاج إلى جُهد شاق. بادئ ذي بدء يحتاج التغيير إلى وعي بوجود مُشكلة ما. وهذه هي المرحلة الأولى التي من خلالها يتغير الشخص. ثُم يبدأ الشخص في تحليل الواقع ومن ثم يستطيع انتقاد ما يُعيقه عن التغيير. والانتقاد الذاتي يحتاج إلى الحرية التي تؤدي إلى فهم أعمق للذات.
والشيء الصادم في كثير من الأحيان هو أن رفض التغيير ينبُع من كسل في أن نُفكر في الواقع الحياتي. فقد يقبل البعض أن يحيا كما هو وذلك لأن عملية تغيير السلوك ذاتها تتطلب جهاد ومثابرة دائمة. والرغبة الشديدة في التغيير تنبُع أساساً من قناعة شديدة ورغبة حقيقية في تغيير الواقع.
المعضلة الأساسية في التغيير هي أنك تُحاول تغيير عادة هي أساساً تكاد أن تكون أو هي فعلاً متأصلة. فتغيير تلك العادة سوف يحتاج إلى جُهدِ شاق وصبر وإيمان بمدي فاعلية وأهمية التغيير في حياتنا، يقول لنا الفليسوف اليوناني «أرسطو» «نحن نصبح ما نقوم بعمله باستمرار ولذلك الكفاءة والامتياز هما عادات وليست أفعالا» ويعني «أرسطو» أن النجاح والكفاءة أمور لا نقررها إنما نعتادها، فالإنسان لن يقرر أن يصبح كفئا أو حرفيا، ولكننا نصلح كذلك حين نعتاد الكفاءة.
والذي لا يرغب في التغيير إما من شدة الكسل أو غياب الهدف أو العشوائية التي يحيا فيها، ذاك الشخص ستجده دائماً يُحاول جاهداً أن يُقلل وقد يُحقر مما يقوم به الآخرون من مُحاولات جادة للتغيير. غالبا ما نجد المُحبطون والفاشلون يستخدمون جُملة «كُل الناس بتعمل كده» وهذا يُريحهُم إلى حدِ كبير. فإذا كان الجميع مثلهُم فلا عيبِ فيهُم.
نحتاج أشياء كثيرة، تبدأ من الحرية، حيثُ إنها ما تفتح الآفاق نحو التغيير، فالحياة أساساً في حالة تغيير مستمر ودائم وأحد الأسباب الأساسية للانقراض هي عدم القدرة على مواكبة الواقع المتغير بسرعة وشدة. يقول «داروين» ليس البقاء للأقوى أو ألأذكى وإنما للأكثر تكيفاً مع التغير«التكيف مع الواقع يحتاج أن نفهم معطيات الواقع جيداً حتي نستطيع التعايش مع تناقضاته. فالتغيير أمر حتمي، يقول «هيرقليطس»: «التغيير هو الثابت الوحيد في هذا العالم».
الواقعية في فهم الذات وتبدأ من فهم أوجه القصور وبالتالي تحدد خطة واضحة المعالم، وتستطيع معرفة ما يجب أن تحاول تحسينه وما عليك أن تلفظه وما يجب البدء في تعلمه. فالتغيير ليس بالشيء اليسير أو البسيط فهو يستغرق وقتاً طويلاً ومليء بالتحديات وهي تلك الحياة. حالة من الحركة المستمرة. ومن ثم فالوعي بالمشكلة ثم تحديد خطة محددة المعالم والجهد والمثابرة لتحقيق الهدف هي معالم الوصول للتغيير المنشود.
Sherifaq@gmail.com