قال السفير عبد الغفار الديب سفير مصر فى السودان: إن العلاقات المصرية السودانية عميقة وتاريخية وأزلية باعتبار أن السودان وفقا لتوجيه الرئيس حسنى مبارك هو الأولوية الأولى فى علاقات مصر الخارجية، كما أنه عمق استراتيجى وأمنى واقتصادى لمصر. واعتبر أن العلاقات بين البلدين تشهد تطورا إيجابيا ملحوظا خلال الفترة الحالية ومن المنتظرأن تزداد عمقا خلال الفترة المقبلة.
وأضاف أن مصر تعطى قضايا السودان كل الدعم اللازم حين يم تناولها فى مؤتمرات دولية أو فى اجتماعات المنظمات الإقليمية أو دون الإقليمية، لإجلاء الصورة الحقيقية وهى ضرورة التعامل دون ازدواجية فى المعايير، أو ما يسمى بدبلوماسية الكيل بمكيالين ، عند التعامل مع قضايا السودان شماله وجنوبه.
وأوضح أنه على المستوى المتعدد الأطراف تقف مصر سندا قويا للدفاع عن قضية السودان العادلة عند التناول الدولى لها،. مشيرا إلى أن حكومة السودان كان لديها الشجاعة والحكمة الكافية مما وفر الظروف المناسبة للتعامل مع الأشقاء فى الجنوب بصورة عقلانية وقانونية توصلت إلى اتفاق السلام الشامل الذى تم توقيعه عام 2005.
وقال إن موقف مصر ثابت من ضرورة استكمال التنفيذ الكامل والشفاف والحر لاتفاق السلام الشامل ما بين شمال وجنوب السودان بكل تدابيره دون انتقائية، بمعنى أنه يجب توفير الظروف الملائمة لشريكى السلام لكى يتم تنفيذ الاتفاق دون تدخلات خارجية ضاغطة على أى منهما.
وقال: إن البيئة المناسبة لتنفيذ اتفاق السلام تقتضى توفير الإرادة الحرة، ليأتى استحقاق الاستفتاء على حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان فى هذا الإطار.
وأضاف أن موقف مصر من الاستفتاء واضح ومعروف وليس خافيا على أى من الطرفين ولا على المجتمع الدولى أيضا وهو أنها مع الالتزام بإجرائه وعدم النكوص عن هذاالتعهد.
واعتبر أن ذلك «هو ما تسعى إليه مصر جاهدة لدى كل الأطراف المعنية سواء شريكى السلامأو الشركاء الإقليميين من دول الجوار أو تجمع الإيجاد أو الأطراف التى تسعى للوساطة على المستوى الإقليمى من الدول الأفريقية وأيضا على مستوى الأمم المتحدةوجميع وكالاتها باعتبار استفتاء حق تقرير المصير هو حق مقرر فى اتفاق السلام، ونحن مع الالتزام بإجراء الاستفتاء وعدم النكوص عن هذا التعهد».
وشدد الديب مجددا على أنه لا بد من توفير المناخ الملائم لإجراء الاستفتاء فى جو سلمى خال من الضغوط الخارجية وأن يتم فى جو من الشفافية والحرية الكاملة لمن لهم حق التصويت من الجنوبيين سواء ممن يعيشون فى داخل إقليم الجنوب أو من الجنوبيين الذين يعيشون فى شمال السودان أو أقاليم أخرى فى السودان غربه وشرقه وأيضا الجنوبيين الذين يعيشون فى الخارج بدول المهجر.
وقال السفير المصرى فى الخرطوم إن العلاقات المصرية السودانية تشهد تطورا وازدهارا فى المرحلة الحالية؛ فإلى جانب الجهود المصرية للتعاون من أجل التنمية والإعمار بمختلف أقاليم السودان شماله وجنوبه وشرقه وغربه فقد شهدت الفترة الأخيرة عدة زيارات وزارية متبادلة بين الخرطوم والقاهرة.
وأشار السفير فى هذا الصدد إلى الزيارة الأخيرة التى قام بها أحمد أبو الغيط وزير الخارجية والوزير عمر سليمان، حيث سلما رسالة من الرئيس مبارك إلى الرئيس السودانى عمر البشير وأجريا مشاورات مع القيادات السياسية فى الخرطوم، قبل أن يتوجها الى جوبا حيث نقلا رسالة من الرئيس مبارك للنائب الأول للرئيس السوداني ورئيس حكومة الجنوب سلفا كيرميارديت، وأجريا مشاورات استهدفت تقريب وجهات النظر بين الطرفين الشمالى والجنوبى «لتعبر سفينة السلام إلى بر الأمان» واستكمال تنفيذ اتفاقية نيفاشا حتى إجراء الاستفتاء على حق تقرير المصير للجنوب بصورة سلمية.
وأوضح السفير أن الاجتماعات المشتركة التى كانت متوقفة منذ فترة مضت بدأت بين الشمال والجنوب لترسيم الحدود بعد زيارة أبو الغيط وسليمان.
وأشار أيضا إلى زيارتين قام بهما إلى القاهرة على كرتى وزير خارجية السودان خلال شهرى سبتمبر وأكتوبر الماضيين،حيث استقبله الوزير الغيط. وكذلك زيارة وزير الدولة السودانى للشؤون الخارجية كمال حسن على. كما تشهد القاهرة حاليا تدشين أول جولة من الحوار الاستراتيجى بين وزارتى الخارجية فى البلدين.
وأوضح أن جولات لاحقة ستتلو هذه الجولة بالخرطوم والقاهرة على التوالى تعميقا للتنسيق والتشاور الدبلوماسي بينهما.
وأشار إلى زيارة وزير الموارد المائية والرى نصر الدين علام للخرطوم وجوبا يوم الإثنين، وقال إن أمين أباظة وزير الزراعة واستصلاح الأراضى قام يوم 28 أكتوبر الماضى بزيارة إلى السودان، وإلى جانب مشاركته فى مؤتمر الأمن الغذائى لدول منظمة المؤتمر الإسلامى فقد أجرى مشاورات مع نظيره السودانى د.عبد الحليم المتعافى، ومع د.فيصل حسين وزير الثروة الحيوانية، وحضر لقاء جامعا ببيت مصر بالخرطوم جمع وزراء الزراعة والثروة الحيوانية بالبلدين مع عدد من حكام الولايات السودانية وحشد من كبار المسؤولين بالرئاسة والخارجية السودانية والشخصيات العامة.
وأوضح السفير ان الجانبين اتفقا خلال هذا اللقاء على تنفيذ عدد من المشروعات الزراعية المصرية فى السودان، منها إقامة مزارع مشتركة على الأراضى التى عرض حكام الولايات تقديمها فى كل من ولايات كسلا ونهر النيل والنيل الأبيض والولايةالشمالية.
وأشار إلى أنه فى اطار التعاون السودانى المصرى، تم تدشين أول عملية تصديرللمواشى الحية واللحوم المبردة السودانية إلى مصر.
وفيما يتعلق بعلاقات مصر مع جنوب السودان، قال السفير الديب إن مصر قامت بتنفيذ محطات كهرباء فى أربع ولايات جنوبية بتمويل قدره 185 مليون جنيه وتم تنفيذها بأيد مصرية وقام بتشغيلها مصريون . كما اتفق الجانبان على إنشاء شركةمشتركة مصرية جنوبية لإنتاج وإدارة وتوزيع الكهرباء فى جنوب السودان هي «شركة النيلالمصرية الجنوبية المشتركة».
وفى قطاع الصحة أقامت مصر ثلاث مستشفيات فى جنوب السودان والعيادة المصرية فى جوبا التى يعالج فيها سكان الولايات القريبة أيضا الذين كانوا يضطرون للسفر إلى الخارج . كما أقامت مستشفى رابعا فى إقليم أعالى النيل.
وفى مجال التعليم، أنشأت مصر أربعة مجمعات تعليمية متكاملة فى جوبا هي: تعليم أساسى وثانوى عام وثانوى صناعى وورشة تدريب صناعى على الحرف، كما أنشأت مجمعا تعليميا فى جونجلى وكذلك فى بحر الغزال من المقرر افتتاحه بداية من العام الدراسى القادم، بالإضافة إلى مشروعات أخرى للتدريب المهنى والتنمية البشرية.
وأشار السفير إلى أنه يجرى حاليا انشاء مركز لتدريب القابلات وترعاه السيدة سوزان مبارك قرينة رئيس الجمهورية ليكون نواة لكلية تمريض فى مدينة جوبا، بالإضافة إلى إعادة تفعيل المنح الجامعية الممنوحة للجنوبيين، فى الوقت الذى يجرى فيه الآن إنشاء جامعة الإسكندرية فى جنوب السودان تحت إشراف الجامعة الأم ووزارة التعليم العالي.
وقال إنه إقليم دارفور، بادرت مصر بدعم استراتيجية إعماره بتنظيم واستضافة مؤتمر دولى فى مارس 2010 قاربت فيه تعهدات المانحين المليارى دولار، كما تقوم قوافل طبية مصرية بإجراء عمليات جراحة للمواطنين فى مناطق مختلفة. ويجرى أيضا إنشاء عدد من المدارس المصرية هناك، وهو الأمر نفسه بالنسبة لولايات شرق السودان.
وقال السفير: إن الفترة القادمة ستشهد عدة فعاليات ثقافية وزيارات متبادلة لوفود من الشباب والمنظمات الأهلية لتبادل الخبرات والعمل المشترك من أجل التنمية الشاملة فى البلدين الشقيقين.