أثارت لعبة الجولف الكثير من الجدل، فالبعض يراها غير مفيدة وتسلب الكثير من حقوق المواطنين وعلى رأسها مياه الشرب التى تخصصها الحكومة لرى ملاعب الجولف، فيما يدافع عنها ممارسوها الذين يرونها مفيدة للاقتصاد المصرى، ويعتبرونها إحدى وسائل جذب السياح الأجانب إلى مصر.
«المصرى اليوم» التقت المسؤول الأول عن اللعبة فى مصر أيمن حسين، رئيس الاتحاد، وحملت إليه كل الاتهامات بعد أيام من انتهاء بطولة مصر الدولية الثانية، التى شارك فيها عدد من أبرز لاعبى العالم، على رأسهم روى ماكلروى، المصنف التاسع عالمياً، فكان الحوار التالى:
■ بداية، ما هى لعبة الجولف؟
- الجولف ليس باللعبة الجديدة على العالم، فقد اخترعها الإنجليز منذ أكثر من 500 سنة، وأصلها من أسكتلندا، وتعتمد على إدخال كرة صغيرة وزنها 40 جراماً فى حفرة على مسافة عن 300 إلى 500 متر فى أقل عدد من الضربات، ويكون أمام اللاعب بعض الموانع الطبيعية مثل الأشجار أو البحيرات الصناعية، وعليه تجاوز كل هذه الصعاب.
■ ومتى دخلت اللعبة مصر؟
- منذ عام 1890 بعد الاحتلال البريطانى مباشرة، وكان استخدامها مقصوراً لفترة طويلة على الأجانب قبل أن تمارسها فئة معينة من المصريين فيما بعد.
■ تقصد الطبقة الأرستقراطية؟
- نعم، وقد حاولت البحث عن سبب ممارسة الطبقة الأرستقراطية فقط للجولف والتنس تحديداً، ولم أجد جواباً مقنعاً.
■ ربما بسبب التكلفة العالية لهم؟
- دعنى أوضح لك أن هناك فارقاً بين تكلفة ممارسة اللعبة وتكاليف إنشاء ملعب وأدوات لممارسة اللعبة.
■ كيف؟
- التكلفة العالية للعبة ليست بسبب الممارسة بقدر إنشاء الملعب الذى يحتاج 100 فدان تتم تغطيتها بالنجيلة الخضراء، وهى تكلفة تتراوح بين 15 و20 مليون جنيه، وبالتالى المردود على صاحب الملعب غير اقتصادى، أما الممارسة وحدها فهى لا تكلف صاحبها الكثير، كما أن هناك خلطاً بين الاشتراك فى الأندية التى تضم هذه اللعبة وهو اشتراك كبير، وبين أن تكون مشاركاً بالفعل فى أحد هذه الأندية مثل نادى الجزيرة، وبالتالى لا يحتاج الأمر لتكلفة عالية.
■ إذا كانت اللعبة قديمة فى مصر، فلماذا يبدو للبعض أنها لعبة حديثة؟
- عندما أدخل الإنجليز اللعبة أنشأوا أربعة ملاعب، واحداً فى نادى الجزيرة، واثنين فى الإسكندرية فى ناديى سبورتنج وسموحة، والأخير فى مينا هاوس عند الهرم، بعدها ظهرت ملاعب كثيرة فى فترة العشرينيات ومنها أرض الجولف المعروفة حالياً، التى كانت فى الأصل ملاعب للجولف، لكن فى فترة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات انحصرت اللعبة بعض الشىء عقب خروج الإنجليز من مصر، وانحصرت الملاعب إلى أن عادت مرة أخرى فى بداية التسعينيات.
■ لماذا هذا التوقيت؟
- فكرة عودة اللعبة ارتبطت مع اتجاه وزارة الإسكان لبناء مجمعات سكنية فى المدن الجديدة تعتمد على بناء مساكن فاخرة على مساحة محدودة من الأرض والباقى يكون مساحات خضراء، وهى شروط بنائية وضعتها وزارة الإسكان مثل كل الشروط فى العالم وليس مصر فقط، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء ملاعب للجولف، فيما أن هناك شروطاً لوجود مساحات خضراء فلماذا لا تكون هذه المساحات ملاعب للجولف، وأول شخص قام بهذا الأمر خالد أبوطالب، رئيس الاتحاد وقتها، وبالفعل وصل عدد الملاعب حالياً إلى 22 ملعباً كلها تم بناؤها حول فكرة التجمعات السكنية، ودعنى أقل لك إنه لا يوجد مستثمر واحد اشترى أرضاً فى المدن الجديدة وبنى ملعباً للجولف منفصلاً عن المجمعات السكنية، وأعتقد أن ارتباط اللعبة بالمجمعات السكنية الجديدة مثل الزواج الكاثوليكى فهو ارتباط وثيق.
■ بصراحة، هناك اتهام موجه للعبة بأنها أحد أسباب أزمة المياه فى مصر، والبعض يقول إن هناك قرى فى مصر لا تجد مياهاً للشرب فى الوقت الذى تستنزف فيه ملاعب الجولف الكثير من المياه لرى الملاعب.. فما ردك؟
- أنا أيضاً سمعت هذه الاتهامات وتعجبت كثيراً.
■ كيف، أليس من الأجدى اقتصادياً لمصر توفير المياه لزراعة الأرز مثلاً بدلاً من رى ملاعب الجولف؟
- جدوى الاستفادة من المياه لا تقاس بحجمها فى المطلق، لكن بالمردود الاقتصادى لهذا الاستخدام، فلو فرضنا أن الاعتراض على رى ملاعب الجولف يعود لأن اللعبة تخدم 2500 فرد فقط، فيكون عند المعترضين كل الحق لكن للأمر منظوراً آخر.
■ كيف؟
- لو عرفت أن رياضة الجولف هى ثالث أكبر نوع سياحة على مستوى العالم بعد سياحة الآثار والبحر، ستعرف أن مصر لو استغلت هذه اللعبة جيداً سيكون لها مردود اقتصادى سياحى كبير على البلد، لأن السائح الذى يمارس لعبة الجولف من أفضل السياح، وعندما تعرف أن لعبة الجولف تمارس فى النهار ستجد أن بإمكان مصر استغلال اللعبة لجذب السياح الأوروبيين، لأن الملاعب فى أوروبا تكون مغطاة بالثلج نصف العام على الأقل ومغلقة تماماً، ومن هنا نشأت ملاعب الجولف فى مصر على سواحل شرم الشيخ والغردقة وطابا، بالإضافة إلى ملاعب أخرى على سواحل البحر الأحمر والبحر المتوسط، وقد أنشئت لأهداف سياحية، ويكفى أن تعرف أن هذه الملاعب كلها تستخدم محطات تحلية مياه خصيصاً لها ولا تستخدم مياه النيل ولا علاقة لها بأزمة نقص مياه النيل حالياً، أما الملاعب العشرة الموجودة فى القاهرة، فهى تستخدم المياه الجوفية، وإجمالى حجمها حوالى ألف فدان، فإذا كان البعض قد قرر الكلام عن أن ألف فدان هى سبب أزمة المياه فى مصر، فعليهم النظر إلى مردودها السياحى والاقتصادى، بالمقارنة بملايين الأفدنة الأخرى، ولو رتبت أسباب أزمة المياه فى مصر وافترضت أنها 100 سبب، ستجد أن الجولف هو السبب رقم 100 وليس 99.
■ إذا كان الأمر بهذا الشكل، فلماذا يصر البعض على التلويح بهذا الاتهام باستمرار؟
- لا أعرف، لكن حتى لو استبدلت ملاعب الجولف فى التجمعات السكنية بحدائق خضراء، فإنها ستحتاج أيضاً إلى رى بالمياه، لكن هذه المرة لن يكون لها أى مردود اقتصادى على البلاد، ويكفى أن تعرف أن ممارسة اللعبة يستفيد منها آلاف العاملين فى هذه الملاعب.
■ أخيراً.. كيف ترى مستقبل اللعبة فى مصر؟
- لدينا منتخب للهواة حيث تنقسم مسابقات اللعبة فى العالم بين الهواة والمحترفين، ونحن ما زلنا فى مرحلة الهواية، ومنتخبنا يشارك حالياً فى بطولة العالم بالأرجنتين، وسبق لنا الفوز بالبطولة العربية التى أقيمت فى تونس، وأنا متفائل بخصوص مستقبل اللعبة، وأتوقع أن يمارسها 10 آلاف لاعب خلال خمس سنوات مقبلة.