«الفجر الجديد».. أمريكا تسحب قواتها وتستبدلها بـ«جيش من الدبلوماسيين»

كتب: اخبار السبت 04-09-2010 20:23

حالة من الخوف والحذر تسود الشارع العراقى هذه الأيام بعد الإعلان رسمياً عن انتهاء العمليات القتالية للقوات الأمريكية، التى يدرك العراقيون جيداً أنها القوة الأساسية التى تدعم أجهزة الأمن فى العراق.

فالعراقيون يدركون أيضاً أن هذه الأجهزة قد تتبخر خلال لحظات دون الدعم الأمريكى، خاصة الجوى الذى يقدم الإسناد للقوات الأمنية التى تنفذ عمليات دهم واعتقال واسعة فى الكثير من مناطق البلاد، وتعتقل عشرات المشتبهين.

فى هذه الأجواء، يرسم المراقبون والخبراء والسياسيون عدة سيناريوهات للأوضاع فى عراق ما بعد انسحاب القوات الأمريكية، التى أنجزت مهمة سحب جميع قواتها القتالية، قبل 10 أيام من الموعد المقرر فى 31 أغسطس.

شهد الطريق البرى الطويل الممتد من العاصمة بغداد باتجاه الكويت جنوباً، عملية نقل واسعة للآليات والمعدات الأمريكية، وصفت بأنها الأكبر منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، منتصف أربعينيات القرن الماضى.

وبينما أطلق الأمريكيون على عملية الانسحاب تسمية «الفجر الجديد» لتكون خاتمة عملية «تحرير العراق» التى أطلقوها فى ربيع عام 2003، فإن العراقيين لم يستخدموا أى تسمية فى هذه المناسبة، لكن رئيس الوزراء نورى المالكى وجه تحذيراً للشارع العراقى مؤكداً أن أطرافاً عديدة ستشن هجمات وتنفذ تفجيرات فى يوم اكتمال الانسحاب فى 31 أغسطس. وهو التصريح الذى ألقى بظلال ثقيلة على العاصمة ومدن العراق الأخرى التى يعيش سكانها حالة قلق متواصل بعد أن تأكد لديهم فشل الأجهزة الأمنية فى منع الهجمات الكبيرة التى تستهدف مواقع رسمية وأمنية فى قلب بغداد.

وفى وقت تنشغل فيه قوات الاحتلال الأمريكية فى عملية الانسحاب الميدانى من الأراضى العراقية تستعد الإدارة الأمريكية بـ«جيش من الدبلوماسيين» كما تصفه بعض الأوساط السياسية المحلية، ليحلوا محلهم خلال رحلة ما بعد الانسحاب.

ومن أبرز مهام هؤلاء الدبلوماسيين، البالغ عددهم نحو 300 يحميهم حوالى 7000 متعاقد أمنى، مساعدة الساسة العراقيين فى تشكيل حكومتهم الجديدة، والعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية.

ويقول عمر الجبورى، عضو البرلمان عن القائمة العراقية التى يتزعمها إياد علاوى: «سيكون للبرلمان موقفه المضاد لعودة الشركات الأمنية، لأنها بكل تأكيد قوات أجنبية تمس سيادة واستقلال العراق».

وبدوره، قال الخبير فى شؤون الأمن الدكتور وليد الراوى لـ«المصرى اليوم» إنه ليس مستغرباً حصول مثل هذه الاختراقات الهائلة فى سياج الأمن العراقى، ويفسر ذلك بتأكيده على أن ما تم بناؤه فى العراق منذ عام 2003 لا علاقة له بالمؤسسة الأمنية المهنية، وأن كل ما جرى عبارة عن تشييد مجاميع تخضع بولائها لأحزاب طائفية وعرقية، لهذا فإن موضوع الأمن مازال لم يدخل حيز البناء السليم.

وعن سيناريوهات الوضع الأمنى المتوقعة فى العراق، يقول الراوى إن أخطر السيناريوهات يتمثل فى احتمال حصول انهيار أمنى جزئى يشمل العديد من مناطق العراق.

ويرى وليد الزبيدى، المحلل السياسى العراقى، أن الارتباك الأمريكى اتضح فى أكثر من جانب، فقد تأكد للجميع أن الأمريكيين على عجلة من أمرهم، مما يدلل على أن انسحابهم (هزيمة) تحت شعارات أخرى. وقال إن الاستعاضة بالشركات الأمنية بدلاً من الجنود الأمريكيين لا يغير من الواقع شيئاً، على الأقل فيما يتعلق بحساسية العراقيين من الاحتلال، خاصة أن تجربة العراقيين مع هذه الشركات مريرة وقاسية، وأكد فى هذا الصدد أن عودة «بلاك ووتر» باسم جديد «لا يلغى من الذاكرة العراقية جرائم هذه الشركة».

وأضاف الزبيدى أن الانسحاب الأمريكى انتصار جلى للمقاومة العراقية، «حتى وإن رفض الإعلام الأمريكى استخدام عناوين تخزى إمبراطوريتهم التى قالوا إنها لا تهزم».

وبينما تعتزم واشنطن الإبقاء على 94 قاعدة عسكرية فى العراق، تضم نحو 50 ألف أمريكى ينسحبون نهاية 2011، قال الزبيدى إن: «جميع الفصائل وجبهات المقاومة التى يزيد عددها على 70 فصيلاً مسلحاً أعلنت أنها لن تلقى السلاح طالما بقى جندى أمريكى واحد.. لذا فإن أى برنامج لا يتوافق مع المقاومة سيكون مصيره الفشل، ونهايته لن تختلف عن نهاية الوجود الأمريكى بالعراق».