شىء جميل أن نسمع عن خطط حكومية لزيادة معدلات النمو الاقتصادى واستهداف الطبقات الأكثر فقرا، تحقيقا للعدالة الاجتماعية وضمان توزيع عادل لثمار النمو الاقتصادى.
وإذا سألت أى وزير فى الحكومة عن الأدوات والتوقيتات الزمنية المتوقعة للتنفيذ، يحدثك الوزير كثيرا ولا يقترب من الأدوات وتوقيتات التنفيذ، فمثلا عندما نتحدث عن النمو يتحدث الوزير عن خطط إنشاء مصانع وجذب الاستثمارات الجديدة وتطوير تشريعات الضرائب والجمارك وزيادة الصادرات، وعندما ننزل لأرض الواقع تكون الصدمة، فلا توجد أدوات ولا توجد توقيتات.. والحقيقة هنا أن الأمر لا يزال يدار بـ«البركة».
وعندما نبحث فى أوراق وخطط وزارات، مثل التجارة والصناعة والاستثمار والمالية، نجد عناوين وملفات ساخنة تحدثك عن الشباك الواحد وتبسيط الإجراءات وتوفير الأراضى للمشاريع، والحقيقة أن هناك واقعا مريرا، لأنه لا أحد يقول ما هى الأدوات والآليات التى سيعمل بها الشباك الواحد، ولا أحد يقول لك كيف يكون الحل ما لم تصدر موافقة مشروع جديد ما خلال 30 يوما كما تطمح الحكومة، وكيف ستتصرف لو أخرت بعض الهيئات والمصالح والوزارات إصدار موافقاتها... وكيف سيتصرف مسؤول الشباك الواحد فيما لو تأخرت موافقات الجهات الأمنية.. لماذا لا تلزم الحكومة نفسها بأن تكون موافقة المشروع الجديد سارية المفعول بقوة القانون بعد 30 يوما عندما لا تلتزم الجهات المعنية باستيفاء موافقاتها خلال توقيتات محددة؟..
لماذا لا تقول لنا وزيرة الاستثمار من هم المستثمرون الجدد الذين دخلوا مصر ليستثمروا فيها، وهل يمكن أن تتحلى بالأخلاق الرياضية لو خرج أحدهم ليحكى لنا تجربته فى الحصول على الموافقة لمشروعه؟!
شىء متميز أن تسمع عن مشاريع وزارة المالية لتطوير تشريعاتها الضريبية والجمركية وتخفيض الإنفاق الحكومى، لكن الأسوأ أننا نسمع هذا الكلام من سنوات ولم يحدث أى تقدم ملموس فيه، ولا أحد يخبرك توقيت التنفيذ، ولا أحد يؤكد لك بنص القانون أن الحكومة لن تعدل أو تغير هذا الوضع مجددا.
شىء رائع أن نسمع عن خطط النهوض بالتعليم ومناهجه وربطه بسوق العمل، ولا أفهم ولا أجد تفسيرا منطقيا أن تكون مدرسة من مدارسها لا تتجاوز ميزانيتها 1500 جنيه، ولا أقبل الحديث عن تطوير التعليم بنوعية المناهج الحالية وواضعيها (مع احترامى لأشخاصهم ومناصبهم).. ولا أقبل الحديث عن نفس الملف، وأرهن موافقتى لتحركات تطوير التعليم برفع كفاءة المدرسين وتطوير أدائهم، وأن أكون على ثقة بقدرتهم على التكيف مع هذا التطوير.
لا أفهم ولا أقتنع بأى حديث عن مكافحة الفساد والشفافية فى ظل «هاويس مفتوح من الفساد فى المحليات»، حتى أطمئن إلى أن هناك وزيرا للإدارة المحلية يحمل مشروعا حقيقيا لمكافحة فسادها وتطوير أدائها بشكل حقيقى وواقعى فى خدمة المواطنين، وهذا الكلام ينطبق على كل الوزارات دون استثناء حتى لو كانت وزارة الأوقاف.
يا سادة لن ينصلح حالنا إلا بالإصلاح الحقيقى المنظم.. إصلاح الذات.. إصلاح العمل.. فنجاح الحكومة سياسيا لن يأتى «بالبركة»، بل يحتاج جهدا وعملا والتزاما وانضباطا ورغبة حقيقية فى تغيير الواقع.