برلمان الخلل والرياء وكبت الحريات

عمرو هاشم ربيع الأحد 24-04-2016 21:13

عندما وضع دستور 2014 كان للبرلمان فى هذا الدستور مكانة كبيرة لا تضاهيها تلك المكانة التى قررت فى دستور 1971 وما قبله من دساتير يوليو 1952، لكن ثبت بعد فترة ما هو مقرر لدى دارسى النظم السياسية عامة والأدبيات البرلمانية خاصة أن السياسات والتطبيقات أهم وأكثر أهمية من مجرد مواد فى الدستور أو القانون.

فحال الخلل البين التى كانت قائمة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لصالح الأولى بموجب دستور 1971، والموغلة فى الخلل لموجب التطبيق والممارسة خلال تلك الفترة، مازالت قائمة. بعبارة أخرى، فإن المؤسسات التشريعية التى اعتادت على الخنوع لروح الاستبداد، ومردت على الطاعة والاستجابة لكل رغبات السلطة التنفيذية، لا ينتظر منها أن تستجيب لدستور مهما علت وسمت مواده بمكانتها، فى مواجهة سلطة مردت هى الأخرى على التجبر والاستعلاء، وتحكمت من خلال قياداتها الأمنية فى المؤسسة التشريعية وعملها كما هو قائم حاليًا.

نقول ذلك لأن ما جرى خلال الـ100 يوم الأولى من عمر البرلمان المصرى لا يعطى أى بصيص من الأمل فى بناء نظام سياسى قائم على الديمقراطية وحرية الرأى والتعبير.

بداية كان كم الإجازات التى استنعم بها البرلمان فى جلساته العامة أكبر من كم العمل. ما نذر بحالة من الاسترخاء فى الأداء، وعودة السلق، نتيجة المهام الملقاة على عاتق البرلمان بموجب الدستور والواقع المعاش.

إضافة إلى ذلك، فإن تمرير البرلمان لبرنامج الحكومة بهذا الكم الكبير من التأييد، رغم النقد الشديد للمناقشات، لا ينذر بوجود أداء متميز لحكومة ضمنت أغلبية مريحة، كان يفترض أن تنالها بنسبة تتراوح ما بين 50-60% حتى تحسن من أدائها نتيجة شعورها بالقلق من وجود قطاع كبير من الرفض لسياستها. لكن غالبية الأعضاء أبى بحجة «دع المركب يسير»، ولكن كيف يسير بهذا الوضع المتهالك، أليس فى هذه الدعوة قبول مبطن للحكومة غرضه عدم حل المجلس، وعدم بقاء الأعضاء أعضاء!!

من ناحية أخرى، فإن طريقة استقبال البرلمان لضيوفه من الداخل والخارج تنم هى الأخرى عن بقاء الخلل فى العلاقة مع السلطة التنفيذية، هنا نطالب القراء والأعضاء بإعادة الاستماع للكلمات الترحيبية والأشعار ومرات التصفيق التى كانت فى استقبال رئيس الدولة وملك السعودية فى مرتين متباعدتين ليشعر الجميع بكم الخجل الذى يصيب المرء بسبب الرياء والنفاق المذرى، الذى كان يمكن إبداله بكلمات ترحيب بروتوكولية عادية.

وأخيرًا وليس آخرًا، فإن من يتابع وقوف البرلمان المتكرر عند مسألة حرية الرأى والتعبير، ورفضه الرأى والرأى الآخر، ربما يتلمس العذر للسلطة التنفيذية التى يقطعها يوميًا الإعلام دون رد فعل منها. البرلمان الموكل له الدفاع عن حرية الرأى والتعبير يأبى أن تكون حرية الكلمة صادرة فى مواجهته، بدعوى حدود النقد!!