فرحة الناس فى الزقازيق وطنطا

ياسر أيوب الجمعة 22-04-2016 20:52

أحترم جدا كل الجهود التي بذلها لاعبو ومسؤولو فريق النصر للتعدين حتى تأهلوا، أمس الأول، للدورى الممتاز لكرة القدم.. فمن المؤكد أن الجميع في هذا الفريق دفعوا ثمن هذا التأهل تعبا وإصرارا وطموحا وعنادا وعذابا.

لكننى لست سعيدا بهذا التأهل، ولن أساير آخرين كثيرين سيحتفلون بهذا النادى باعتباره ممثلا لأهل الصعيد في دورى الأضواء.. فهذا ليس فريقا صعيديا حتى إن كان سيلعب مبارياته في استاد أسوان.. إنما هو فريق تملكه شركة وليس الناس.. وانتصاراته ستصبح ملكا للسيد رئيس مجلس الإدارة وليست للشوارع والبيوت المسكونة بالهموم والأحلام ومحاولات الفرحة المستحيلة.. ولا أعرف متى سنفيق من هذا الوهم وكل هذا العبث والدجل والتزوير والخداع ونمنع الجيش والشرطة والحكومة ووزاراتها وشركاتها من ترك مهامها الحقيقية والاستمتاع بلعب كرة القدم.. وتخيلوا الفارق لو أن النصر للتعدين كانت شركة كبرى قررت أن ترعى نادى أسوان وتقف في ظهره تقديرا وامتنانا واعتزازا لكل الناس في أسوان.

تخيلوا أيضا الفارق بين فريق يتأهل للممتاز فتأتى التهنئة لرئيس مجلس إدارة شركة يمتلى مكتبه بالورود والمجاملات والنفاق.. وناديان مثل الشرقية وطنطا يتأهلان فترقص شرفات البيوت وأرصفة الشوارع بفرحة حقيقية لم يأمر بها أو يطلبها أي أحد.. وقد كانت مشاهد الناس وهى في الزقازيق ترقص وتغنى للاحتفال بفريقها الذي أصبح في الممتاز.. أو الناس التي خرجت وانتظرت على مشارف طنطا وصول فريقها من دمنهور لتحتفل به وتغنى له ولنفسها.. مشاهد ليست كرة القدم هي أجمل ما فيها.. إنما هو الاحتياج الحقيقى للفرحة حتى لو كانت عبر ملعب كرة.. وأيضا فرصة رائعة لاستخدام كرة القدم، احتجاجا على الغياب.. غياب الحقوق والاهتمام والأضواء وكل شىء آخر.. فكرة القدم منذ، أمس الأول، جعلت كثيرين جدا يلتفتون إلى الزقازيق وطنطا دون أن تكون هناك أزمات وكوارث ومشكلات وقعت في المدينتين المنسيتين الجميلتين والقديمتين أيضا.

لكنها كرة القدم التي ستجعل هاتين المدينتين حاضرتين في إعلام القاهرة وأمام أهلها ومسؤوليها.. فالزقازيق لم تكن تستحق كل هذا الإهمال والتغييب والتخريب والموت البطىء يوما وراء يوم، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وكرويا أيضا.. فهى تاريخيا رابع مدينة مصرية تلعب كرة القدم بعد القاهرة والإسكندرية وبورسعيد.. وفى عام 1926 كان فيها النادى الذي أسسته العائلة الأباظية الذي تم تصنيفه رسميا كأحد أندية الدرجة الأولى في مصر كلها.. طنطا أيضا التي حلم بها الخديو إسماعيل كأكبر وأجمل مدن الدلتا وقلبها الصناعى والاقتصادى وكانت في يوم ما تملك أجمل نادٍ رياضى في مصر كلها، لدرجة أن يقرر الملك فاروق إطلاق اسمه على هذا النادى، الذي هو الآن نادى طنطا الذي يحبه كل الناس في طنطا.. ولا أخفى سعادتى بتأهل هاتين المدينتين وانضمامهما لأندية الناس في الدورى الممتاز الذي مهما حاولوا عسكرته أو تأميمه وتزوير هويته سيبقى في النهاية ملكا للناس الحقيقيين من الإسكندرية إلى أسوان.. أهلى وزمالك ومصرى وإسماعيلى واتحاد.. وشرقية وطنطا.