ليسوا ملائكة..

حمدي رزق الخميس 21-04-2016 21:24

هناك معلومة شائعة وخطيرة أن اللواء محمود وجدى، وزير الداخلية إبان ثورة 25 يناير، قرر إعادة 12 ألف أمين وفرد شرطة من المفصولين والمحكومين قبل هذا التاريخ، مصدر أمنى كبير أكد لنا هذه المعلومة الخطيرة، ولم يؤكد الرقم، قال نصاً: «لقد أعادوا للخدمة عدداً كبيراً جداً من أمناء الشرطة المفصولين والمحكومين، عادوا فعلاً إلى الخدمة فى ظرف قهرى واستثنائى مرت به الداخلية فى هذا الوقت الصعيب»!

عادوا، على أى أساس قانونى تمت إعادتهم؟!، يُسأل عن هذا الوزير محمود وجدى فى وزارة الفريق أحمد شفيق، والسؤال: هل هؤلاء الذين عادوا من الفصل إلى الشغل، عادوا بالفعل إلى أعمالهم الشرطية العادية، يعنى نزلوا الشارع، أم أنهم فى وظائف شرطية بعيدة عن الاحتكاك اليومى مع الشارع؟

تبقى مصيبة لو أن نفراً من هؤلاء يجولون بيننا فى الشوارع، هل مثل هؤلاء العائدين من الفصل والمحاكمات يؤتمنون على إعادة الأمن والانضباط فى الشارع، هل يحملون سلاحاً؟.. أخشى ومثلى كثير أن نفراً منهم وراء الإساءات المتعمدة إلى صورة أمناء الشرطة، وبالتالى إلى وزارة الداخلية فى التحليل الأخير.

ولطالما المعلومة صحيحة، ألم يحن الوقت لمراجعة هذا القرار الوزارى الخطير الذى اتخذ فى ظرف قاهر، وإعادة النظر فى تشغيل هؤلاء فى الشارع بين الناس، المفصول مفصول، يقيناً لا يصلح للعمل الشرطى إلا بعد إعادة التأهيل، هل جرى التأهيل الشرطى والقانونى والسلوكى لهؤلاء؟ هل تجرى متابعات لسلوكيات هؤلاء فى الخدمة وخارجها؟

معلوم ومنشور أن الأجهزة الرقابية تتابع أداء وسلوكيات أمناء الشرطة، وتقدم تقارير دورية عن أدائهم، فضلاً عن أن قطاع التفتيش بوزارة الداخلية يحقق فى جميع البلاغات التى تُقدم ضد أمناء الشرطة، ويرفع تقارير عاجلة بنتائج التحقيقات لوزير الداخلية.

هل آلية التفتيش والمراقبة والمتابعة قالت بأهلية هؤلاء أداءً وسلوكاً، هل جرت مراجعة تقارير أعمالهم خلال الأعوام السابقة على العودة بعد انتفاء الظرف القاهر، هل جرى الكشف العقلى والنفسى والمخدرات عليهم وعلى غيرهم دورياً، هل هناك متابعات فى نطاق أعمالهم وخدماتهم لقياس مدى الرضاء العام عن أدائهم الشرطى، هل تستقبل الداخلية بأريحية آراء وشكاوى المواطنين وتقف عليها تمحيصا وتحقيقا وإحالة؟!

مثل هؤلاء العائدين كالثمار المعطوبة تُفسد غيرها، كيف يمكن محاصرة فساد هذه العناصر بعد سلسلة الحوادث الأخيرة، حتماً ولابد من قياس أهلية أمناء وأفراد الشرطة جميعاً فى العمل بين الناس، أمين الشرطة الذى يقتل لأهون سبب يكلف الداخلية ما لا تحتمل، يهدر دماء الشهداء الطاهرة، يضيّع حق المحترمين والأكفاء وأصحاب الضمائر الحية، خطيئة فرد أمن تكلف اللواء عبدالغفار ما لا يحتمل، الوزير يقدم اعتذارات ويُقبّل الرؤوس فى أوقات مستقطعة من تشييع الشهداء.

مربط الفرس أداء وسلوكيات، من ينزل الشارع لابد من الاطمئنان لأهليته العقلية والنفساوية للاحتكاك بالشارع، ليس كل شرطى قابلاً للعمل بين الجماهير، العمل فى الشارع يحتاج لعقلية مؤهلة ونفسية مدربة وذكاء اجتماعى يكسب الشارع بالقانون، العائدون أخشى يخلصون ثارات قديمة!

لسنا ملائكة تمشى على قدمين فى الشوارع، فينا الطيب والشرس والقبيح، وأمناء الشرطة ليسوا ملائكة تنتشر فى الشوارع، فيهم الطيب والشرس والقبيح، الطيب هو ما يلزمنا، طيبة أخلاقية وحزم بالقانون، الأخلاق الحسنة والمعاملة الطيبة تتفق مع صحيح القانون، ليس مطلوباً الطيبة بمعنى التساهل، ولا الشراسة بمعنى التهجم على خلق الله، ولا يلزمنا بتاتاً القبيح.