شهدت الجلسة التى عقدها مجلس النواب، الثلاثاء، مشادات عنيفة بين النائبين خالد يوسف ومحمد أبوحامد، كادت تتطور إلى اشتباكات بالأيدى، لولا تدخل العديد من أعضاء المجلس، ما دفع الدكتور على عبدالعال، رئيس النواب، إلى رفع الجلسة، رغم مرور 10 دقائق فقط على افتتاحها.
وبدأت الواقعة بتأكيد «يوسف»، خلال كلمته فى الجلسة العامة، تعليقا على برنامج الحكومة: «هناك ثورة اندلعت فى (25 يناير)، وكانت موجتها الأعظم فى (30 يونيو) ودستور أُقر عام 2014، وأقسم بالله هذا البرنامج لا يمت بصلة لا للثورة أو الدستور أو الشعارات التى نادت بها الثورة ولا لدماء الشهداء، ولا علاقة له بمعاناة الفلاحين أو الشباب أو المرأة أو المعاقين ومشاكلهم، ولا يعرف شيئا عن قسوة المرض وقهر الفقر».
وأضاف «يوسف»: «هذا لا يمكن تسميته برنامجا، لأن الرؤية غائبة والأولويات مرتبكة والخيال مريض.. إنه استنساخ من حكومات ما قبل الثورة.. وأعرف أننى خاسر لهذه المعركة، لأن المجلس ربما يوافق على البرنامج، لكننى أقول بكل فخر إننى أرفضه».
من جانبه، قال «أبوحامد»: «من السهل أن يدَّعى شخص أنه يتكلم باسم الثورة والدستور، كما يدَّعى أن البرنامج لا يمثل الدستور، لكن دون الحديث عن بديل، ومن العبث تحميل الحكومة مشاكل الدولة منذ 30 سنة»، معلنا موافقته على برنامج الحكومة ومنحها الثقة، مشيرا إلى أن البرنامج يتسق مع «رؤية مصر 2030»، وأنه نقطة البداية لتنفيذ هذه الرؤية.
وتسبب كلام «أبوحامد» فى غضب «يوسف» الذى طلب الرد على توجيه الاتهامات، فوقف الأول فى وسط القاعة ملوحا بيده، وموجها كلامه لـ«يوسف»: «مَن أنت حتى تكون وصيا على الدستور؟! إنت كنت نايم فى بيتكم وقت الثورة!». واضطر رئيس المجلس مباشرة لإنهاء الجلسة، وخرج مسرعا من القاعة.
وحاول «يوسف» الوصول لـ«أبوحامد»، فاعترضه النواب قبل تطور الأمر ودخوله فى مرحلة الاشتباك بالأيدى، وأسرع سليمان وهدان، وكيل المجلس، نحو «أبوحامد»، وأمسكه من يده لإعادته إلى مقعده، قبل نجاح محاولاته فى الوصول لـ«يوسف»، وساعده فى ذلك نواب ائتلاف «دعم مصر» الذين أعادوه إلى مقعده، وهنأوه بدفاعه عن الحكومة.
وفى الجهة المقابلة، ذهب عشرات النواب، وعلى رأسهم مصطفى بكرى وأسامة شرشر، وانضم إليهم «وهدان»، لتهدئة «يوسف»، وأمسكوه من «بدلته»، وسط محاولات منه للوصول لـ«أبوحامد»، وانضم النائب هيثم الحريرى إلى مجموعة النواب الغاضبين من تصرف «أبوحامد»، وتعالت الأصوات متهمين الأخير بأنه «مستفز»، وأنه السبب فى هذه المعركة، بسبب انشغاله بالرد على زميل له فى كلمته بدلا من توضيح رؤيته فى البرنامج.
ونجح النواب فى إخراج «يوسف» من القاعة، بينما أحاط العديد من نواب «دعم مصر» بـ«أبوحامد» وهو يجلس على مقعده.
من جانبه، أعلن رئيس النواب عقد صلح بين النائبين، واعتذر «أبوحامد» لـ«يوسف»، فى الجلسة العامة، وقال: «أعتذر لكم وللنائب، لأنى خالفت اللائحة، ووجهت له الكلام».
وقال «عبدالعال»: «إن الممارسة البرلمانية تقتضى الاختلاف فى الرؤى، لكن لا ينبغى أن يأخذنا هذا الخلاف إلى تناحر أو توجيه النقد من نائب إلى آخر، ولابد من تبادل الاحترام، مهما كان الرأى مخالفا، حتى تكون الأمور فى إطار من الديمقراطية».
وأضاف: «اجتمع الزميلان، وتقبل كل منهما وجهة نظر الآخر، وتصافحا ودخلا القاعة أخين عزيزين، ولابد أن يراعى الجميع روح الود والحب، مهما كانت هناك اختلافات فى الرؤى»، وخاطب «أبوحامد» قائلا: «أحذرك من الدخول فى مناقشات جانبية مع أى عضو أو الرد عليه بأى وسيلة، وأطلب عندما يكون هناك نقد أن ننتظر إلى أن ينتهى الزميل من كلمته».
وقال «يوسف»: «كنت أتحدث باسم تكتل تحت الإنشاء، وهو(25- 30) الذى بذل جهدا لدراسة البرنامج مع المتخصصين، وعقدنا ندوات، ولدينا برنامج بديل وملاحظات، ومستعدون أن ندعها فى أمانة المجلس لعل أحدا يقرؤها».
وأشاد «عبدالعال» بـ«يوسف»، مشيرا إلى أن موقفه قبل ثورة 30 يونيو كان شجاعا وتعرض هو وأسرته لكثير من المضايقات قبل «30 يونيو» من أجل إنجاح الثورة، وأضاف: «زاملته فى لجنة الخمسين، وكان داعما للحريات التى وردت فى الدستور».
وعلق النائب سعد الجمال، قائلا: «يجمعنا الانتماء لمصر.. وتختلف الآراء لكن هناك احتراما كاملا لحرية الرأى والتعبير مادامت لا تمس كرامة أى إنسان سواء كان زميلا أو مواطنا».
وحصلت «المصرى اليوم» على كواليس محاولة الصلح بين النائبين، حيث استغرق الاجتماع الذى عُقد فى مكتب رئيس المجلس حوالى الساعة بعد رفع الجلسة لمدة 5 دقائق، وامتدت المفاوضات لفترة طويلة، بسبب الخلاف حول تطبيق عقوبة على أبوحامد من عدمه.