(1)
قالت: خللي بالك من نفسك، فيه ضدك حملة هجوم كبيرة، وبيتهموك إنك ضد الديموقراطية عشان ناصري
قلت لها مطئناً: لا تقلقي، لم أعد أغضب من الهجوم، طالما يهاجمني الطرفان، أنصار السيسي غاضبون مني، ومعارضو السيسي غاضبون مني، والناصريون أيضا غاضبون مني، فأنا ناصري بطريقتي الخاصة وليس حتى بطريقة عبدالناصر، وسيساوي بطريقة خاصة، وإخواني بطريقة خاصة، وشيوعي بطريقة خاصة، وسلفي بطريقة خاصة، وصوفي بطريقة خاصة، ومواطن بطريقة خاصة، وحزين بطريقة خاصة، وعدمي بطريقة خاصة، وعلمي جدا بطريقة خاصة، لأنني باختصار أمثل نفسي، ولا أتشبه بغيري، ولا أسعى لدخول شلة أو فريق، سأظل «أنا» هو «أنا» لا «أنت» ولا هو، كما كتبت من قبل، ولن أكون ابداً الاستاذ، ولا المدير، ولا الكبير، ولا الشهير، سأظل: العبدلله.. المواطن الفقير، الكريم، عزيز النفس، الذي لن يحني هامته إلا لله، ولمداعبة طفلة صغيرة.
(2)
هناك فارق كبير بين الجرأة والتهور، بين الشجاعة والتطاول، بين الكبرياء والتكبر، بين الإحساس بالعظمة، والإحساس بالعزة والكرامة، وقد علمني ربي (كما دربتني الهزائم) عظمة التواضع، والقوة في الحق بلا مكابرة ولا عناد، والحمد لله، أنني أتحرى الدقة في هذا الفارق، أخطئ كثيرا، وأصيب ما استطعت، وبقدر ما يوفقني الله إلى طريق الحق، لكن ما أكتبه في كل وقت يمثلني بلا توازنات، وبلا حسابات خفية لمصالح شخصية، وبلا خوف من سلطان، وبلا نفاق لحاكم، ولن أدافع عن كلمة كتبتها باعتبارها هي الحق الوحيد، فكلماتي مجرد اجتهاد، واقتراحات، وتنبيه بقدر علمي ورؤيتي، لكن ما أدافع عنه في كلماتي، هو «الصدق»، فأنا اكتب بصدق بصرف النظر عن مردود المقال عند القارئ العادي أو أقطاب السلطة، أو الأصدقاء أيضا، لذلك أظل على خلاف مع الجميع، ولم يعد يزعجني هذا الخلاف، بل أشعر أننا بحاجة للتدريب على ممارسته، لأنه مظهر أساسي من مظاهر الحرية والديمقراطية التي نطلبها بكثير من الكلام وبقليل من الوعي والفعل.
(3)
هذه الكلمات ليست مقالاً، بالمعنى التقليدي، لكنها ضرورية لضبط الاتجاهات، وقد تعمدت أن تكون معطلة لشهوة التلذذ السادي، بالهجوم الأعمى على الآخرين.. كل الآخرين، لمجرد الهجوم، والانتقاص، والتشكيك، والهدم، الذي انتشرت معاوله، وتكاثر عماله، في ظل غياب المهندسين، وماكيتات البناء، ففي الخرائب عادة تكثر النفايات، ويعلو نعيق البوم، وتشيع الحاجة للهدم أكثر من البناء؟
(4)
أيها الأعزاء.. شركاء المرحلة، والهزائم المتوالية، والهواء الفاسد، والماء الملوث، والفواتير الجالبة للهم، والحكام الذين يرفعون الضغط، اتكلموا.. قولوا، لكن ايضا فكروا، وتأملوا، وتعلموا، فلن نغير حياتنا بالشتائم والسباب فقط، ولكن بالحوار، حتى لو انطلق من أرضية الخلاف والاختلاف.. يا أحباب الوطن/ كفاية شتائم.. تعالوا إلى كلمة سواء.
(5)
لقد قرأت الكثير من الشتائم، وكل عشمي أن نكتفي بهذا القدر من السباب الذي يورث العناد والكفر، وأن نبدأ معاً مرحلة الحوار، وهذه المساحة مفتوحة للحوار والنقاش، وسوف أنشر الرأي المعارض قبل الرأي المؤيد... فابدأوا
عاشت مصر حرة.. وعاش شعبها كريماً، أبياً، صانعاً للحضارة.