البركة.. فى الأراضى الصحراوية!

عباس الطرابيلي الإثنين 18-04-2016 21:06

تعالوا نضرب عدة عصافير بحجر واحد! يعنى نعالج فقر الحكومة وعجزها المالى.. فى نفس الوقت نرضى هواة تملك الأراضى.. وأيضاً نستفيد من وجود أموال سائلة فى البنوك هى ملك للناس وهى بدون استثمار يذكر، وإن كانت الدولة تستفيد بجزء منها فى شراء البنوك أذون وسندات الحكومة.. بل وعدة عصافير أخرى، وكل ذلك «ممكن» من خلال عرض مساحات هائلة من الأراضى الصحراوية للبيع، وبالذات حول المدن الجديدة وخصوصاً فى المدن الصحراوية.

وقد فهمت الدولة «هذه الفولة» جيداً، فالمصرى من عشاق التملك.. وهى فعلاً استثمار مرغوب من كل الأطراف، وفهم هذه الفولة أكثر الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان.. وذلك من خلال تجهيز مساحات من هذه الأراضى الصحراوية وعرضها للمصريين للشراء.

وتنفيذاً لهذه السياسة بدأت عملية عرض 21398 قطعة أرض للبيع فى 21 مدينة جديدة بمساحات مختلفة بين 209 أمتار مربعة و1500 متر.. وهى مرحلة أولى من إجمالى 60 ألف قطعة أرض تخطط الدولة لطرحها للبيع بالمدن الجديدة بمساحة 35 مليون متر مربع.. وهى متنوعة الأغراض ولمختلف الشرائح أى للإسكان الاجتماعى.. والإسكان المتميز.. والإسكان الأكثر تميزاً وكلها سيتم بيعها بالقرعة اليدوية، للبعد بالعملية كلها عن أى عبث أو لعب.. أو محسوبيات.

وسعر بيع الأرض «الأساسى» يبدأ بـ720 جنيهاً للمتر إلى أن يصل إلى 5100 جنيه للمتر فى الأراضى الأكثر تميزاً، أى أراض ترضى كل الأذواق.. وتلبى كل الرغبات، سواء من يريد بناء مسكن متواضع.. أو عمارات.. أو فيلات، وربما تكون مدينة 6 أكتوبر هى الأكثر تميزاً، وبالذات الشيخ زايد حيث المتر مطروح بين 3800 جنيه و5100 جنيه، وكذلك فى القاهرة الجديدة، فى الأحياء الفخمة «اللوتس والأندلس»، ولمزيد من إغراء الناس على الشراء أعدت الوزارة رسومات ونماذج معمارية يتم تسليمها للفائزين بالقرعة بجميع رسوماتها التنفيذية اللازمة لاستصدار التراخيص.

وهذه السياسة تحقق أهدافاً عديدة، منها مواجهة «كارثة» تقسيم الأراضى، التى تتم عشوائياً.. وتنشئ لنا مناطق سكنية شديدة السوء.. على حواف المدن القديمة، وتابعوا معنا ما نراه فى منطقة الملك فيصل بمدينة الجيزة.. أو ما نراه - وما أبشع ما نراه - من أبراج ومساكن على طول الطريق الدائرى، لا تراعى خصوصية الناس وبلا شوارع.. بل مجرد (حوارى وأزقة).. يصافح فيها الجار جاره، ولا تستطيع سيارات الخدمة العامة، من إنقاذ أو إطفاء أو نقل، اختراقها بسبب ضيقها.. ثم غياب شوارع طولية وعرضية صحية تسمح بدخول الهواء لتجديد الراكد من الهواء غير الصحى.

ونشأت عندنا مافيا جديدة - خطيرة - هى مافيا تقسيم الأراضى.. وما يتبعها من مافيا بناء أبراج معظمها غير سليم إنشائياً، وتنتهى مسؤولية الذين «قسموا الأراضى، والذين بنوها بمجرد تمليكها.. ولا أى مسؤولية عليهم، عند الضرورة!! وكلها نجحت فى تلبية عشق المصريين لتملك الأرض.. والسكن.. وبالذات لمن يعمل، أو عمل لفترات طويلة بالدول العربية.

أقول ذلك لأننا عجزنا - لسنوات طويلة - عن وضع قانون عملى للتخطيط العمرانى، ليس للمدن فقط.. بل ولتحديد الأحوزة العمرانية حول القرى والمراكز.. مما سمح بنشأة الأحياء السكنية غير السليمة تخطيطياً أو معمارياً، ومن الواجب هنا أهمية تسجيل الأراضى الجديدة المعروضة للبيع من أول مايو المقبل.. وبذلك تنجح الدولة فى بيع الصحراء.. ثم تحصل على أموال أخرى لتسجيلها.. وبالتالى تتحرك المياه الراكدة.. بفتح فرص عمل لكل العاملين فى مجال المعمار والبناء، من محاجر الرمال ومصانع الطوب والبلاط والسيراميك إلى نجارى المسلح وحدادى المسلح.. وأعمال الصرف الصحى والكهرباء.. وحتى الديكورات.. وكان هذا - لمن لا يعرف - من أهم أسباب التوسع فى إنشاء القرى السياحية، على امتداد الساحل الشمالى الغربى.

■ ■ هذه الخطوة إذن سوف توفر للناس أراضى البناء - وهذا حلم لهم - وتمكن الدولة من الحصول على الأموال المكدسة فى البنوك.. وهذه تساهم فى تقليل العجز المالى الذى تعيشه الدولة المصرية.. وتوقف إنشاء الأحياء العشوائية.. أى كله مكسب!!