فوجئ العالم الكروى كله، أمس الأول، بهزيمة جديدة لبرشلونة فى الدورى الإسبانى أمام فالنسيا.. وفى استاد الكامب نو بمدينة برشلونة..
خسر النادى الكتالونى للمرة الثالثة على التوالى فى دورى هذا الموسم، ولم يجمع سوى نقطة واحدة من آخر أربع مباريات له، وهو أمر لم يعرفه برشلونة منذ ثلاثة عشر عاما.. ودفعنى الفضول لقراءة ما قاله الإعلام الكروى الإسبانى والأوروبى عن هذه الهزيمة.. وكان كلاما كثيرا، إلا أننى توقفت أمام ما قاله باكو أيستاران.. مدرب فالنسيا الذى قاد لاعبيه لهذا الانتصار الكبير.. وكان كلامه رائعا يستحق كل تقدير واحترام.. لم يبالغ ولم يقل إنه خطط لهذا الانتصار، إنما قال بوضوح وهدوء أيضا إن الفوز على برشلونة فى الكامب نو يحتاج إلى تركيز هائل من كل اللاعبين ولتعاون بين الجميع طوال الوقت.. والأهم من كل ذلك هو الحظ..
قال أيستاران أيضا إن الحظ كان معه ومع لاعبيه فى الكامب نو.. ونتيجة هذا الحظ غادر فالنسيا الكامب نو بالنقاط الثلاث بعد أن أخفقت كل محاولات برشلونة فى إدراك التعادل، وبعد الفوز الذى كان سيبدو أمرا طبيعيا ومنطقيا.. لم يتحدث أيستاران فقط عن الحظ وتركيز لاعبيه.. لكن أعرب عن امتنانه العميق لجماهير فالنسيا، التى ظلت وفية وعاشقة لفريقها رغم خسائر وأوجاع مباريات أخيرة كثيرة..
وقال أيستاران إن سعادته الحقيقية ليست الفوز على برشلونة، إنما فرحة هذه الجماهير التى عاد لها، أمس الأول، من جديد اعتزازها وفخرها بفريقها.. لم يتحدث الرجل عن نفسه مطلقا ولم ينسب لنفسه أى دور فى هذا الانتصار ولم يبد أنه من هواة المن والأذى.. والمثير فى الأمر أن هذا الرجل من الشمال الإسبانى.. من إقليم الباسك الذى يطالب بالانفصال عن مدريد تماما، مثل كتالونيا فى الجنوب.. ولعب الكرة صغيرا فى نادى ريال سوسيداد، وبدأ التدريب فى نادى أوساسونا، والناديان فى إقليم الباسك الذى يؤمن الناس فيه بأنهم المنسيون من برشلونة وأخواتها، والمضطهدون من مدريد وحكومتها وقصرها وناديها الملكى..
وربما يمنح ذلك أيستاران طعما مغايرا لانتصاره فى الكامب نو.. أو ربما كان ذلك هو انتصاره الأكبر طيلة مشواره مع التدريب.. فعلى الرغم من نجاحه فى أغسطس الماضى فى قيادة مكابى تل أبيب للفوز بأول ثلاثية فى تاريخ النادى الإسرائيلى.. إلا أن أحدا خارج إسرائيل لم يلتفت إليه، وربما هو نفسه لم يشعر بأى فرحة حقيقية..
ولهذا غادر إسرائيل بعد هذا الانتصار إلى المكسيك لقيادة سانتوس لاجونا، وبعد قليل يذهب مدربا مساعدا لفالنسيا، وفجأة يصبح هو الرجل الأول، وفجأة يقود هذا الرجل الأول الجديد فالنسيا لهذا الانتصار الكبير على برشلونة فى الكامب نو.. انتصار له ألف معنى لجماهير فالنسيا ولجماهير ريال مدريد فى العالم كله، وحتى برشلونة أيضا..
لكنه بالنسبة لأيستاران هو انتصار على كل الأيام والظروف.. والأحلام المؤجلة وإثبات الذات الذى تأخر كثيرا وطال انتظاره حتى تحقق بالفعل وأمام العالم كله.