شبح «الغلق» يطارد «1650» مصنعاً فى «برج العرب»

كتب: رجب رمضان, أحمد علي الأحد 31-10-2010 08:00

هدد عدد من المستثمرين، فى المناطق الصناعية الجديدة ببرج العرب وميرغم، غرب المحافظة، باتخاذ إجراءات تصعيدية، ضد وزارة التجارة والصناعة، حال استمرار العديد من المشكلات والمعوقات التى تهدد بتوقف الأنشطة الصناعية بمصانعهم خاصة النسجية والغذائية، وطالبوا الوزارة بالتدخل لإنقاذ الصناعات الصغيرة والمتوسطة بالإسكندرية، من الانهيار، حيث يبلغ عدد المصانع التى تعانى من هذه المعوقات فى برج العرب وحدها نحو 1650 مصنعاً يعمل معظمها فى الصناعات النسجية والغذائية.

«إسكندرية اليوم» رصدت المشكلات فى المنطقة الصناعية فى برج العرب، وقال أحمد السيد، من المستثمرين، إن جميع المصانع الموجودة فى منطقة برج العرب الصناعية مهددة بالغلق، وبالتالى توقف الأنشطة بها نظراً لمواجهتها العديد من المشكلات، من بينها مشكلة تخصيص الأرض ومنحها للمستثمرين، خاصة أنه من المفترض أن تقوم الهيئة المصرية العامة للتنمية الصناعية فى وزارة التجارة بتحديد المساحات المطلوبة، طبقاً لخطاب الضمان إلا أنهم يقومون بالتعامل مع المستثمرين دون ثقة من خلال طلبهم ضمانات مالية لضمان جدية المشروع، وبالتالى يضطر المستثمر الصغير إلى سحب نسبة كبيرة جداً من السيولة المالية الموجودة لديه من أجل استيفاء خطاب الضمان المطلوب، مما يؤثر بالسلب على الأنشطة وإنشاء المصنع من الأساس، خاصة أن الميزانية ضعيفة باعتباره مصنعاً صغيراً.

وأضاف: إن الهيئة أحياناً توافق على إنشاء مصانع مضرة بالبيئة دون الرجوع إلى إدارة الرصد البيئى أو جهاز شؤون البيئة والمحافظة باعتبارهما الجهة الإدارية التنفيذية، المنوط بها الموافقة على مثل هذه المشروعات، مشيراً إلى أن هناك مصانع تمت الموافقة على إنشائها وتضر بالبيئة فى المنطقة، بطرق ملتوية.

وشكا أحمد الحصرى، صاحب مصنع بمنطقة برج العرب، من انعدام الشفافية فى تحديد مواعيد تسلم الموافقات من هيئة التنمية الصناعية، فضلاً عن عدم الاعتداد بقرارات الفرع فى الإسكندرية ومقره العامرية والرجوع إلى القاهرة فى كل صغيرة وكبيرة، مما يدعم المركزية فى اتخاذ القرارات، التى تتغنى الحكومة بالقضاء عليها وتفعيل اللامركزية، على حد قوله.

وانتقد السيد يس، مستثمر، البيروقراطية والروتين القاتلين فى اتخاذ القرارات وتنفيذ خطاب الضمان، بالإضافة إلى تحصيل الرسوم المبالغ فيها، دون سند قانونى أو شرعى، لافتا إلى أن إصدار التراخيص الصناعية أمر أصبح غاية فى الصعوبة.

وأكد المهندس هانى المنشاوى، رئيس جمعية الصناعات الصغيرة والمتوسطة، فى منطقة برج العرب، أن المصانع الصغيرة البالغ عددها نحو 1650 مصنعاً فى المنطقة، يعمل معظمها فى الصناعات النسيجية والغذائية، وباتت مهددة جميعها بالتوقف والغلق، بسبب المشكلات التى تواجهها سواء من شركات الكهرباء أو الصرف الصحى أو الهيئة العامة للتنمية الصناعية ذاتها.

قال المنشاوى، لـ«إسكندرية اليوم» إن من بين المشكلات التى تعانى منها المصانع ارتفاع «مقايسات» الكهرباء والمياه والغاز الطبيعى، مشيراً إلى أن الزيادة وصلت إلى أكثر من 120٪ خلال الفترة من 1995 حتى 2010، ما يشكل تهديداً مباشراً للأنشطة الصناعية، لافتاً إلى أن هناك مشكلات أخرى تتمثل فى قيام شركة الصرف الصحى فى الإسكندرية، بأخذ عينات من المصانع لضمان عدم تخريج الصرف الصناعى، على الشكبات الرئيسية وفرض غرامات مبالغ فيها وغير عادلة، فى بعض الأحيان بين 800 جنيه و1000 جنيه.

وأكد «المنشاوى» أن الصندوق الاجتماعى للتنمية، يضع شروطاً، وصفها بـ«مجحفة» من أجل الحصول على قروض أو منحة أجنبية، بحجة منع المستثمرين الصغار من الحصول على قروض بسبب «المخاطرة»، مشيراً إلى أن الجهات الأجنبية تفرض فائدة 2٪ أو 3٪ على أقصى تقدير، إلا أن البنوك ترفعها إلى 12٪ أو 13٪، بالإضافة إلى استحالة الحصول على الاقتراض المباشر من الصندوق دون استيفاء بعض البيانات غير العملية مثل توقيع المستثمر وزوجته وأولاده مثلاً على خطابات الضمان.

وأوضح أنه تم إرسال مخاطبات عديدة إلى رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية ووزارة التجارة والصناعة للتدخل وإنهاء هذه المشكلات دون مجيب.

من جانبها كشفت مذكرة رسمية، تقدمت بها شعبة الاستثمار العقارى فى الغرفة التجارية بالمحافظة، إلى المجلس الشعبى المحلى، عن وجود مشكلات عديدة تعانى منها المصانع مع شركة كهرباء الإسكندرية، أبرزها زيادة أسعار المقايسات بشكل مغالى فيه، خلال فترات زمنية قصيرة، ما جعل تلك المقايسات تضاعف الأعباء المالية على الشركات والمصانع والأفراد لتغذية مبانيهم بالتيار الكهربائى، حيث تبلغ بعض المقايسات عشرات الآلاف من الجنيهات، فى حين ارتفع سعر المعدات والكابلات بنسبة زيادة 100٪.

وأكدت المذكرة أن الشركة تصر على عدم تنفيذ المقايسات، إلا بعد سداد قيمتها بالكامل، وفى حالة طلب التقسيط يتم اشتراط سداد 60٪ دفعة مقدمة، والباقى على 6 أشهر مع الفوائد مع عدم تنفيذ المقايسة، لا بعد اكتمال سداد القيمة بالكامل. وأضافت أن هذه الشروط التعجيزية تشجع المواطنين على سرقة التيار الكهربائى.

وأكد تقرير لجنة الصناعة فى المجلس الشعبى المحلى للمحافظة، وجود مشكلات تعانى منها المنطقة الصناعية فى برج العرب وميرغم من بينها كثرة انقطاع التيار الكهربائى وارتفاع أسعار المقايسات والاستهلاك بالنسبة للمصانع، وتضرر العديد من الشركات والمصانع بسبب الخسائر وتأثيرها السلبى على الإنتاج.

قال خالد أبوالنصر، رئيس اللجنة، إن مشكلة انقطاع التيار الكهربائى عن بعض المصانع مسألة خطيرة فى مصانع الغزل والنسيج والبلاستيك، وهى صناعات حساسة وبها ألياف صناعية ومواد بترولية سائلة، ويسبب انقطاع التيار الكهربائى تحويلها إلى عوادم وخسارة قبل إتمام إنتاجها، منتقدا ارتفاع أسعار الكهرباء بالنسبة للمصانع حيث يحاسب المصنع الصغير أو غيره، على أساس مقايسة 7000 جنيه شهرياً سواء استهلك كهرباء أم لا والمفروض أن تتم المحاسبة على الاستهلاك الحقيقى الفعلى وعدم المغالاة فى المقايسة للمصنع مع ضرورة متابعة الأعطال والانقطاعات وإمداد المصانع، خاصة الصغيرة منها، بالتيار الكهربائى، بأقل تكلفة لتخفيض قيمة المنتج، حيث إن المنافسة قوة بين المنتجين المحلى والمستورد- بحسب قوله.

وطالب «أبوالنصر» بتخفيض رسوم تلك المقايسات، لتشجيع معظم المصانع والشركات على استخدام الغاز الطبيعى، حيث إنه صديق للبيئة لأن المغالاة فى المقايسات تتسبب فى إحجام بعض المصانع عن استخدام الكهرباء.

وقال محمد عبدالله العزب، مستثمر، إن المستثمرين يواجهون معاناة كبيرة يعيشها أكثر من 320 مستثمراً، فى منطقة ميرغم الصناعية فقط، بالإضافة إلى منطقة برج العرب، التى تساهم فى فتح بيوت نحو 160 ألفاً من العاملين بتلك المصانع والمستمرة منذ 15 عاماً، بسبب رفض المحافظة تقنين أوضاع الأراضى بالمنطقة، بعد أن دخل مستثمروها فى صراع منذ عام 1993 لتصحيح أوضاعهم مع المحافظة، لكنهم لم يصلوا إلى حل حتى الآن.

وأضاف أن مساحة منطقة ميرغم تبلغ 1800 فدان، وهى نفس المساحة التى تشغلها منطقة برج العرب الصناعية تقريبا، التى تمت تسوية أوضاعها ووضع الإطار القانونى للتعامل مع حيازات الأراضى بها، كما تم تزويدها بجميع المرافق والخدمات لتصبح منطقة صناعية من الدرجة الأولى، قادرة على التصنيع والإنتاج والاندماج والمنافسة فى الأسواق العالمية.

من جانبه أكد مصدر مسؤول بـ«هيئة الاستثمار» أنه عندما تكون الأراضى مملوكة للدولة، يستفيد منها الأفراد والهيئات صناعياً أو سياحياً، بقرار تخصيص تعقبه عدة إجراءات قانونية لتحصل المنشأة على هذه الأراضى بصورة طبيعية.

وقال المصدر، الذى طلب عدم نشر اسمه، إن الأمر يختلف فى منطقة «ميرغم» فهى ملكيات خاصة للأهالى عن طريق وضع اليد، لكن مع صدور قرار محافظ الإسكندرية عام 1996 أنه يسرى على منطقة ميرغم حكم المادة 11 من قانون الاستثمار رقم 230 لسنة 1989 وقرار المحافظ رقم 193 لسنة 1999 تعديل بعض أحكام القرار 324 لسنة 1992، لتسوية أوضاع الحائزين للأراضى المملوكة للدولة، أصبح لا يجوز للمحافظة التصرف فى الأراضى المملوكة لها ملكية خاصة، للذين ثبتت حيازتهم لها بالبيع المباشر، وبثمن المثل فى تاريخ ثبوت الحيازة بوضع اليد، بمعنى أن المستثمرين الحائزين على أراض مشروعاتهم بوضع اليد يكون الثمن هو ثمن المثل فى تاريخ وضع اليد.

وقال على عبدالهادى، عضو مجلس إدارة جمعية مستثمرى «ميرغم» إن القرار الجديد الخاص بالتراخيص فيه ظلم للمستثمرين، خاصة أن معظمهم من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأن القرار الجديد يشترط أن يكون المشروع قائماً فى الوقت الذى تقوم فيه الجهات المختصة بالموافقة على إصدار تراخيص المشروعات الصناعية، دون توافر عقود مسجلة بالأراضى التى سوف تقام عليها المشروعات.

واعتبر «عبدالهادى» القرار عائقاً جديداً أمام الاستثمار فى هذه المنطقة، يضاف إلى مجموعة المشاكل التى تعانى منها المصانع، حيث لا يوجد بها أى خدمات أساسية لأى منطقة سكنية فلا يوجد بها قسم شرطة أو مرفق إسعاف أو مطافئ أو بنك، وتعانى المنطقة بصفة دائمة من انقطاع المياه والتيار الكهربائى وسوء شبكة الصرف الصحى والصناعى، الأمر الذى يهدد مستقبل المنطقة والمستثمرين، وطالب بضرورة حل المشكلة عن طريق تفعيل توصيات اللجنة المشكلة بقرار محافظ الإسكندرية، رقم 603 لعام 2006 الخاصة، لبحث مشكلات وطلبات مستثمرى ميرغم.

وعن المشاكل التى يواجهها المستثمر فى قطاع الكهرباء، قال نبيل أبوحمدة، رئيس جمعية مستثمرى ميرغم، لا توجد مشكلات فى الطاقة لكن الأزمة فى المبالغ الرهيبة، التى يتحملها المستثمر فى مد خطوط الكهرباء، فأسعار توصيل الكهرباء مرتفعة للغاية، ويتحمل المستثمر جزءاً كبيراً منها، لدرجة أن أسعار التوصيل أصبحت أكبر من ثمن الأرض، لذلك لابد من إيجاد حلول بديلة لتوفير طاقات إضافية بأسعار مناسبة، والقضاء على المشكلات المتراكمة مع المستثمرين، بسبب أسعار الكهرباء، وتكاليف بناء ومد محطات التوليد.

وطالب «أبوحمدة» بمراجعة رسوم إدخال المرافق، وتسهيل إجراءات حصول المستثمرين عليها، خاصة فى المناطق الصناعية، مشيراً إلى أن المقايسة الجديدة لم ترحم أصحاب المشروعات الصغيرة، إلى جانب ارتفاع تكاليف إدخال واستهلاك الكهرباء، التى أصبحت أحد معوقات الاستثمار وهو ما يعنى زيادة فى التكاليف الإجمالية للمشروعات، وبالتالى أحد معوقات إقامة المصانع الجديدة.

وأوضح الدكتور محمد محرم، عضو مجلس إدارة جمعية مستثمرى ميرغم، رئيس لجنة البيئة والطاقة فى جمعية رجال الأعمال بالمحافظة، أن القرار الأخير يضيف مشكلة جديدة للمشاكل التى تواجهها المناطق الصناعية فى الإسكندرية، وأهمها قصور الخدمات المقدمة لصغار المستثمرين وعشوائيات الصناعة واختلاف أسعار الأراضى وتخصيص أراضٍ دون بنية أساسية والشروط التعاقدية، فمثلاً تواجه المصانع فى الوقت الحالى مشكلة النظافة فكل مصنع مطالب بمبلغ ما بين 2000 و3000 جنيه شهرياً، كرسوم نظافة، تحصل حسب مساحة وحجم المصنع واستهلاكه للكهرباء.