استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، بمطار القاهرة الدولي، الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، الذي يزور مصر خلال الفترة من 17إلى 19 أبريل الجاري.
وتوجه الرئيسان إلى قصر القبة، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي للرئيس الفرنسي، وتم استعراض حرس الشرف وعزف السلامين الوطنيين.
وقال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس عقد اجتماعاً مصغراً مع الرئيس الفرنسي بحضور وزيري الدفاع والخارجية، تلته جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين.
ورحب السيسي، بالرئيس الفرنسي، مؤكداً ما توليه مصر من اهتمام لهذه الزيارة الاستثنائية التي تعكس إرادة مشتركة لتنمية وتعميق العلاقات الوطيدة التي تجمع بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كما أشاد الرئيس بالمواقف الفرنسية الداعمة لمصر في حربها ضد الإرهاب ومساهمتها في حصول مصر على الأسلحة المتطورة اللازمة لمواجهته، فضلا عن حرصها على دعم عملية التنمية الشاملة التي تشهدها مصر، ولاسيما على صعيدها الاقتصادي.
ومن جانبه، أعرب الرئيس الفرنسي، عن سعادته بزيارة الدولة التي يقوم بها إلى مصر، منوها إلى أنها الزيارة الثانية له حيث سبق أن شارك في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة في أغسطس 2015 تلبية لدعوة الرئيس السيسي.
وأكد الرئيس الفرنسي حرص بلاده على دفع علاقات الصداقة والتعاون مع مصر قدماً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية.
وأضاف المتحدث الرسمي، أن الرئيس أكد الأهمية التي توليها مصر لزيادة الاستثمارات الفرنسية ودعم تواجد الشركات الفرنسية في مشروع تنمية قناة السويس لما يتيحه من فرص واعدة ومناطق صناعية، أخذاً في الاعتبار أن مصر تتيح النفاذ للمنتجات الفرنسية إلى الأسواق العربية والإفريقية التي ترتبط مصر مع دولها باتفاقيات للتجارة الحرة وترتيبات تفضيلية.
وأشار إلى عدد من مجالات التعاون الواعدة بين البلدين، وفي مقدمتها مجال الطاقة المتجددة وبحث مدى إمكانية التعاون مع الجانب الفرنسي لتنفيذ مشروعات لتوليد الطاقة المتجددة في مصر تقوم بها الشركات الفرنسية، وذلك في إطار تنفيذ التزامات فرنسا بموجب اتفاق باريس لتغير المناخ.
من جانبه، أشاد الرئيس الفرنسي، بالمشروعات التي تدشنها وتنفذها مصر في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في الجهود التي تبذلها مصر على الصعيد الاقتصادي، وقدرتها عل تحقيق النمو، وأكد دعم بلاده لكافة الجهود المصرية المبذولة في هذا الصدد، منوها إلى أنه يرافقه وفد كبير من ممثلي مجتمع الأعمال الفرنسي في مختلف المجالات.
وأشار إلى أن زيارته إلى مصر تشهد التوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وإعلانات النوايا بشأن الكثير من المجالات الهامة، والتي يأتي في مقدمتها مجالات النقل والطاقة والتكنولوجيا وغيرها.
ولفت إلى مجالات التعاون الثقافي بين البلدين، موضحا أن مصر دولة عريقة وكبيرة في محيطها الاقليمي وتتمتع بتراث ثقافي وحضاري عظيم.
وقال إن مصر تعد مقصدا سياحيا جاذبا للسائحين الفرنسيين، منوهاً إلى الارتباط الوثيق بين السياحة وتحقيق الأمن والاستقرار.
بدوره، أعرب السيسي عن اهتمام مصر باستعادة التدفقات السياحية إلى طبيعتها، مشيرًا إلى استعداد مصر لاستقبال وفود أمنية من الدول الصديقة والمصدرة للسياحة إلى مصر، ومن بينها فرنسا، للتأكد من المعايير الأمنية المعمول بها في المطارات المصرية والمقاصد السياحية.
كما أعرب الرئيس الفرنسي عن حرصه واهتمامه بموضوعات حقوق الإنسان في مصر، وفي هذا الصدد أكد الرئيس، أن مصر دولة مدنية ديمقراطية حديثة تعلي مبدأ سيادة القانون، مشددا على حرص مصر على تطبيق حقوق الانسان بمنظور شامل يتضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مثل الحق في التعليم الجيد والمسكن اللائق والرعاية الصحية المناسبة.
وأوضح أنه لا يُمكن تناول السياق الحقوقي في مصر بمعزل عن ظروفها الداخلية وواقعها الاقليمي المضطرب، أخذاً في الاعتبار أن تعداد سكان مصر يبلغ 90 مليون نسمة وأن زعزعة استقرارها تعني تهديد استقرار منطقة الشرق الأوسط.
وأشار إلى محاولات زعزعة أمن واستقرار مصر من خلال تصوير الأوضاع الداخلية بشكل يجافي الحقيقة، فضلا عن التشكيك في المؤسسات الوطنية للدولة المصرية.
وعلى الصعيد الإقليمي، أكد الرئيس السيسي، أهمية تكاتف جهود المجتمع الدولي من أجل التوصل إلى تسويات سياسية للأزمات التي يشهدها عدد من دول المنطقة بما يحافظ على وحدتها الاقليمية ويحول دون انهيار كياناتها ومؤسساتها، ويصون مقدرات شعوبها، حيث توافق الرئيسان على أهمية تعزيز التشاور والتنسيق بشأن تسوية أزمات المنطقة.
وفي هذا السياق، أشار الرئيس الفرنسي، إلى المبادرة الفرنسية التي تهدف إلى إحياء عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط.
وأعرب الرئيس السيسي، عن دعم مصر للمبادرة الفرنسية ولكافة الجهود الصادقة التي تهدف إلى إرساء الأمن والاستقرار بين الاسرائيليين والفلسطينيين في إطار حل الدولتين وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
كما توافقت رؤى الرئيسين على أهمية التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية تُعلي الخيارات الوطنية للشعب السوري وتتوافق مع إرادته الحرة، وتحافظ على وحدة الأراضي السورية، وتأخذ بعين الاعتبار مكافحة الإرهاب، وإنهاء معاناة الشعب السوري.
واستأثر الشأن الليبي بجانب مهم من المباحثات، حيث اعتبر الجانبان أن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية يُعد خطوة إيجابية، متمنين أن تسفر جلسة البرلمان الليبي التي ستنعقد في طبرق غداً عن إقرار تلك الحكومة بما يدفع جهود التسوية السياسية في ليبيا، ويساهم في القضاء على نشاط التنظيمات الارهابية على الأراضي الليبية.
وأكد السيسي، أهمية دعم الجيش الوطني الليبي ورفع حظر السلاح المفروض عليه ليتمكن من بسط السيطرة والأمن في الاراضي الليبية، ويضطلع بمهامه في مكافحة الإرهاب، وقد عول الرئيس الفرنسي على دور مصر في تسوية الأزمة الليبية بما تتمتع به من علاقات جيدة مع البرلمان الليبي المعترف به دولياً وكذا مع الجيش الوطني الليبي.
وفيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، أكد السيسي، أهمية العمل الدولي المشترك للقضاء على تلك الآفة الخطيرة، موضحاً أن انتشار التنظيمات الإرهابية والفكر المتطرف يؤكد الحاجة إلى مقترب جديد وشامل لمواجهة الإرهاب لا يتوقف عند حدود التعاون العسكري والأمني ولكن يمتد ليشمل الأبعاد الفكرية والدينية، منوها إلى أن مصر بصدد الدعوة لعقد مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب خلال شهر أكتوبر المقبل.
وشدد على أهمية التصدي لمحاولات تقويض الدولة الوطنية في المنطقة والعمل على إعادة بناء الدول التي سقطت.
وأعرب الرئيس الفرنسي عن اهتمام بلاده ودعمها لمصر في مكافحة الإرهاب، مؤكداً أن مصر تعد ركيزة أساسية للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى الارتباط الوثيق بين أمن مصر والمنطقة وبين أمن أوروبا، كما أشار إلى دعم فرنسا لعقد هذا المؤتمر ولكافة المبادرات الرامية لمكافحة الارهاب.