إذا كانت الكتابة هنا كل يوم بكل حروفها وقضاياها ومقاصدها ملكاً للناس.. فمن حقى يوم واحد تكون فيه الكتابة لى أنا وتسعة ملايين مثلى يتمنون فوز نادى الشرقية على الترسانة.. فالناديان سيلعبان، اليوم، المباراة الأولى بينهما في استاد بنها.. والمباراة الثانية الخميس المقبل في استاد جامعة الزقازيق.. والفائز بمجموع المباراتين سيصعد أخيرا للدورى الممتاز لكرة القدم.. وأنا بالتأكيد أحترم الترسانة كناد عريق بجماهيره وتاريخه وبطولاته وكل النجوم التي قدمها للكرة المصرية كلها.. لكننى أولا وأخيرا أنتمى للشرقية انتماء الأرض والجذور والعنوان.
ليست الشرقية التي قال الدكتور ممدوح حمزة، أمس الأول، إنها المحافظة التي تنتمى لها جزيرتا تيران وصنافير، ولا أعرف كيف ذلك.. لكنها الشرقية، المحافظة المنسية دائما، والمُهمَلة دائما، المدعوة الأولى دائما في كل حرب أو أزمة، وآخر المدعوين في كل احتفال أو تكريم أو بناء.. ولا يلعب نادى الشرقية، اليوم، باسم أعضائه ومسؤوليه ولاعبيه فقط.. إنما يلعب بالنيابة عن كل أهل الشرقية، فقد تصلح كرة القدم أحيانا بديلا مؤقتا عن كثير من الحقوق الغائبة والمؤجلة.. ويلعب باسم مدينة الزقازيق، التي لا وردة فيها أو شجرة أو صورة جميلة، رغم كل مَن قدمتهم هذه المدينة لمصر من علماء ومفكرين وفنانين وأدباء وشعراء.. ورغم كل المظالم والمواجع والقبح المفروض على أهلها الطيبين.
ورغم كل هذه الدوافع والمعانى التي باتت ترتبط بمباراة كرة قدم.. فإننى أتضامن مع مسؤولى الترسانة في طلبهم بعدم فتح أبواب استاد بنها أمام جماهير الشرقية التي اعتادت السفر وراء ناديها في كل مكان.. فالمباراة بدون جمهور.
لكننى لا أوافق مسؤولى الترسانة في مخاوفهم من تدخل ثروت سويلم، الشرقاوى، مدير اتحاد الكرة، لمصلحة الشرقية في اختيار حكام مباراة اليوم.. تماما مثلما أرفض مخاوف مسؤولى الشرقية من تدخل حسن فريد، نائب رئيس اتحاد الكرة، الرئيس السابق للترسانة، في اختيار الحكام أيضا.. وإذا كان من حق مسؤولى وجماهير الترسانة المطالبة بحضور وتشجيع أبوتريكة ومساندته فريقه القديم.
فإن من حق الشراقوة اليوم طلب مساندة عماد متعب.. وذكرى وحكايات كل نجوم تاريخ الشرقية الجميل، بداية من حسين حجازى، النجم الأكبر في تاريخ الكرة المصرية، إلى كل أبناء الزقازيق.. طلعت حرب وعبدالحليم حافظ وفاروق وأسامة الباز وأحمد زكى.. وسيدنا موسى عليه السلام، الذي لايزال يجرى نهر في قلب الزقازيق يحمل اسمه، لكن بعد تحريف الاسم من موسى إلى «مويس».. ولست هنا أخلط بين الأوراق والمعانى والتاريخ والسياسة والفن والاقتصاد وكرة القدم.. لكننى قلت منذ البداية إنه يوم لى فيه حق الاستثناء من كثير من القواعد والحدود.. ومع كل الاحترام للاعبى الترسانة وقائدهم المدرب الكبير عبدالرحيم محمد.. إلا أننى أتمنى وأحلم بفوز لاعبى الشرقية، بقيادة أيمن المزين، القدير أيضا، الذي قاد لاعبيه لهاتين المباراتين الفاصلتين، وسيصعد بهم للشهرة والأضواء واستعادة الحقوق، حتى لو كانت داخل ملعب كرة قدم.