مع احترامى لكل من تحدث، وسيتحدث، إليهم الرئيس السيسى هذه الساعات.. إلا أنه من الأفضل أن يتحدث الرئيس إلى الكل.. «إلى كل الشعب المصرى» وليس إلى «ممثلين» لقطاعات بذاتها من المجتمع.. ليس لأننى أرى أن «الصفوة» هذه لم تعد تمثل الشعب بل تمثل نفسها.. وربما تمثل فقط قطاعات معينة من الأمة المصرية.. وبلا شك أن «الحديث إلى الكل» أفضل من «الحديث إلى القلة».
وقد يرى البعض أن يذهب الرئيس إلى البرلمان ليتحدث إلى نواب الشعب.. ولكننى أرى فائدة أكبر إذا خرج الرئيس.. وتحدث مباشرة إلى الشعب «يعنى» ليس خطاباً مسجلاً، سبق إعداده، وتمت صياغته بعناية.. بل إننى أطلب أن يتحدث الرئيس بعفوية كاملة.. بلغة ابن البلد.. لكى تتجه كلماته كلها إلى ابن البلد، وليس إلى «ابن الصفوة» الذى أو الذين لم يعودوا يمثلون الأمة كما يجب.
وأرى أن يفتح الرئيس قلبه.. وعقله معاً، بعفوية وتلقائية.. لتذهب كلماته مباشرة إلى قلب كل مصرى.. وكل عقل أصغر مصرى.. والشعب - والله العظيم - يفهم جيداً، حتى ما بين السطور، فما بالنا بما يخرج من القلب.. شعبنا شعب عفوى سيدى الرئيس.. وقد فهم تلك الحقيقة الرئيس عبدالناصر، وقبله فهمها مصطفى النحاس.. وقبله فهمها سعد زغلول.. ولهذا كان الثلاثة، وآخرهم عبدالناصر، يتجهون إلى الناس.. إلى كل الأمة فدخل جمال عقل المصريين.. بعد أن دخل قلوبهم.. وأصبح - وسعد والنحاس - هم زعماء الأمة.. حتى بعد رحيلهم.
تكلم يا سيادة الرئيس عفوياً، من قلبك، بعيداً عن البروتوكولات أو قواعد الإتيكيت.. وعن الإعداد المسبق «المنمق»، والناس سوف تصدقك.. واشرح للناس دون أن تبرر حتى خطأ التوقيت القاتل.. وجريمة التعتيم الإعلامى.. حيث لم يتحرك الإعلام إلا بعد أن وقعت الواقعة.
ولكن ماذا يقول الرئيس للناس، لكل الناس.. ولكن قبل أن تتكلم إصدر قراراً فورياً بتشكيل لجنة قومية تمثل كل الخبرات والعلماء المصريين، فى التاريخ والجغرافيا، وفى القانون الدستورى.. والدولى، وفى علوم العسكرية والأمن القومى.. ومن كل الاتجاهات والتيارات.. كما فعل الرئيس مبارك فى قضية طابا.. بل لماذا لا نسأل الرئيس مبارك.. ونستمع إلى شهادته فى قضية الجزيرتين، بكل ما يعلمه عندما أثارت السعودية الموضوع، قبل طرح فكرة الجسر المعلق فى أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات.. ولا يهم أنه أصبح رئيساً سابقاً.. المهم أنه كان رئيساً لمصر، ويعرف.. ثم نفتح كل أبواب البحث أمام هذه اللجنة.. لتصل، ونحن معها، إلى الحقيقة.. حتى تطمئن القلوب.. وحتى نخرس كل الألسنة الحاقدة.
ثم يتكلم الرئيس السيسى عن «استمرار» مسلسل التآمر على مصر.. وكيف يستغل المغرضون كل شىء - ولو كان صغيراً - لضرب الوطن وتدميره.
قل للناس إن المغرضين «يلعبون» ولو بمعلومة صغيرة.. ولا يتركون فرصة إلا واستغلوها.. من حكايات الاختفاء القسرى، إلى مقتل الإيطالى ريجينى، إلى التمويل الأجنبى لبعض الجماعات التى تدعى العمل لصالح الإنسان.. إلى لعبة الدولار.. وما أدراكم ما «قذارة» لعبة الدولار.. إلى الادعاء بفشل مشروع قناة السويس الجديدة وهل ألقينا المليارات فى بحر الرمال.. ولم تحصل مصر على العائد الذى كانت تحلم به.. وما عرفوا أن سبب ذلك هو انخفاض حجم التجارة بين الدول.. فلم نحصل على ما كنا نتمناه.. ولكن المخربين استغلوا ذلك.. ثم استخدام ما يجرى فى سيناء.. وطول معركة مقاومة الإرهاب فيها.. ثم حمدين صباحى ولعبته الجديدة عن البديل المدنى!! وحتى حادث سقوط الطائرة الروسية.. ثم هذا المهووس الذى خطف الطائرة المصرية إلى قبرص.
ثم تجىء حكاية جزيرتى صنافير وتيران، وكنت سباقاً هنا فى «المصرى اليوم» عندما تحدثت عن السيادة السعودية.. والإدارة المصرية للجزيرتين.
** وهنا يجىء الهدف الأكثر حساسية وخطورة، فالهدف هو ضرب هذه العلاقة الكبيرة بين أكبر شقيقين فى الوطن العربى.. لأنها - أى السعودية - أكبر مؤيد وداعم لمصر فى صراعها من أجل التقدم، وبحجم الدعم السعودى - فى كل المجالات - تجىء المؤامرة لضرب هذه العلاقات.. ولا أخفى هنا استياء الجانب السعودى من رد فعل ما أعلن عن الجزيرتين.. بسبب غباء التوقيت.. وغياب الفاهمين من الإعلاميين مع تعتيم جاهل حول القضية كلها.
والأخطر - فى هذه السلسلة من المؤامرات - هو استغلال أى شىء وكل شىء لضرب شعبية الرئيس السيسى.. ولا ننكر أنها نجحت إلى حد كبير فى هذا الهدف الأخير.
** حقاً كان التوقيت خاطئاً.. وكان التعتيم جريمة، والهدف كله إزاحة السيسى، الرجل الذى لجأنا إليه - نحن شعب مصر - لكى ينقذنا من حكم الإخوان، فهل جريمته أنه نجح.. وحان وقت الانتقام منه.. ليأتى من يسمح لهم - ولو بضعفه - بتحقيق أحلامهم.
من هنا أقول: تكلم يا سيسى.. تكلم لكل المصريين.. تكلم الآن وقبل أن تضيع الفرصة.. لكى تطفئ نيران الفتنة التى اشتعلت.
تكلم يا سيسى.. قبل أن تتحول الفتنة إلى بركان يصعب السيطرة عليه.