ماذا يعنى أن يقول الرئيس شيئاً، في يوم إعلانه الترشح للرئاسة، ثم يفعل عكسه بالضبط، أو على الأقل يسكت تماماً على هذا العكس، حين يصبح رئيساً؟!
القصة من أولها، أن الرئيس حين استقال من منصبه، وزيراً للدفاع، يوم 26 مارس 2014، فإنه ظهر مساء ذلك اليوم لآخر مرة بالزى العسكرى، كوزير دفاع، وألقى كلمة أذاعها تليفزيون الدولة.
أشياء وأفكار كثيرة جاءت في الكلمة، ثم لم يتحقق منها شىء إلى اليوم، رغم أن الرئيس في يونيو المقبل، أي بعد شهرين اثنين سوف يكون قد أمضى عامين كاملين في الرئاسة، ورغم أنه هو من خاطب المصريين لأكثر من مرة، عند بدء ولايته، طالباً الصبر عليه عامين اثنين!.
في يوم 26 مارس 2014، قال المشير السيسى إنه قد أنهى فترة خدمته كوزير للدفاع، وإنه يعلن ترشحه في سباق الرئاسة، ثم قال الآتى نصاً: «مصر البلد الغنى بموارده وشعبه، يعتمد على الإعانات والمساعدات، وهذا أمر غير مقبول».
ما معنى هذا؟!.. معناه أن السيسى قطع عهداً على نفسه، بهذه العبارة منه، أنه إذا فاز وأصبح رئيساً، فسوف يوقف حكاية اعتماد اقتصادنا على الإعانات والمساعدات أو على الأقل سوف يسعى إلى ذلك بجدية ظاهرة.
ماذا يحدث اليوم؟!.. يحدث أن مصر تفاوض البنك الدولى على 3 مليارات دولار، قروضاً، ويحدث أن سحر نصر، وزيرة التعاون الدولى، تروج دائماً لفكرة الحصول على أكبر قدر ممكن من القروض، وهى قد قالت في حوار لها مع «المصرى اليوم» قبل أسبوعين، إننا ذاهبون إلى اقتراض 8 مليارات دولار!.. ثم هي تعرف أن أجيالاً في هذا البلد سوف تدفع ثمن هذه القروض في المستقبل، من لحمها، ومن دمها، دون أن يكون لها ذنب في الموضوع كله!.
الرئيس يعرف.. ووزيرة تعاونه الدولى تعرف، أنه لا أحد يقرض أحداً لوجه الله، سواء كان هذا الأحد فرداً، أو مؤسسة، أو دولة، وأن البنك الدولى ليس جمعية خيرية، وأن ما سوف يعطينا إياه باليمين، سوف يحصل على أضعافه بالشمال، خصوصاً بالمعنى السياسى الذي تعرفه مؤسسة مثل البنك الدولى وتمارسه مع الدول التي تطرق بابها وتطلب التكرم والإحسان!
عندى سؤال حائر للرئيس: كيف تقبل لبلدك أن يقترض بهذا الحجم، لسد عجز الموازنة، وأنت تعرف أن هناك أدوات أخرى للتعامل مع هذا العجز، وأن هذه الأدوات في أيدينا، ولكننا نستسهل بكل أسف، ليدفع البلد كله الثمن؟!.. كيف تقبل يا سيادة الرئيس أن تفعل اليوم عكس ما قلته لنا بالأمس؟!
إن وعد الرئيس دين عليه.. وليس أمام الرئيس إلا أن يؤدى هذا الدين!