ما يزيد على 9 أعوام قضاها الفنان الراحل سيد زيان بين الحياة وشائعات الوفاة التي لم تكن تفارقه كغيره من الفنانين الذين تطاردهم، فقد أقعده المرض الذي بدأ بجلطة في المخ، وأعجزه عن الكلام، ليغيب زيان عن الشاشة، لكنه لم يغب عن قلوب جماهيره ومن كانوا يدعون له بالشفاء والصحة، وكان آخر ظهور فني له في مسلسل «إحنا نروح القسم» الذي عرض عام 2001، ومسلسل «أبيض في أبيض» الذي عرض عام 2003.
زيان، الذي أعلنت وفاته صباح اليوم، ولد في حي الزيتون، وتعود أصوله لمحافظة الشرقية، وبعدما التحق بمعهد الطيران وتخصص في هندسة الطائرات، عمل بالقوات الجوية والقوات المسلحة لفترة، وعندما تكونت فرقة المسرح العسكرى كان من أبرز نجوم تلك الفرقة، التى كانت تقدم المسرحيات العالمية والعربية لكبار المؤلفين المصريين والعرب.
بدأ مشواره الفنى بالتمثيل التراجيدى، ولم يكن قد اكتشف في نفسه الأداء الكوميدى بعد، الذي جاء على يد الفنان عبدالغنى ناصر الذي كان يدير فرقة للهواة تقدم مسرحية جميلة بوحريد، التى كان سيد يؤدى فيها دورًا تراجيديًّا، وأثناء العرض قال له عبدالغنى ناصر: «ياسيد أنت في داخلك فنان كوميدى رائع لم تستخرجه بعد»، استنكر سيد هذا الكلام فقد كان مفهومه في ذلك الوقت أن التمثيل الحقيقى المؤثر هو الأداء التراجيدى الذي يبحث عنه كل هاو ليصبح في مكانة يوسف بك وهبى وحسين رياض.
لكن عبدالغنى ناصر أوضح له أن الكوميديا من أصعب فنون الأداء ولا يقدر على تقديمها إلا الفنان الموهوب الذي أهَّله الله بخفة الظل والحضور. ولكى يثبت له نظريته أسند إليه دورًا كوميديًّا في مسرحية إعلان جواز، وحقق نجاحًا كبيرًا استوقف المخرج نور الدمرداش، فأسند له دورًا بارزًا في مسرحية حركة واحدة أضيعك، وفى ليلة من ليالى هذا العرض فوجئ سيد زيان بالفنان القدير فؤاد المهندس بين الجمهور وبرفقته الكاتب والمنتج المسرحى سمير خفاجى، وعقب انتهاء العرض طلب منه فؤاد المهندس أن يحضر لفرقة الفنانين المتحدين، وهناك فوجئ بأنه قام بترشيحه للمخرج الكبير حسن عبدالسلام للمشاركه معه في مسرحية سيدتى الجميلة.
حصل زيان على 25 جنيهًا شهريًّا كأجر عن مشاركته فيها، وكان يجري خصم 3 جنيهات للضرائب منها، على حد تأكيده في حوار تليفزيوني أجري معه عام 2002.
وتمكن بعد ذلك من أن يقدم بمفرده عددًا من الأعمال المسرحية الناجحة في التسعينيات، خاصة حين وقف على مسرح نجم، منها العسكري الأخضر والباراشوت، معتمدًا على حضوره القوي أمام الجمهور وصوته المميز والقوي، حيث كان يقدم أغاني واسكتشات من وحي النص المسرحي ضمن العرض، وكان يخرج عن النص ذلك الخروج المحبب للجمهور الذي يحدث كثيرًا من التواصل معه.
كان زيان محبوبًا من أبناء جيله ومتعاونًا مع عدد ممن شاركوه أعماله، ومنهم عبدالله فرغلي وفاروق فلوكس وفؤاد خليل والمنتصر بالله ومظهر أبوالنجا، كما امتاز زيان بقدرته على التقليد الصوتي، فكان يقلد أشهر الفنانين ومنهم فريد الأطرش ومحمد عبدالوهاب، كما كان يقلد عددًا كبيرًا من زملائه، بل الباعة الجائلين في منطقة البحر الأعظم التي عاش فيها سنوات.
تميز زيان بشخصياته المتعددة التي كان يظهر بها، والتي تنوعت بين أدوار الخير والشر، فهو الفهلوي الذي يعرف كيف يأخذ ما يريد، أو مساعد لزعيم العصابة في «المتسول»، وهو المطحون الموجوع الذي قد ينحاز للخير بعد أن كان أحد محركات الشر كما في مسلسل «الراية البيضاء».
على طبيعته وبعيدًا عن الكاميرات أو حين لم يقف على خشبة المسرح كان زيان يمتاز بخفة الدم وقدرته على إضحاك من حوله وإطلاق النكات، وكان تلقائيًّا بشوشًا، حتى في محنة مرضه كان دائمًا مبتسمًا صابرًا.
وحين كان يُسأل عمن يُضحكه من أبناء جيله، فيُثنى على كثيرين ممن يضحكونه من القلب، وعلى رأسهم زميله الفنان الراحل وحيد سيف، وكان يرى أن هناك ممثلاً تضحك عليه وهناك ممثل تضحك معاه، والفارق كبير بين الاثنين.