السينما واليهود فى مصر

سمير فريد الإثنين 11-04-2016 21:29

وصلت الرسالة التالية من الأستاذ أشرف غريب:

تابعت بسعادة بالغة مقالكم فى «المصرى اليوم» تحت عنوان «ليلى مراد» اعتزلت السينما أم عزلت تعليقا على كتابى «الوثائق الخاصة لليلى مراد كما تابعت باهتمام ردود الفعل حول هذا المقال، واسمح لى أن أعقب فى عجالة على بعض النقاط المهمة:

أولا تأكد لى أن قرار منع أغنيات وأفلام ليلى مراد فى سوريا كان قرار الحكومة السورية وليس مكتب المقاطعة التابع للجامعة العربية فى دمشق كما ذهب إلى ذلك فيكتور سحاب فى الدراسة التى تفضلتم بالإشارة إليها، فقد أعدت التدقيق فى كل الصحف سبتمبر 1952 بما فى ذلك الخبر المنشور فى الأهرام فى الثانى عشر من الشهر نفسه، ولم يأت أى منها على ذكر مكتب المقاطعة العربية، إنما كان قرارا سوريا منفردا سايرته كل من لبنان والأردن لبعض الوقت قبل التأكد من براءة ليلى مراد من تهمة التبرع لإسرائيل، كما أحتفظ بخطاب أرسلته شركة التوزيع «بهنا فيلم» إلى وليد الشكعة فى نابلس موزع الأفلام المصرية فى الشام بتاريخ 19/11/1952 جاء فيه.. «نرجو أن نثبت لكم كل ما حررناه إليكم بخصوص السيدة ليلى مراد وكذب ما أشيع عنها وبالفعل كذبت القيادة فى مصر هذه الإشاعة المغرضة فضلا عن أنها ألقت نشيدا وطنيا فى حفلة عرض فيلم «مصطفى كامل» بسينما ريفولى فى القاهرة أمام اللواء أركان حرب محمد نجيب، وزيادة على ذلك فإن الأستاذ سراج منير نقيب الممثلين قد سافر إلى دمشق واتصل بالرئيس أديب الششكلى بخصوص موضوع ليلى مراد حيث ثبتت براءتها مما أشيع عنها وأعدت الحكومة السورية تقريراً بتكذيب تلك الإشاعة وإباحة عرض أفلامها..».

رغم أن قرار إنهاء مقاطعة أفلام ليلى مراد فى سوريا احتاج عدة سنوات بعد ذلك إلا أن الأخبار المنشورة وكذلك الخطاب المذكور يؤكدان أن المنع كان قرار الحكومة السورية وليس مكتب المقاطعة العربية لاسيما أن دولا أخرى مثل العراق واليمن ودول الخليج والسودان وشمال أفريقيا وكذلك مصر بالطبع لم تصل إليها عدوى هذا القرار.

ثانيا: بخصوص توقف ليلى مراد عن التمثيل بعد عام 1955 فقد ارتحت كثيراً لاتفاقكم معى فى الرأى أنها عزلت ولم تعتزل وإن كنت ما زلت مختلفا معكم فى أنها عزلت على خلفية أصولها اليهودية خاصة بعد أزمة تبرعها لإسرائيل سنة 1952 وليس بسبب ولائها المعلن للواء محمد نجيب، أولا لأنها شاركت بعد 1952 فى ثلاثة أفلام قبل انفراد الرئيس عبد الناصر بالحكم هى: بنت الأكابر، «الحياة الحب» والحبيب المجهول، ثانيا لأن هناك فنانين آخرين تحولوا من اليهودية إلى الإسلام مثل نجمة إبراهيم ونجوى سالم كانوا يمارسون نشاطهم الفنى بكل ارتياح حتى وفاتهم، بل إن راقية إبراهيم التى بقيت على يهوديتها ظلت تقدم أفلاما سينمائية حتى هجرتها إلى الولايات المتحدة سنة 1954وكذلك الراقصة كيتى التى قيل إنها يهودية ظلت هى الأخرى تمثل وترقص حتى مشاركتها فى فيلم «العقل والمال» عام 1965، وهذا معناه - فى رأيى - أن التضييق على ليلى مراد لم يكن لأسباب دينية وإنما لاعتبارات سياسية أو شخصية. بخصوص قرار منع أعمال ليلى مراد، وإن كان من الحكومة السورية أو من مكتب المقاطعة فى دمشق يظل المحك وثائق ذلك المكتب التى تحسم هذا النقطة.

أما بالنسبة لأن عزل ليلى مراد بعد ذلك المنع لا علاقة له بأصلها اليهودى، وإنما بتأييدها للرئيس محمد نجيب، فالواقع أن كل السينمائيين كانوا يؤيدون محمد نجيب، وأن الرئيس عبدالناصر لم يعاقب المؤيدين لمحمد نجيب من الفنانين، وإنما عاقب الضباط الذين أيدوه فقط، كما عاقب محمد نجيب نفسه.

واستمرار بعض اليهود المصريين بالعمل فى السينما مثل نجمة إبراهيم ونجوى سالم يرجع إلى أنهم لم يكونوا من «النجوم» مثل ليلى مراد، ولا أحد يعرف أصولهم اليهودية غير الباحثين والموثقين. ومن الضرورى هنا أن يوضع فى الاعتبار أن عام 1956 كان نقطة تحول كبرى فى تاريخ يهود مصر بصفة عامة حيث شهدت لأول مرة فى تاريخها الحديث، أى منذ محمد على عام 1805 «هولوكوست» مصغرة على الطريقة المصرية أى من دون عنف ولا دماء. وبعبارة أخرى كان يمكن أن تستمر ليلى مراد فى العمل فى السينما لو لم تقع أحداث

1956، أو أن هذه الأحداث والمناخ العام والمعادى لليهود جعل البعض يصدقون شائعة زيارتها لإسرائيل والتبرع لحكومتها حتى بعد أن ثبت بالقطع أنها شائعة، أو على الأقل يشكون، ولا تصنع أى أفلام جديدة فى الأربعين سنة الأخيرة من حياتها.

samirmfarid@hotmail.com