تعليقا على الإعلان الرسمى المصرى بملكية المملكة السعودية لجزيرتى تيران وصنافير انطلقت موجة غضب مصرى عارمة من مصريين يرون أن ما حدث هو انتهاك للسيادة المصرية وتفريط فى أجزاء من الأراضى المصرية التى تقع تحت السيطرة المصرية منذ عقود طويلة، واعتبر البعض أن ما حدث هو عمليتا شراء وبيع قامتا بها مصر تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والاحتياج المالى.
بديهيا لا أحد يبيع أرض وطنه، وليس من حق أحد مهما كان سواء سلطة تنفيذية أو تشريعية أن يسمح لنفسه بالتفريط فى شبر واحد من تراب الوطن، قد يعتبر البعض الموضوع خلافيا وكل طرف ينشر وثائق مختلفة ومتضاربة تؤيد وجهة نظره، لكن الحقيقة التى لا خلاف عليها مواد الدستور المصرى، حيث تنص الفقرة الثانية من المادة ١٥١ على أنه (يجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أى معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة).
وضع مجلس الوزراء نفسه فى مأزق قانونى ودستورى عسير، بعد أن أصدر بيانه الذى تحدث فيه عن ملكية السعودية للجزيرتين قبل أن يتخذ الإجراءات الدستورية والقانونية التى تمنحه الشرعية لإصدار مثل هذا البيان ومن المتوقع طبقا للخبراء القانونيين أن يتم قبول الطعون المقدمة فى مجلس الدولة لإيقاف هذا القرار لمخالفته الدستور والقانون، وهنا يبرز السؤال الأهم: من الذى ورط الحكومة فى هذه الخطوة المتسرعة قبل الاستعداد لها وسيرها فى المسار الطبيعى الذى يحدده الدستور؟ من الذى تعجل ليشعل نار الفتنة بين الشعبين المصرى والسعودى؟ ولماذا هذا التوقيت الخطير بالذات؟ لا يمكن لأحد إنكار موقف المملكة السعودية من دعم مصر المستمر، لكن لماذا يخرج المشهد بهذه الصورة السلبية التى تبدو فيها مصر كمن ترد جميلا تحملته قبل ذلك، ويكون رد الجميل بالتنازل عن حيازة جزر رفرف عليها العلم المصرى عشرات السنوات؟
هب أن التحكيم الدولى وإعادة ترسيم الحدود أكدا بالفعل حق المملكة السعودية فى الجزر، لماذا لم تتم مصارحة الشعب بذلك وإبراز الوثائق والاتفاقيات القديمة والجديدة حتى يقتنع المصريون بأن أرضهم لم تمس بسوء؟ مصر لن تمارس البلطجة على السعودية ولن تخرق القانون الدولى، لكن لا يمكن التعامل مع المصريين كقطعة خشب يتم تقاذفها بين الأيدى المختلفة.
حين يكتب بعض المواطنين السعوديين إهانات بالغة للمصريين مثل ما كتبه أحدهم (السعوديون لو ضاغطين شوى يطلعوا بشرم الشيخ) و(أنا أشوف لو نبدأ نشترى نهر النيل والأهرامات وكمان شرم الشيخ بما إن سعر الجنيه نازل اليومين دول)!، هذه إهانات بالغة لا نرضاها كمصريين ونربأ بالشعب السعودى الشقيق أن يتورط فى ذلك، وثقتنا أن هذه انحرافات من قلة لا تعبر عن مجموع الشعب السعودى الشقيق.
العلاقة بين مصر والسعودية يجب أن تبقى راسخة لأنهما صمام أمان الأمة العربية، فليحاسب المصريون حكومتهم، وليبتعد السعوديون عن الاختلاف المصرى الداخلى، الدستور مرجعيتنا فلنحتكم إليه بكل أدب ورقى، حمى الله مصر والسعودية من كل سوء.