لم يكن هبوط الطائرة التى تقل الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك السعودى سلمان بن عبدالعزيز فى النادى الأهلى تمهيداً للانتقال بالسيارات الرسمية لزيارة البرلمان هو العلاقة الوحيدة التى تربط السعودية بالنادى الأهلى.. فالأهلى ترعاه شركة صلة السعودية وتقدم له الملابس شركة سبورتانا السعودية أيضا.. وهو أمر طبيعى جدا فى عالم كرة القدم لا يثير أى توتر أو حساسية.. لكن الجدل الذى استوطن الشارع المصرى مؤخرا بكل ما صاحبه من صراخ وصخب بعد اتفاقية ترسيم الحدود الملاحية بين مصر والسعودية وتنازل مصر عن جزيرتى تيران وصنافير للسعودية أو استعادة السعودية لجزيرتين كانت تملكهما أصلا.. والحقوق التاريخية والوفاق السياسى والتزامات الأمن القومى المشترك التى أضاعها سيناريو إعلامى ردىء، سواء كان مصريا أو سعوديا، لتقديم كل ذلك إلى الناس بالشكل الغلط وفى التوقيت الغلط.. إلى جانب سيناريو آخر غير واضح وغير مكتمل يخص جسر سلمان الذى سيربط بين مصر والسعودية دون إجابات وتفاسير ضرورية تشرح لماذا تحولت لا الماضية إلى نعم حالية.. وهل الحقيقة كانت موانع ومخاوف مصر من إقامة هذا الجسر الذى قيل عنه كثيرا فى الماضى القريب أم المزايا والمنافع التى سيأتى بها هذا الجسر لمصر والتى ستقال الآن أكثر.. كل ذلك يدفعنى لمطالبة الأمير السعودى تركى بن خالد بن فيصل.. رئيس الاتحاد العربى لكرة القدم.. بمعاودة التفكير فى إعادة بطولة الأندية العربية لكرة القدم التى سترعاها شركة صلة وتقدم لها جوائز بقيمة خمسة ملايين دولار.. فلا الوقت يناسب مثل هذه البطولة التى ستبقى سياسية مهما تخفت فى ثياب كرة القدم وأقنعتها.. وكرة القدم ليست الآن للأسف هى الوسيلة المناسبة للتقريب بين الشعوب العربية التى لم تعش من قبل مثل هذا الواقع المؤلم الذى يفيض بالحساسية والمخاطر والشكوك، وبوادر مزيد من التفتت والحروب الأهلية والإقليمية.. كما أطالب شركة صلة أيضا بأن تتخلى مؤقتا أو ربما لوقت طويل عن كل طموحاتها ببطولات ولقاءات كروية تجمع بين مصر والسعودية على مستوى الأندية أو المنتخبات.. فليست هناك أى ضرورة لمثل هذا الزيت لنسكبه بكامل إرادتنا فوق النيران المشتعلة أصلا.. ولا أطلب ذلك من شركة صلة وحدها إنما أطلبه من كل القادة العرب، سواء كانوا سياسيين أو رياضيين.. ولست أعرف متى سيعتزل العرب جميعهم فكرة أن نلعب معا لنصبح أقرب لبعضنا البعض.. لا أعرف أيضا من أقنع العرب جميعهم بهذه الفكرة الحمقاء التى تقول إننى سأحبك أكثر وأحترمك أكثر لو فزت عليك أو خسرت أمامك فى ملعب لكرة القدم.. وبإمكان الأمير تركى تحقيق نجاحات كروية إنسانية عربية برعاية شركة صلة أو بدونها، لكن ليس عن طريق إقامة مباريات كروية لن ينساها الشعب الذى سيخسر وستبقى شديدة المرارة تسكن ذاكرته، ولن ينساها أيضا الشعب الذى سيفوز ويتخذ منها وسيلة إضافية للسخرية وكسب مزيد من الجفاء والكراهية.. وأظن أنه من الأولى إصلاح السناريوهات الرديئة الحالية قبل التورط فى تفجير مزيد من القنابل هنا وهناك.