شكراً للرجل العظيم والقاضى الجليل هشام جنينة

طارق الغزالي حرب الأحد 10-04-2016 21:12

أعتقد أن الغالبية العظمى من الشعب المصرى مدينون للرجل الشريف والقاضى النزيه هشام جنينة بكثير من الشكر والعرفان والامتنان، بعد واقعة صدور قرار إعفائه من منصبه كرئيس للجهاز المركزى للمحاسابات، أهم جهاز رقابى فى مصر مسؤول عن كشف الفساد والمخالفات، بموجب قانون صدر خصيصاً لهذا الأمر، يُشكك كثيرُ من القانونيين المحترمين فى دستوريته.. أقول وأنا مُطمئن تماماً إنهم الغالبية العظمى من المصريين لأنها تضم الشرفاء والأنقياء وملايين البسطاء من الفقراء ومحدودى الدخل الحالمين بمستقبل أفضل فى وطن تظله العدالة وينحسر فيه الظلم ويُسحق فيه الفساد والفاسدون. كل الشكر والتقدير للقاضى الفاضل الذى أخذ على عاتقه مهمة كشف الفساد والإشارة إلى أوكاره فى كل ركن من أركان الدولة، والتنبيه إلى خطورته ومدى تمدده وجبروته، وأثر ذلك كله على مُجمل الحياة الاجتماعية فى مصر فى العقود الأخيرة وماشهدته من تفاوت طبقى رهيب وانكسار فكرة العدالة الإجتماعية. كانت مأساة إزاحة الرجل من منصبه، وماسبقها ولحقها من محاولات لتشويه صورة الرجل فى وسائل الإعلام المختلفة، والهجوم السافل عليه من شخصيات يعرف القاصى والدانى تاريخها الأسود ومدى حقارتها وعلاقاتها المشبوهة، مدعاة لزيادة الشكر والامتنان للقاضى الفاضل، إذ كشف كل هذا عن حقائق أصبحت واضحة وضوح الشمس:

(1) أنه لانية حقيقية لدى النظام الحالى فى مواجهة الفساد المُستشرى فى البلاد كالسرطان مواجهة حاسمة.. وأن الشعارات المرفوعة والتى يطلقها الرئيس وحكومته بين الفينة والفينة لاتعنى على الإطلاق أن هناك جدية فى التصدى للفساد بالمعنى الحقيقى والشامل لهذا المصطلح الذى يشمل أشكالا عديدة من الانحراف تتضمن الرشوة الظاهرة والمُستترة والاختلاس والمحسوبية والابتزاز والتهرب الضريبى واستغلال الوظيفة وتعارض المصالح والعمولات السرية وحجب المعلومات والأسرار الاقتصادية والمالية، خاصة إذا كانت هناك جهات فى الدولة تضع نفسها فوق مستوى الحساب والمراجعة والمراقبة!

(2) إن التحجج بأن رئيس الجهاز المركزى للمحاسابات قد أدلى ببيانات ترى أجهزة معينة فى النظام الحاكم أن بها مبالغة تضر بالاقتصاد والأمن القومى هى حُجة واهية بل وكاشفة عن حالة التربص بالرجل.. لقد أزاح المستشار الجليل الستار عن أرقام صادمة لحجم الأموال التى تضيع على الدولة بسبب الفساد المستشرى، وهى أرقام تتفق مع المؤشرات العالمية التى تصنف مصر فى هذا الشأن كواحدة من أكثر دول العالم من حيث انتشار الفساد، وتتفق أيضاً مع مايشعر به المواطن المصرى فى تعاملاته اليومية مع أجهزة الدولة من معاناة ومايلقاه من عنت وتجبر ونصب أحياناً، وتتفق أيضا مع حالة التدهور فيما يُقدم إليه من خدمات أساسية فى الصحة والتعليم والسكن والمرافق الصحية، تُرجع الحكومة السبب فيها كلها إلى فقر الموارد التى يُضيعها الفساد، وهذا صحيح بالإضافة إلى فقر الفكر فى إدارة الدولة.. كان من المفترض أن تناقش الدولة بيانات الرجل علانية فى وسائل الإعلام حيث إن هذا الأمر يخص عموم المصريين والشعب هو صاحب المصلحة فى أن يعرف الحقيقة، وأن يناقش البرلمان الرجل فى جلسة علنية يعرض فيها مالديه من مستندات، ولكن من الواضح أن شجاعة الرجل فى تسليط الضوء على بعض المؤسسات السيادية والقضائية التى لاتتعاون بشفافية مع الجهاز ولاتريد لأحد أن يطلع على مافيها من مصائب كانت هى السبب الرئيسى فى اتخاذ هذا الموقف منه.

(3) لقد أدت واقعة أو موقعة هشام جنينة خدمة عظيمة لنا لو تعلمون، فقد كشفت بلا مواربة حقيقة العديد من الشخصيات الإعلامية والحزبية التى تهتف بمناسبة وغير مناسبة «تحيا مصر» وتصرخ فى آذاننا كل يوم بأنهم هم الوطنيون بحق، وأنهم غارقون حتى آذانهم فى حب مصر، وأنهم المدافعون الأشداء عن البسطاء والفقراء من أبنائها! عرف الشعب المصرى بالدليل العملى الحى من هم هؤلاء.. عرف من هم أذناب الفاسدين ومن هم الشرفاء.. من هم المنافقون والجبناء ومن هم الثابتون على الحق والشجعان.. من لايستطيعون العيش إلا فى مستنقعات الفساد والإفساد ومن يريدون أن يتطهر وطنهم ويتخلص من أدران الفساد.. انكشف الجميع.. القابض على المال الحرام والقابض على جمر الحق والبين بين الذى يحاول أن يمسك العصا من المنتصف خوفاً على مصالحه الشخصيه وتحسباً ليوم حساب قريب!