سيادة سعودية.. وإدارة مصرية

عباس الطرابيلي الأحد 10-04-2016 21:16

كان يفترض - كما وعدتكم أمس - أن أتحدث اليوم عن جسر الملك سلمان وآثاره فى كل المجالات.. ولكن جاء الربط بين الجسر وترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية - بعد كتابة مقالى أمس- ليقلب كثيراً من الأوضاع.. والعديد «من المسؤولين والأصدقاء» سألونى، بحكم ارتباطى بسيناء، عن حقيقة جزيرتى صنافير وتيران.. و«الصحيح: ثيران»، ودعونى أشرح لكم ما أعرفه عن حقيقة هاتين الجزيرتين.

الجزيرة الأكبر هى ثيران تقع على بعد 6 كيلومترات من ساحل سيناء الشرقى.. ومساحتها 80 كيلومتراً.. والثانية هى صنافير، وهى شرق ثيران، ومساحتها 33 كيلومتراً، وهما يتحكمان تماماً فى حركة الملاحة من البحر الأحمر جنوباً إلى خليج العقبة شمالاً، وفى قمته نجد ميناء إيلات الإسرائيلى، أى منفذها إلى البحر الأحمر فالمحيط الهندى، أى هو طريقها الجنوبى الحيوى مع آسيا كلها.. ثم ميناء العقبة الأردنى، وهو منفذها البحرى الخارجى الوحيد.. ثم طابا المصرية.. أى أن هاتين الجزيرتين تسيطران على حركة الملاحة فى الخليج الذى يصل طوله إلى 180 كيلومتراً وعرضه 34، وبالمناسبة خليج العقبة أعمق من خليج السويس.

ولكن الجزيرتين - وهما صخريتان تماماً وغير مأهولتين بالسكان- تتحكمان تماماً فى المجرى الملاحى، وتقسمان هذا المجرى إلى ثلاثة ممرات من وإلى خليج العقبة شمالاً، والممر الأكثر صلاحية للملاحة هو ممر انتر برايز بين ساحل سيناء الشرقى - أى مصر - وجزيرة ثيران ثم ممر جرافتون، والثالث بين الجزيرتين، وبسبب موقع الجزيرتين ووعورة المنطقة من الناحية الدفاعية العسكرية يستطيع المدافع العسكرى هنا، وهو على ارتفاع 600 متر فى المتوسط، أن يعترض طريق أى سفينة تقتحم الخليج، فى طريقها إلى إيلات.. وهذا هو السبب الرئيسى لاشتراط إسرائيل - فى اتفاقيات كامب ديفيد - عدم تواجد أى قوات عسكرية مصرية أو سعودية.. واشترطت وجود قوات متعددة الجنسيات فيها، مع السماح بوجود قوات شرطة مصرية.. لا أكثر!!

واستراتيجياً فإنه، وبسبب الحدود البحرية للدولتين اللتين يعبرهما هذا الخليج - أى 12 ميلاً بحرياً لكل دولة - يصبح مدخل خليج العقبة بحيرة عربية لمصر وللسعودية معاً.. رغم أن إسرائيل اشترطت أيضاً اعتبار هذه المنطقة معبراً بحرياً دولياً لا يجوز منع الملاحة فيه.

وعن السيادة، فإن هناك خرائط تعود إلى عام 1897 تقول إن الجزيرتين تقعان ضمن أراضى الحجاز - أيام الشريف حسين أمير مكة والحجاز - أى قبل قيام السعودية كمملكة.. وبالطبع ورثت المملكة هذه السيادة بعد أن نجح الملك عبدالعزيز آل سعود فى توحيد مناطق شبه الجزيرة.

وفى عام 1906 - أيام أزمة طابا الأولى بين مصر والسلطنة العثمانية - تم توقيع معاهدة ترسيم الحدود الشرقية لمصر، مع السلطنة العثمانية، ولكن خلال حرب فلسطين الأولى عام 1948 خشيت السعودية أن تمد إسرائيل نفوذها ووجودها العسكرى - لتحمى ميناء إيلات - وحدث اتصال بين السعودية - فى يناير 1950 - بين العاهل السعودى عبدالعزيز ومصر، واستجاب مصطفى النحاس باشا، رئيس وزراء مصر وقتها، للطلب السعودى الذى يطلب من مصر حماية الجزيرتين، حتى لا تقعان فى يد إسرائيل، وتم إخبار بريطانيا والولايات المتحدة بهذا الموقف رسمياً.. بل وتم إبلاغ الأمم المتحدة به.. حماية للجزيرتين.. وهكذا تولت مصر هذه المهمة العسكرية بسبب عدم كفاية القوات البحرية السعودية - وقتها - لهذه المهمة.

ولذلك، عندما وقعت حرب يونيو 1967 وضعت إسرائيل يديها على الجزيرتين ضمن عملياتها لاحتلال «كل سيناء»، وهذا هو السبب الذى جعل بعض من لا يعلمون يرون أن الجزيرتين تابعتان لمصر.. وهو نفس السبب الذى تم النص فى اتفاقيات كامب ديفيد على شروط إسرائيل للانسحاب من كل سيناء، بما فيها جزيرتا صنافير وثيران.

ولن نتحدث هنا عن أن السعودية وافقت على تأجير الجزيرتين لمصر مقابل دولار واحد فى السنة.. ولكننا نرد على الذين يربطون بين زيارة الملك سلمان لمصر.. والإعلان عن تبعية الجزيرتين.. إذ إن موضوعهما لم يتوقف الحديث عنه طوال سنوات.. وكما قال السفير حسام القاويش، المتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء المصرى، إن اللجنة القومية للبحار بدأت عملها منذ 6 سنوات لترسيم الحدود البحرية.. وإن هذه اللجنة عقدت 11 جولة من الاجتماعات انتهت فيها من عملية ترسيم الحدود وفق القواعد القانونية السليمة.. وانتهت إلى تبعية الجزيرتين للسعودية.

■ ■ الخلاصة هنا - حسب معلوماتى الدقيقة - أن الجزيرتين تحت السيادة السعودية.. ولكنهما كانتا تحت الإدارة المصرية.. وفرق بين السيادة والإدارة.. تماماً كما كان الوضع فى قضية حلايب وشلاتين وأبورماد، فالإدارة.. لا تلغى السيادة.. وهذه هى الخلاصة.

وإذا كنتم ترغبون فى معلومات أخرى.. انتظرونى غداً.. إن شاء الله.