إنه إلى السادات أقرب!

سليمان الحكيم السبت 09-04-2016 21:55

يبدو أن الرئيس السيسى يصر على أن يقتفى أثر مبارك تارة ومرسى تارة أخرى. وحين جمع بين الاثنين أصبح صورة أخرى من أنور السادات. فهو مبارك حين يحافظ على الأوضاع والقوانين التى تبقى أبواب الفساد مفتوحة على مصراعيها أمام كل من تحدثه نفسه بذلك. وهو مرسى حين يستهين بالدستور والقوانين فيصدر القرارات والمراسيم التى تتجاوز الشرعية قفزا على حواجزها. هو مبارك الذى تصالح مع الفساد– وليس الفاسدين– ومنحهم الفرصة تلو الأخرى للإفلات من العقاب الذى يستحقونه. بل زاد على ذلك بمكافأتهم بإصدار قوانين تحصنهم، فتعطيهم الحق فيما لا يستحقون. فكان مصيرهم البراءة من كل التهم التى أحاطت بهم ولصقت بأيديهم الملوثة بالفساد العفن. فلم تكن إقالة المستشار هشام جنينة سوى خطوة على طريق مرسى حين أصدر قرارا بإقالة عبدالمجيد محمود متجاوزا بذلك القانون والدستور. ورغم أن مرسى لم يتسن له الإفلات بمخالفته فأعيد النائب العام إلى منصبه بقوة القانون إلا أن السيسى لم يعبأ بالقانون الذى أعاده رغم أنف الرئيس. هكذا اختار السيسى أن يعاقب جنينة لفضحه الفساد فى الوقت الذى عليه أن يعاقب الفساد والفاسدين الذين تلقفوا رسالة السيسى لهم بالاطمئنان والرضا، ليبقوا سادرين فى غواياتهم، مشمولين برعاية رئاسية لم يحظوا بها إلا فى عهد مبارك والسادات الذى ألغى الجهاز المركزى للمحاسبات برمته ولم يكتف فقط بإقالة رئيسه، حين أصبح هذا الجهاز مزعجا لزمرته من الفاسدين. وإذا كان مبارك قد أعاد الجهاز فقد أعاده طائرا بلا ريش ولا جناحين فأصبح كالبطة العرجاء!

لقد اغتر السادات بتحقيق النصر على يديه فى حرب أكتوبر. فتصور بعدها أن من حقه كقائد منتصر أن يفعل ما لايسأل عنه. وقد صرح بذلك ذات مرة. وأكدها له الشيخ الشعراوى فى أحد تصريحاته التى لاتزال تؤخذ عليه فى تاريخه مكتوبة بالمداد الأسود وأخشى أن يكون الرئيس السيسى قد اغتر بالشعبية الجارفة التى جىء بها فى بداية عهده فتصور أن من حقه هو الآخر أن يفعل ما لايسأل عنه متجاوزا القانون والدستور. وهو الخطأ الذى وقع فيه مرسى حين اغتر بتأييد الأهل والعشيرة له فتصور أنه قد امتلك الشارع ليفعل فيه ما يحلو له غير عابئ بقانون أو دستور. وإذا كان الشعب هو مصدر السلطات التى يمنحها للرئيس بالتفويض، فإن الشعب الذى التف حول السيسى فى بداية مشواره الرئاسى لم يعد هو الشعب. فقد بدأ فى التململ الآن نتيجة لأوضاع معيشية سيئة يعرف أن السبب فيها هو الفساد. وكان يأمل أن ينحاز له الرئيس الذى منحه ثقته فى التخلص منه. فجاء قراره بإقالة جنينة– وليس إقالة الفساد والمفسدين– مخيباً للآمال ليزيح بأعداد أخرى من معسكر السيسى إلى معسكر رافضيه. وإذا لم يتدارك الرئيس ذلك عاجلا فلن يحظى بوضع أفضل من سابقيه!!