هل تصدق أن مصر الذي يصل تعداد سكانها إلى 90 مليون نسمة، توزيع جميع الصحف اليومية بها أقل من نصف مليون نسخة، تحديدا 470 ألف نسخة على عهدة الزميل العزيز مجدى الحفناوى مدير عام الطباعة والتوزيع بمؤسسة المصرى اليوم .
حين أتصلت به لأعرف بدقة ما وصل إليه حال صحفنا وانصراف القراء، أعرب الرجل عن قلقه على مصير المهنة التي يعشقها، وله الحق فكل 3 أشهر ينخفض التوزيع بنسبة 1.5%، القارئ الذي ينصرف عن شراء صحيفته اليومية لا يذهب لغيرها، بل يخرج من دائرة مشتري الصحف إلى الأبد، وعن الشريحة الأعظم لقراء الصحف في مصر يقول الحفناوى إنها ما بين 35- 55 سنة، ويضيف أنه منذ سنوات كانت هناك نسبة لا تزيد عن 5% من قراء الصحف ليس لهم انتماء لصحيفة معينة ولكن يجذبهم مانشيت الصفحة الأولى على الفرشة وهو ما يعرف في عرف الصحافة بالمانشيت «البياع»، هذه النسبة من «اللامنتمى» زادت إلى 20%، أي أن الصحف تفقد المنتمين لها الذين اعتادوا على شراء صحيفة معينة على مدى سنوات.
الجرائد الكبرى: الأهرام والمصري اليوم والأخبار تستحوذ على نسبة 65% من رقم التوزيع وباقي الصحف الموجودة على الساحة تستحوذ على الباقى، وفى حالة انفراد صحيفة بملف مهم أو تحقيق متميز يحدث زيادة في التوزيع ليوم واحد فقط ليعود للرقم السابق من جديد، أي أن الزيادة مرتبطة بالجديد أو المتميز الذي تقدمه الصحيفة .
ومجدى الحفناوى متشائم بالنسبة لمستقبل الصحافة الورقية في مصر، وعلى حد قوله فإن سوق توزيع الصحف ترجع إلى الخلف لأسباب كثير أهمها من وجهة نظره افتقاد المصداقية، وعدم تطوير المادة التحريرية، فالمحتوى المقدم تقليدى، والصحف أصبحت أشبه بنشرة الأخبار المكررة، بالاضافة إلى ارتفاع سعر الجريدة ومنافسة المواقع الإخبارية الإلكترونية.
أشترك مع الحفناوى في قلقه على المهنة التي تجمعنا ومعنا حوالى 50 الفا آخرين ما بين صحفي وعامل في المجال، كما أتفق معه في معظم النقاط التي ذكرها سلفا كأسباب لتراجع توزيع الصحف، ولكنى أختلف معه في موضوع السعر وأزيد سببا آخر وهو الضرورة.
لا أعتقد أن السعر من أسباب تراجع توزيع الصحف في مصر، جنيهان رقم ليس بالمبلغ الذي يرهق على الأقل عشرة ملايين مصرى، كيس الشيبسى تضاعف ثمنه بضع مرات، وأصبح أغلى من ثمن الجريدة، ومازال له زبونه، بل يزيد عدد المستهلكين مع زيادة عدد السكان، ويدخل منافسون جدد في سوق صناعة شرائح البطاطس المقرمشة. ارتفاع سعر منتج، ارتفاع معقول غير مبالع فيه، لا يؤدى إلى تراجع مبيعاته إلا في حالة عدم ضرورة المنتج الذي يمكن الاستغناء عنه دون ضرر لوجود بديل آخر، وهذا ما اضيفه، الضرورة .
الصحف المصرية لم تعد ضرورية للقارئ، الضرورة سبب هام جدا لشراء الصحيفة وهو ما دفع رئيس التحرير الجديد في فيلم spotlight، الذي تدور أحداثه في أروقة الصحافة بجريدة بوسطن جلوب الأمريكية، بأن يجعل هدفه الأساسى أن تصبح جريدته ضرورية للقارئ.
حين فكرت في اكتشاف مدى ضرورة الصحف المصرية للقارئ، طلبت المساعدة على طريقة «من سيربح المليون»، كتبت على صفحتى على الفيس بوك البوست التالى:
تراجع توزيع الصحف الورقية يجعلنى أسألكم: هل الصحيفة ضرورية بالنسبة لكم؟
لوكانت الإجابة بنعم فقل لماذا؟ ولو كانت لا؟ فقل متى تصبح ضرورية؟
ولقد تلقيت عددا من التعليقات من أصدقائى الأعزاء، سأنشرها كاملة في مقال الغد بإذن الله، مع تعليقى عليها وتصورى الشخصى في كيف يمكن للصحف المصرية أن تكون ضرورية مثل كيس الشيبسى.... وربما أكثر....
ektebly@hotmail.com