حول ازدراء الدين

سمير فريد السبت 09-04-2016 22:05

وصلت الرسالة التالية من الدكتور يحيى نور الدين طراف:

من أين استقينا قانون ازدراء الأديان، وبأى كف كتبناه، بينما الدولة الإسلامية حتى فى عهد الخلافة الراشدة لم تكن تعرفه، وكانت خلواً منه ومن أمثاله، أم أننا ملكيون أكثر من الملك؟.

ففى عهد الفاروق عمر بن الخطاب عاش رجل اسمه أبو محجن الثقفى، كان يحب الخمر ويعاقرها، وقال فيها شعرا شهيراً مخاطباً ابناً له:

إذا مت فادفنى إلى جنب كرمة تروى عظامى بعد موتى عروقها

ولا تدفننّى فى الفلاة فإننى...... أخاف إذا مامت ألا أذوقها

فلم يأمر الخليفة بحبسه ولا بمعاقبته. ولقد كان لأبى محجن هذا فيما بعد بطولة عظيمة فى موقعة القادسية تحت إمرة سعد بن أبى وقاص ضد الفرس، لا يتسع المقام لسردها.

ووقف الشعراء يوماً بباب الخليفة الأموى الراشد عمر بن عبد العزيز يطلبون الإذن بالدخول عليه، فقيل له فيهم عمر بن أبى ربيعة، فقال: والله لا يدخل على، أليس هو القائل:

ويا ليت سلمى فى القبور ضجيعتى .......هنالك أو فى جنة أو فى جهنم

فقيل له فيهم كذلك كثير عزة، فقال: لايدخل علىّ أبدا، أليس هو من قال:

رهبان مدين والذين عهدتهم..... يبكون من حذر العذاب قعودا

لو يسمعون كما سمعت حديثها ..... خرّوا لعزة ركعا وسجودا

فقيل له وفيهم الأخطل، فرفض كذلك التصريح له بالدخول لقوله:

ولست بصائم رمضان عمرى ولست بآكل لحم الأضاحى

ولست بقائم كالعبد يدعو ..... قبيل الصبح حى على الفلاح

ولكنى سأشربها شمولا.... وأسجد عند منبلج الصباح

فهو لم يعاقبهم على حصائد ألسنتهم أو يسجنهم عليها، وإنما اكتفى بمقاطعته لهم شخصياً.

وفى عصرنا الحديث قال شوقى فى الخمر:

رمضان ولى هاتها يا ساقى....... مشتاقة تسعى إلى مشتاق

وقال فى وصف نار حريق ميت غمر عام 1902:

أو أنه ابتلى الخليل بمثلها ....... أستغفر الرحمن ولى مدبرا

وقال فى رثاء الزعيم مصطفى كامل:

أو كان للذكر الحكيم بقية ....... لم تأت بعد رٌثيت فى القرآن

فلم نسمع أن محتسبا رفع علية دعوى ازدراء الدين.

وفى أمسنا القريب غنت أم كلثوم:

لا تقل شئنا فإن «الحظ شاء» وذلك بدلاً من «الحق» وهو الله سبحانه وتعالى، وغنى عبد الحليم من كلمات كامل الشناوى:

«قدر أحمق الخطى سحقت هامتى خطاه»، وغنى من كلماته أيضاً:

«وكنت لى ذنباً سألت الله ألا يغفره» فلم نسمع وقتها اعتراضا ولا اتهاما بازدراء الدين، حتى سمعناه اليوم.. فهل كانت أمتنا فى غيبوبة آنذاك، فلم تفق منها إلا فى يومنا النحس هذا؟.

samirmfarid@hotmail.com