الأحمر.. بحراً عربياً خالصاً

عباس الطرابيلي الجمعة 08-04-2016 21:32

يجب ألا ننسى أن من أهم نتائج التقارب المصرى - السعودى حماية «عروبة» البحر الأحمر.. والمحافظة عليه مثالاً لأهم بحر وممر تجارى فى العالم كله.. ليس فقط لأنه يمثل المدخل الجنوبى لقناة السويس، أهم ممر ملاحى فى العالم.. وليس لأنه البحر الذى يوصل بين أكبر قارتين فى العالم هما آسيا وأفريقيا.. ولكن لأنه الممر التجارى الأهم الذى يوصل العالم القديم بأوروبا، مركز الثقل السياسى والعسكرى والتجارى.

والبحر الأحمر تقع على شواطئه من الشرق - من الشمال إلى الجنوب - الأردن وإسرائيل ثم السعودية بكل شاطئها الغربى عليه.. ثم اليمن. وعلى شواطئه من الغرب، من الشمال إلى الجنوب: مصر والسودان وإريتريا وجيبوتى.. ثم الصومال، جنوب المدخل.. وبسبب هذا البعد الاستراتيجى احتلت القوى الكبرى أهم المواقع الاستراتيجية، فوجدنا مستعمرات وجيوباً حول قناة السويس إلى عدن - جنوب اليمن - وإلى إريتريا وجيبوتى، وإذا كانت هذه القواعد قد زال بعضها إلا أن هناك قواعد أجنبية، خصوصاً على الشاطئ الغربى للبحر الأحمر، وبعض جزره، وبالذات فى إريتريا وجيبوتى.

ومن أجل المحافظة على «عروبة» البحر الأحمر.. تحركت مصر والسعودية معاً لمواجهة النفوذ الإيرانى - الفارسى الشيعى - للتسلل إلى قلب العالم الإسلامى السنى.. من خلال وضع أقدامها.. على المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، لتضرب جنوب السعودية من جهته.. وتضرب مصر من الجهة الأخرى، بوضع العراقيل والعقبات فى المدخل الجنوبى، المؤدى إلى قناة السويس، من هنا جاء التحرك العسكرى المصرى: الجوى والبحرى، لدعم الموقف السعودى من قضية اليمن ومحاولة إيران التسلل إليه.. والكل يعلم - عسكرياً - أن هذه المنطقة تمثل المجال الحيوى للسعودية.. لأن اليمن تحاول محاصرة ما هو جنوب السعودية، ولا يجىء هذا الموقف العسكرى المصرى «الجوى والبحرى» إلا أيضاً دفاعاً عن المصالح الحيوية لها فى المدخل الجنوبى لهذا البحر الأحمر.. وهنا لا ننسى أن الأسطول البحرى المصرى العسكرى استطاع أن يغلق هذا المدخل الجنوبى أمام الملاحة الإسرائيلية - وأمام أى دعم خارجى يأتيها - وذلك قبل أيام من حرب أكتوبر 1973، إلى أن انتهت هذه الحرب.

والمصالح المشتركة المصرية - السعودية، فى هذا البحر، مصالح ممتدة منذ بدأت القضية الفلسطينية، ولا ننسى التنسيق المصرى - السعودى فى مدخل خليج العقبة، أى عند جزيرتى صناقير وتيران لمنع مرور التجارة البحرية إلى ميناء إيلات الإسرائيلى، على قمة خليج العقبة، وأيضاً إحكاماً للحصار البحرى «العربى» على إسرائيل منذ عام 1948، وكيف تم الاتفاق بين مصر والسعودية على أن تقوم البحرية المصرية والقوات المصرية بإدارة عمليات الحصار الإسرائيلى من خلال «إدارتها» هذه الجزر شديدة الحيوية.. وفى مدخل خليج العقبة وبالذات أنها المنطقة الصالحة فقط للملاحة.. المتجهة شمالاً إلى إيلات.. وإلى العقبة.. أى أن المصالح المشتركة بين مصر والسعودية هى التى اقتضت هذا التنسيق على أعلى مستوى.. رغم أن هناك من حاول زرع أسباب للخلاف بين البلدين بسبب هذه الجزر.. ولكن المصالح العليا - الاستراتيجية - هى التى دعمت هذا التنسيق الاستراتيجى الحيوى.

أى أن التعاون البحرى المصرى مازال قائماً فى الشمال، عند مدخل خليج العقبة.. وفى الجنوب عند المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، وهذا التعاون هدفه الأساسى المحافظة على «عروبة» هذا البحر، رغم أهميته القصوى للتجارة العالمية.

ولكن يهمنا ما يجرى الآن - فى هذا المدخل الجنوبى للبحر الأحمر - ذلك أن إيران «فارس القديمة» تريد أن يكون لها منفذ بحرى على المياه الدافئة.. ومن هنا يجىء تواجدها الحالى فى سوريا، على شرق البحر المتوسط.. وهو نفس توجهها للتواجد فى اليمن، على مدخل البحر الأحمر، وهى بذلك تريد إحكام الحصار على البترول العربى - فى السعودية ودول الخليج العربية - بجانب سيطرتها على مدخل الخليج العربى عند مضيق هرمز.. بهدف ضرب البترول العربى الآسيوى كله بين الخليج العربى شرقاً والبحر الأحمر غرباً، وهذا من أهم أسباب التعاون والتنسيق المصرى - السعودى لحماية عروبة البحر الأحمر.

■ ■ هذه هى أبعاد المخطط الإيرانى للمنطقة.. وهذه هى أسباب قوة وأهمية التقارب المصرى - السعودى.. وليس فقط أسباب التنسيق العسكرى بينهما.. وهذا من أهم مقومات السياسة التى تجمع بين البلدين الشقيقين.. التى تجىء زيارة العاهل السعودى الآن لترسيخها.. أى تتحرك بدافع الدفاع عن الإسلام.. وعن العروبة.. وعن السلام.