فضيحة «وثائق بنما» تتصاعد.. والعالم يتعقب المستفيدين

كتب: شادي صبحي الأربعاء 06-04-2016 20:53

شهدت فضيحة «أوراق بنما» استنفارا عالميا واسعا، إذ تعهد قادة غربيون بالعمل على مكافحة التهرب الضريبى من قِبَل الأثرياء والشخصيات النافذة، مع استمرار تداعيات الفضيحة المدوية حول التهرب الضريبى، وإثر تقدم رئيس وزراء أيسلندا، سيجموندير دافيد جانلاوجنسن، باستقالته، أمس، ويُعد أول المسؤولين من ضحايا التسريبات التي ألقت بظلالها على عالم الملاذات الضريبية، فيما أعلنت شركة «موساك فونسيكا»، التي كانت في صلب فضيحة «أوراق بنما»، أنها تعرضت لعملية قرصنة معلوماتية من الخارج، وأنها قدمت شكوى في هذا الصدد، وستسعى لاتخاذ إجراءات قانونية تطالب بالتعويض ممن سَرَّب الوثائق السرية.

وقال متحدث باسم شركة «موساك فونسيكا» للمحاماة- ومقرها بنما- إن الشركة ستسعى لاتخاذ إجراءات قانونية تطالب بالتعويض ممن سرَّب ملايين الوثائق السرية، مطلع هذا الأسبوع، والتى تفيد بتورط عدد من الشخصيات الدولية المعروفة في أنشطة مالية في المناطق المعروفة بـ«الملاذات الضريبية الآمنة» لإخفاء ثرواتهم.

وواصل عدد من المسؤولين المذكورين في التسريبات إنكارهم ارتكاب أي جرائم، وذكرت رئاسة الوزراء البريطانية أن ديفيد كاميرون لم يستفد ولا عائلته من الشركات في الملاذات الضريبية، وأنه لا يمتلك أي أسهم، بينما دعا زعيم حزب العمال البريطانى، جريمى كوربين، إلى إجراء تحقيق مستقل في ضلوع بريطانيين، ومن ضمنهم والد رئيس الوزراء، أيان كاميرون، في التهرب الضريبى. وقال محامى شقيق رئيسة تايوان المنتخبة، تساى إينج وين، إن موكله لم يرتكب أي شىء مخالف للقانون، ونفى رئيس «ائتلاف الوطنية» العراقى، إياد علاوى، ما تردد عن إصداره- أثناء رئاسته للحكومة- توجيهًا إلى بنك بتحويل مبلغ مقداره مليار و200 مليون دولار خارج العراق، وأمر رئيس الوزراء الباكستانى، نواز شريف، بالتحقيق فيما تردد عن قيام نجليه بتأسيس شركات في الخارج.

ودعا الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى ضرورة إجراء إصلاحات ضريبية على المستوى الدولى، وقال: «لا شك أن مشكلة التهرب الضريبى على المستوى الدولى تُعتبر مشكلة جسيمة»، وأضاف أنه «لا يجب اللجوء إلى تعاملات مشروعة لمجرد التهرب الضريبى».

وذكرت قناة «إن. بى. سى» الأمريكية أنه من الأشياء الجديرة بالملاحظة في الكم الهائل من أوراق بنما أنه لم يأتِ ذكر أي شخصيات أمريكية في هذه الوثائق، على الرغم من أنها ضمت كثيرا من القادة الحاليين والسابقين والعديد من الأثرياء والمشاهير حول العالم، ولفتت القناة إلى أن هذا لا يعنى أن الأمريكيين أكثر أمانة واستقامة أو أنهم أكثر التزاما بالقانون عن نظرائهم حول العالم، مشيرة إلى وجود عدد من الأسباب المحتملة التي أدت إلى عدم ظهور أسماء أمريكية في هذه الوثائق، منها أن التسريبات شملت أكثر من 11 مليون وثيقة، وهو ما يعنى أن الأمر سيستغرق وقتا لفحصها، فيما قال مات جاردنر، المدير التنفيذى لمعهد السياسات الضريبية والاقتصادية الأمريكى، إنه ربما هناك بعض المعلومات عن شخصيات وأموال سرية أمريكية لم يتم السماع عنها بعد، ومن المحتمل أن الأمريكيين المتورطين في أعمال تهرب ضريبى وغسل أموال يعملون ببساطة مع مكاتب قانونية أخرى غير «موساك فونسيكا»، الذي تم تسريب الوثائق من خلاله، وتابعت القناة أن ولايتى ديلوار ونيفادا، بالإضافة إلى جزر العذراء الأمريكية، معروفة بانخفاض المعدل الضريبى وبقوانينها الفضفاضة، ما يجعلها أكثر جاذبية لمَن يحاول إخفاء أصوله وأنشطته وراء شركة تكون بمثابة واجهة.

وذكر خبراء أن هناك العديد من مكاتب الاستشارات القانونية الصغيرة والكبيرة الأمريكية والأجنبية تساعد عملاءها الأثرياء على إقامة شركات في الخارج، وهى قانونية في حد ذاتها مادام لا يحاول العملاء إخفاء عائدات من عمليات إجرامية أو التهرب من الضرائب.

ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء، عن الخبير الاقتصادى الألمانى، أرنست وولف، توقعاته لما سيحدث بعد نشر الوثائق بأن «شركات (أوفشور) لن تختفى كظاهرة، إنما ستجرى عملية إعادة توجيه للتدفقات المالية»، وذكر أن ما بين 30- 40 تريليون دولار ستتوجه إلى الولايات المتحدة التي تسعى حاليا للتحول إلى ملاذ ضريبى كبير جديد، مشيرا إلى أن التسريبات لم تمس أي شركة أمريكية، ولذلك فقد تكون جزءا من استراتيجية أمريكية.