بشار الأسد حين يلعب كرة القدم

ياسر أيوب الأربعاء 06-04-2016 21:25

أخيراً.. بدأ السوريون يلتفتون لكرة القدم وينظرون إليها كسلاح محتمل يمكن الاستعانة به فى الحرب الأهلية الدائرة حالياً فى بلادهم.. وتم فجأة تسريب خبر يفيد بعرض تقدم به الاتحاد السورى لكرة القدم للمدرب العالمى الشهير جوزيه مورينيو لقيادة المنتخب السورى فى الفترة المقبلة.. البداية كانت مجرد خطاب تم نشره على إحدى صفحات الفيس بوك.. خطاب مفترض أنه صادر من الاتحاد السورى لكرة القدم لجوزيه مورينيو..

وعلى الفور التقط أعداء الرئيس بشار الأسد، والذين يرفضون بقاءه وجرائمه، هذا الخطاب للتأكيد على أن بشار لا يحفل بما يجرى على أرض سوريا ولا يكترث بحجم الخراب والدماء السورية التى سالت فى كل مكان، ولا تشغله إلا وجاهته ودوام سلطانه بأى ثمن واستمتاعه الشخصى بكرة القدم.. قال هؤلاء أيضا إنه فى الوقت الذى يعلن فيه هذا الرئيس أنه لا يجد المال الكافى لعلاج آلاف الجرحى وإيواء آلاف المشردين فهو لا يتردد فى تقديم ملايين الدولارات كل شهر لجوزيه مورينيو من أجل قيادة المنتخب السورى واستكمال مشوار تصفيات كأس العالم!!..

وتوالت التعليقات والشتائم والسخرية من بشار الأسد ونظامه طيلة الثلاثة أيام الماضية.. بينما انقسم مؤيدو الرئيس السورى إلى ثلاثة فرق.. فريق حاول الإنكار ونفى كل هذا الذى جرى، وفريق آخر التزم أفراده الصمت تماماً كأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد.. أما الفريق الثالث فكان أعضاؤهم هم أنفسهم الذين يحيطون بكل قائد أو رئيس فى العالم الثالث.. لديهم التبرير الجاهز دائما لكل وأى خطأ أو حتى جريمة.. فالعالم كله ممكن أن يخطئ إلا الرئيس.. العالم هو الذى يتآمر على الرئيس ولا يسمح له بالنجاح وقيادة البلاد إلى الأمان والخير والانتصار على كل الخونة والأعداء.. ورأى أعضاء هذا الفريق أنه إذا كانت هناك دعوة لجوزيه مورينيو لتدريب المنتخب السورى، مهما تكلف ذلك من أموال ضخمة، فلابد أن هناك حكمة بليغة من هذا التصرف وهى توجيه رسالة للجميع بأن سوريا ليست جريحة أو مكسورة، وها هى تحارب وتحلم وتحاول وتلعب ويأتيها واحد من أعظم مدربى العالم.. لكن بعض هؤلاء عادوا وتراجعوا وقالوا إنه لابد أن اتحاد الكرة هو الذى قام بذلك دون علم الرئيس ودون موافقته..

وهكذا نجحت كرة القدم فى تصدر المشهد السورى الحالى بكل تعقيداته وألغازه وأوجاعه وغرائبه وجرائمه.. ولم ينتبه أحد وسط هذا الطوفان إلى أن الحكاية كلها غير منطقية.. ويصعب تصديق أن سوريا بظروفها الحالية تتفاوض مع مورينيو، وأنها حتى إذا أرادت فلماذا ترسل له خطابا باللغة الإسبانية وتنشره عبر إحدى صفحات الفيس بوك؟.. وحتى إذا كانت سوريا بالفعل تريد هذا التعاقد.. فأين رد مورينيو نفسه وتعليقه؟.. أين الصحافة الإنجليزية التى تتابع يوميا كل تصرفات وتصريحات الرجل؟.. وأسئلة أخرى كثيرة لا إجابات لها فى سوريا نفسها أو فى كل بلدان العالم الثالث التى لم يعد فيها الناس يجيدون أو حتى يمارسوا إلا كلاماً نهايته الوحيدة هى الخراب والموت.