مصالحة تركيا هل تجوز؟

عباس الطرابيلي الثلاثاء 05-04-2016 21:03

يتردد فى الأنباء أن هناك توجهاً لإجراء مصالحة مصرية مع تركيا.. وأن الشقيقة السعودية تقوم بها الآن.. ويقود هذا التيار خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز.. والمناسبة هى قمة منظمة التعاون الإسلامى التى ستعقد فى اسطنبول، فى الأسبوع القادم.. فهل هذا ممكن؟!

هل تنسى مصر كل ما ارتكبته تركيا فى حقها منذ ثورتى 25 يناير و30 يونيو.. وما ارتكبته تركيا فى حقنا كبير، وكبير للغاية.. ربما لأن رجل تركيا القوى - رجب طيب أردوجان - يسعى لكى يكون لبلاده دورها الإقليمى، أو على الأقل استعادة بعض ما كان لها من نفوذ فيها.

وفى رأيى أن الوساطة السعودية إن صحت - يمكن الأخذ بها لأن المخطط التآمرى ضد مصر وكل المنطقة تقوم تركيا بدور أساسى فيه، هدفه تسليم المنطقة لتيار الإخوان، ولهذا تحيط المؤامرة الإخوانية مصر - وهى القلب - بعديد من الجيوب الإخوانية: ففى الجنوب من مصر نجد السودان، وفى الغرب منها نجد ليبيا ثم تونس.. وفى الشرق نجد الأردن وسوريا.. ولا تستبعد هنا وجود تعاون وثيق بين مخططات وأهداف تركيا.. مع مخططات وأهداف إيران.. فالكل يسعى للسيطرة على المنطقة.

ونحن - وإن كنا نشكر مساعى خادم الحرمين الشريفين - إلا أن لنا شروطاً يجب أن تحترم.. من المؤكد فى أولها أن توقف تركيا - أردوجان دعمها للإخوان المسلمين.. وأن تعترف بحق الشعب المصرى فى اختيار رئيسه.. والنظام الذى يحكمه.. وأن توقف نشاط الذين لجأوا إلى تركيا ويعيشون فيها، ويتحركون لضرب الاستقرار الذى يسعى له شعب مصر.

حقيقة تسعى السعودية - بقيادة خادم الحرمين - الملك سلمان إلى توحيد الصفوف الإسلامية أمام المخاطر.. ومن المؤكد أن الخطر الشيعى الإيرانى فى مقدمة هذه المخاطر.. سواء بالتدخل فى اليمن أو فى شبه الجزيرة العربية أو فى سوريا، وأيضاً فى غزة وحماس.

والمصالحة، التى يسعى الملك سلمان إليها مع تركيا هى فى صالح الأطراف الثلاثة: تركيا ومصر.. والسعودية، إذ يقول المنطق إنه لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة.. بل مصالح دائمة.. والمصالح بين مصر وتركيا كبيرة للغاية، والميزان التجارى عظيم.. فهناك فى تركيا الكثير مما يمكن أن تستورده مصر.. وكذلك الموقف فى مصر.. والمصالح التجارية دائماً تأتى فى المقدمة.. وبدلاً من أن نطالب بمقاطعة البضائع التركية، لماذا لا تنتعش هذه التجارة وتتزايد، بشرط أساسى هو أن توقف تركيا دعمها لمن يستهدفون ضرب مصر.

والسعودية - وإن كان لها رأيها الخاص بها فى قضية سوريا - إلا أنها ترفض أى تدخل تركى فى سوريا.. فما بالنا بالتدخل الإيرانى الرهيب هناك.. إذ على الأرض السورية «الغالية» تتصارع كل هذه القوى للفوز بالنصيب الأكبر هناك.. فضلاً عن أحلام حتى من يتطلعون من خارج المنطقة.. من روسيا - فى الشمال - ومن أوروبا فى الغرب وأمريكا، فى أقصى غرب الغرب.

ونحن مصر نثنى على المساعى السعودية، إذ كيف تدير مصر جلسات ونشاط منظمة التعاون الإسلامى عندما تتولى الرئاسة.. بينما هناك - ما هناك - من انهيار العلاقات بين تركيا - الرئيسة الحالية - ومصر - الرئيسة القادمة، بعد أيام.

ثم من هو الأولى بالقيام بدور هذه المصالحة التركية - المصرية من خادم الحرمين الشريفين، بحكم الثقل السياسى والدينى والاقتصادى الذى تتميز به الشقيقة سوريا.

■ ■ نعم أول أهدافنا الآن أن يعود الاستقرار إلى ربوع مصر.. حتى تتمكن من القيام بدورها التاريخى للدفاع عن المنطقة وكل ما يُخطط لها.. ومن المؤكد أن التحالف المصرى - السعودى يصب أولاً وأخيراً فى مصلحة المنطقة كلها.. رغم بشاعة ما يخطط لها ولتقسيمها، أو بالأصح تمزيقها.

وهذه المصالحة - والتحرك السعودى لتحقيقها - تدل على شجاعة العاهل السعودى.. بل على بعد نظره الاستراتيجى.. وأهلاً بمزيد من التعاون بين القاهرة والرياض.. لأن فيه مصلحة كل العرب.. وكل المسلمين.