هل أتاكم حديث المؤامرة؟

ياسر أيوب الثلاثاء 05-04-2016 21:05

حصاد ضخم وهائل ومخيف ومدمر هو الذى سنجنيه كلنا من قادة وإعلاميين ظلوا طيلة سنوات قليلة مضت يزرعون كلمة مؤامرة فى أذهان الجميع.. فى البداية كان العالم كله هو الذى يتآمر على مصر، باعتباره طامعا فيها أو خائفا منها أو حاقدا عليها.. ثم اكتشف هؤلاء مع الوقت أن حديث المؤامرة هو الأجمل والأسلم والأسهل والأسرع فى الإقناع.. فلا أخطاء يرتكبها أى أحد، إنما هى المؤامرة.. لا فشل أو إهمال أو عجز أو تقصير، لكنها المؤامرة.. وسرعان ما انتقلت الكلمة من الشاشة إلى الشارع.. من المكاتب الفخمة إلى البيوت بمختلف طبقاتها..

ولم يعد العالم هو الذى يتآمر وحده علينا أو الإخوان والأتراك والقطريون والأمريكيون والإنجليز.. إنما أصبحنا كلنا نلجأ للمؤامرة تفسيرا يقنعنا ويريحنا ويسعدنا أيضا.. فلم يعد أحد منا مضطرا لأن يلوم نفسه إن أخطأ أو فشل أو يسمح لأى أحد غيره بمعاتبته ومواجهته ومساءلته، لأنه ببساطة كان ضحية لمؤامرة ضده.. على كل المستويات وفى كل المجالات لم يعد هناك إلا حديث المؤامرة.. حتى فى كرة القدم.. حسام حسن، المدير الفنى للمصرى، أكد أن المصرى ضحية التآمر عليه.. ومن المؤكد أن حسام أصبح مدربا قديرا مثلما كان لاعبا.. وقاد المصرى هذا الموسم لإنجازات لم يكن يحلم بها أى عاشق لبورسعيد.. لكن هذا كله ليس مبررا لأن يصرخ حسام بعد كل مباراة لا يفوز بها بأن

هناك مؤامرة ضد المصرى.. فمن الممكن جدا بحسابات كرة القدم ألا يفوز المصرى فى مباراة أو أكثر أو أن يحتسب ضده أو لا يحتسب له أى حكم ضربة جزاء صحيحة أو ظالمة.. فمن الذى سيتآمر على المصرى: الأهلى أم الزمالك؟.. الأهلى دعا حسام لحفله الكبير مؤخرا ورئيس الزمالك دائم الإشادة به.. والأهلى إن لم يفز بالدورى يسعده أن يفوز به المصرى لا الزمالك، والعكس.. وإذا كان اتحاد الكرة وكل حكامه يتآمرون على المصرى فكيف أصبح النادى المضطهد هكذا من الجميع هو ثالث الدورى؟ وكيف فاز المصرى بمباريات كثيرة جاءت أهدافها فى دقائق أخيرة وحاسمة كان من الممكن للحكام المتآمرين عدم احتسابها؟..

وماذا عن ضربات الجزاء المشكوك فى صحتها التى تم احتسابها له؟ ولست هنا ألوم حسام حسن، الذى أحبه وأحترمه كثيرا.. لكننى فقط أحببت الإشارة إلى سهولة وشيوع حديث المؤامرة.. فكل مباراة فى الدورى المصرى الآن باتت مؤامرة.. وكل أزمة سياسية أو اجتماعية أو أمنية أو اقتصادية أصبحنا نراها مجرد مؤامرة.. حتى حادثة الشاب الإيطالى القتيل لايزال هناك من يروج لفكرة أنها مؤامرة إيطالية وأوروبية ضد مصر.. وسنبقى كلنا كذلك حتى نكتشف يوما أننا كلنا الذين تآمرنا على مصر.