القطاع العام

ناجي عبد العزيز الأحد 03-04-2016 21:15

جيد أن تسعى الحكومة إلى تحقيق توازن فى السوق مع القطاع الخاص بالعودة إلى إنشاء وزارة قطاع الأعمال العام، لضمان وصول السلع والخدمات للمستهلك بسعر عادل..

ممتاز أن تكون للحكومة يد فى السوق تطيح بها بكل من يبالغ فى تسعير منتجاته والتلاعب بالمستهلك..

رائع أن تكون للحكومة أدوات لضبط السوق وضمان زيادة المعروض ومحاسبة كل من يتجاوز، لكن فى المقابل يكون غباءً وجهلاً أن يتحول الأمر إلى تحويل ما تبقى من القطاع العام إلى مشرحة جديدة تعج بعشرات ومئات الآلاف من العمال الذين ينتظرون مصيراً صعباً عبر المعاش المبكر، مثلما حدث فى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى، فى عمليات إعادة الهيكلة والخصخصة التى طالت شركات الحكومة وقتها، وأتمنى أن تكون هناك أفكار حقيقية وجادة وفعالة ومتوافقة مع متطلبات العصر لمثل هذه الكيانات، سواء تم ذلك بإعادة تأهيل تلك العمالة أو تطوير الماكينات ووحدات الإنتاج، والأهم تطوير اللوائح والتشريعات الحاكمة لشركات الحكومة، وتمكينها بالإدارة الحديثة والكوادر المعاد تأهيلها من المنافسة الحقيقية فى السوق.

الحقيقة المهمة التى يجب أن تدركها الحكومة أنها يجب ألا تتعامل مع هذا الملف لأسباب عمالية وكفى، بل عليها أن تغير من تكتيكها، وعليها أن تسأل نفسها: هل من الأفضل أن تتملك الحكومة الشركات كاملة وتديرها بلوائح وقوانين لم يتم تعديلها منذ عدة عقود؟!

وهل يصلح إدارتها بكوادر- مع كل التقدير والإجلال لخبرات الكثيرين منهم- كوادر لم تخرج من أبواب مصانعها.. على الحكومة أن تبحث عن إجابة وتجربة.. هل نحن دولة ذات اقتصاد موجه «اشتراكية» أم دولة تتبع قواعد السوق الحرة؟ الدولة ذاتها لا تعلم إلى أى مدرسة تنتمى وتسير بنفس القواعد والمناهج والأدوات القديمة، على الرغم من أن قواعد ونصوص الدستور أوضحت الأمر جيداً وحددت التوجه.

أنا لا أطلب من الحكومة أن تقضى على ما تبقى من القطاع العام، ولا أحب أن نراها تذبح القطاع الخاص، بل عليها النظر فى تجارب الدول الأقرب لحالتنا.. خذ مثلاً الصين، كيف تدار الدولة؟ وكيف تدير شركاتها ومساهماتها الحكومية؟ وما حجم تلك الشركات والمساهمات؟

ولماذا تحتفظ الحكومة بها؟ خذ مثلاً آخر من السعودية التى تحركت صناديقها السيادية للاستحواذ على كبريات الشركات البرازيلية لتأمين الإمدادات الغذائية التى تحتاجها..

وكيف تدير المملكة الشركات والهيئات المملوكة للحكومة، ومن يديرها، ونفس الأمر ينطبق على الإمارات، وغيرها فى فرنسا وألمانيا وبريطانيا وحتى أمريكا نفسها.. الحكومات فى تلك الدول فى أحيان كثيرة لا تخسر، وإن لم تربح فإنها تدعم بالقليل..

يا سادة، يجب ألا تكون العودة لوزارة قطاع الأعمال عودة لتستيف شركات وأصول حكومية جديدة فوق أكتافنا التى كلَّت منها عقوداً كاملة، بل يجب أن نأخذها فرصة حقيقية لإصلاح جدى لما تبقى من أصول ومساهمات مملوكة للجميع، وإلا فأنا لا أملك إلا أن أطالب بحقى فيها لقناعة قد تتولد عندى: أنها لا تسمن ولا تغنى من جوع.