مهاتير محمد هو أساس تقدم ماليزيا فى الـ30 عاما الماضية. تقدمت ماليزيا لأنها اعتمدت على خطة صناعية تصديرية. وكانت معه السيدة رفيدة عزيز، وزيرة الصناعة لمدة 21 عاماً، والتى يشيد الجميع بدورها فى تطوير الصناعة وتطوير الاقتصاد الماليزى. أنشأت المؤسسات المختلفة لجذب الاستثمارات، وتم بناء 595 منطقة صناعية بها مرافق، ويستطيع المستثمر شراء أو إيجار الأرض أو إيجار الأرض بالمبنى والمرافق لكى يشترى المعدات ويبدأ فورا الإنتاج.
ونجحت ماليزيا فى زيادة صادراتها إلى 230 مليار دولار عام 2015، وبالتالى وصل الاحتياطى إلى 94 مليار دولار فى هذا البلد ذى الـ30 مليون نسمة.
كانت الناس تشك فى قدرات الماليزيين، وأنهم كسالى، ولا يريدون أن يعملوا، ولكن عزم مهاتير محمد على تغيير ذلك.
وبالنتائج على الأرض، بدأت الناس تقتنع أن ماليزيا فعلاً تستطيع أن تنجح. فأراد مهاتير بناء البتروناس تاورز، أعلى برجين فى العالم وقتها، وأسند العمل فى برج منهما إلى شركة يابانية، والبرج الآخر إلى شركة كورية، ووضع كوريا واليابان فى المنافسة لكى تستطيع ماليزيا أن تنجح فى بناء أعلى برجين فى العالم، وبدأت الحكومة فى حملة إعلانية «نعم تستطيع ماليزيا أن تنجح» لرفع الروح المعنوية، ونجحت فعلا الحكومة فى رفع ثقة المواطنين بأنهم يستطيعون أن يكونوا من أكثر شعوب العالم تقدماً.
مصر تستطيع أن تنجح، والمصريون بنوا الأهرامات وعبروا خط بارليف عندما كنا نعمل بخطة واضحة وضعتها الكفاءات.
فى خطاب السيد رئيس الوزراء شريف إسماعيل الأحد الماضى، أمام مجلس النواب، رفع رئيس الوزراء الكتاب الذى به خطة مصر 2030 وقال: «نعم نستطيع أن ننجح».
هل فعلا نستطيع أن ننجح، أم أن الشعب المصرى مختلف عن الصينى أو الماليزى أو الكورى؟
نعم.. نستطيع أن ننجح، ولكننا فعلا نحتاج إلى دفعة أمل فى رؤية اقتصادية واضحة جدا تقول لنا كيف سنحقق التطور الاقتصادى.
هل يتحقق ذلك داخل الكتاب الحالى لاستراتيجية 2030؟ لا.
استراتيجية 2030 خطوة كبيرة جدا للأمام ولكنها غير كافية وغير مقنعة. الشعب المصرى يحتاج إلى تفاصيل أكثر تقنعه بالهدف وتجعله يؤمن بأن «مصر حقاً تستطيع».
فالاستراتيجية تقول إن مصر سيزيد الناتج المحلى الإجمالى بها من 300 مليار دولار تقريباً إلى 1200 مليار دولار تقريباً بتنفيذ 77 مشروعاً، ولكن لا توجد تفاصيل أو أرقام مقنعة لهذه المشاريع.
فنحن وضعنا بعض المشاريع على الورق بدون معرفة ما إذا كانت هذه المشاريع ستحقق الهدف أم لا. فى خطة ماليزيا 2020 وضعت الدولة أهدافا محددة لكل مشروع، مثل عدد فرص العمل التى يتم خلقها، الناتج القومى الإجمالى لكل مشروع، التكلفة الاستثمارية، ومن الهيئة المسؤولة عن التنفيذ.
بجانب كل ذلك وضعت خطة سنوية بأهداف سنوية ومؤشرات أداء سنوية، ثم قسمتها بأهداف شهرية وأسبوعية. تستطيعون معرفة كل ذلك من الموقع الحكومى www.pemandu.gov.my، فالحكومة تعلن تقارير سنوية للشعب، تتم مراجعتها بشركات عالمية، لأنهم عرفوا أن ذلك يريح المستثمر.
المصريون يحتاجون أن يروا تفاصيل بأهداف محددة لفرص العمل والناتج القومى الإضافى من كل مشروع.. وأن يروا متابعة أسبوعية لتنفيذ خطة 2030.
مصر استطاعت فى الماضى وتستطيع فى الحاضر بناء دولة متطورة. نحتاج خطة واضحة مفصلة وملزمة أكثر مما هو موجود الآن. ماليزيا وضعت خطة ماليزيا 2020 بأدق التفاصيل فى 4 أشهر، ونحن وضعنا استراتيجية 2030 بدون تفاصيل فى 14 شهرا.
نحتاج تغييرا حادا فى أسلوب الأداء، وذلك يتحقق بالكفاءات (ليس الشباب ولا الكبار.. ولكن الكفاءات). نحتاج إلى إعادة الثقة بأننا فعلا نستطيع أن ننجح لأن أمامنا اختيارين: عبور خط بارليف الاقتصادى أو تحقيق صفر المونديال عندما كنا نريد استضافة كأس العالم عام 2010. والاثنان تحققا بأيدى المصريين.