منحدر نسير إليه!

سليمان جودة السبت 02-04-2016 21:36

أحتفظ بتصريح للوزير هانى قدرى يقول فيه- قبل خروجه من الحكومة بثلاثة أسابيع- إن نصيب التعليم والصحة والبحث العلمى فى الموازنة الجديدة للدولة لابد أن يكون 277 مليار جنيه!

وهذا الرقم لم يؤلفه وزير المالية السابق من دماغه، ولكنه يعرف مثلنا أن الدستور الحالى يفرض تخصيص 10% من إجمالى الناتج المحلى للإنفاق على هذه الملفات الثلاثة، دون فصال!

وعندما غادر قدرى وزارته، فى التعديل الوزارى الأخير، قال مصدر فى الوزارة ذاتها- لم يشأ أن يذكر اسمه- إن الأخذ بالمادة التى تنص على تخصيص هذه النسبة من إجمالى الناتج المحلى، لتعليمنا، وصحتنا، وبحثنا العلمى، مسألة صعبة!

وعندما عقب الدكتور محمد معيط، نائب وزير المالية، على إقرار رئيس الدولة للموازنة الجديدة، يوم الخميس الماضى، قال إن زيادة قدرها 12 مليار جنيه سوف تذهب إلى التعليم!

وفى أثناء اجتماع الرئيس مع رئيس الحكومة، ووزيرى المالية والتخطيط، لم يأت أى ذكر للتعليم، ولا للصحة، ولا للبحث العلمى، على أنها ملفات ثلاثة لا بديل عن أن تكون أولوية عليا للدولة، على كل مستوياتها، ولا بديل عن أن تكون أولى بالرعاية دون سواها.

لم يأت أى ذكر لها.. وكان الحديث فى أثناء الاجتماع عن الصرف الصحى مثله مثل الحديث عن التعليم، من حيث اهتمام الدولة بهذا، أو بذلك، إذ لا فرق فى درجة الاهتمام يبدو أمامنا!

وليس لهذا معنى إلا أن الدولة ليست مشغولة، حتى الآن، بالتعليم، كما يجب أولاً، ولا كما نص الدستور بالنسبة له، ثانيا.. لا.. ليست مشغولة، ولا الموضوع فى إجماله على بالها!

وحتى الـ12 ملياراً، التى أشار لها نائب الوزير، لم تقترن الإشارة إليها، بحديث لابد منه، عما سوف تؤدى إليه زيادة بهذا القدر من تغيير فى مستوى تعليم مدارسنا وجامعاتنا، ولو بأى مقدار، ولا عما نريد نحن لتعليمنا من مستوى نفترضه، ونتصوره، ثم نسعى إليه!

وقد حدث هذا كله فى وقت كانت هناك مطالبات ملحة، من أولياء أمور، لوزير التعليم، بحذف أجزاء من المناهج تصل إلى 35%، وهى الأجزاء التى امتحن فيها الطلاب، خلال النصف الأول من العام الدراسى، ولم يجد الوزير بداً من أن يستجيب ثم يقول إن هذه الـ35% سوف لا تمثل شيئاً للطالب فى النصف الثانى من العام الدراسى، وسوف لا يكون بقاؤها من هنا إلى موعد امتحانات نهاية العام إلا بهدف المطالعة فقط، لا للامتحان فيها مرة أخرى!

وعندما يصل التعليم إلى هذا المنحدر، ثم يغيب الوعى بخطورة هذا كله، لدى الدولة بكل أجهزتنا المعنية، فإن لك أن تتخيل شكل المستقبل الذى ينتظر البلد إذا دامت هذه الحالة من فقدان الوعى.