من مطروح، وفى عيد الحصاد، يبشرنا الدكتور عصام فايد، وزير الزراعة، بزيادة إنتاجية القمح: «الخير سيأتى على يد الرئيس السيسى، وزيادة المساحات المزروعة شعيرا وقمحا بشرة خير لمصر بإذن الله».
ونعم بالله، وارزق أهله من الثمرات، ولكن ربنا- سبحانه وتعالى- عرفوه بالعقل، وإنتاجية القمح تُعرف وتُقدر بالأرقام المتحققة، ليست بالنيات الطيبة، أقصى إنتاج يمكن أن يتحقق هذا العام «بالبركة أو بغيرها من طرق الإنتاج الحديثة والأقماح الجديدة» لا تزيد على 8 ملايين طن، هذا إذا تمت زراعة ما يزيد على ثلاثة ملايين فدان قمحاً، بمتوسط إنتاجية 15 إردباً للفدان، بمعدل 2.5 طن للفدان، بالبركة تسجل 8 ملايين طن، بزيادة نصف مليون طن قمح، هذا إذا استخدمت وزارة الزراعة صنف «بشرة خير» من «القمح المبروك».
بالبركة أو بغيرها، من أين إذن لوزير التموين الدكتور خالد حنفى أرقامه المعلنة بأن حجم توريد القمح المحلى للموسم الزراعى الجارى سيصل إلى 9.5 مليون طن قمح، الإنتاج بالبركة وقبل التوريد وعلى مسؤولية الوزير البركة، وزير الزراعة، فقط 8 ملايين طن قمح مبروك، أشك فى أرقام الوزير «حنفى»، إلا إذا كان مفعول البركة شغال، مفعول سحرى، يزيد الإنتاجية، معلوم وزارة شريف إسماعيل وزارة مبروكة!!.
الفارق بين الرقمين ليس هيناً، بل جد خطير، ويؤشر على ثغرة رقمية يمكن أن ينفذ منها تجار الأقماح المستوردة لاهتبال السوق المحلية، وإذا علمنا أن سعر التوريد لطن القمح المحلى يزيد بـ1350 جنيهاً عن سعر طن القمح المستورد «رقم مقطوع قررته الحكومة دعماً للفلاح، وتشجيعاً على زراعة القمح وتوريده»، فإن الفارق يساوى الكثير، اضرب 1350 جنيهاً فى مليون ونصف المليون طن، ما يزيد على مليارى جنيه فارقاً سعرياً!!
أخشى، سيتم توريد المليون ونصف المليون طن من القمح المستورد فى أجولة محلية، ويتم توريده بالسعر المحلى، أخشى مافيا الأقماح ستلعب على الفارق الرقمى، وتهتبل مليارى جنيه- للأسف- بمساعدة وزير التموين الذى سيكون همه استقبال 9.5 مليون طن قمح لإثبات زيادة الإنتاجية، وقبلها سيحاول وزير الزراعة الوصول إلى رقم 8 ملايين طن، وأشك أنها ستتحقق بهذه الطريقة البركاوية.
كله بأمره، ولكن بالحسابات الحقلية، هناك سقف لإنتاج مصر من القمح، وسقف أيضاً للتوريد، وفارق ضخم للاستيراد، ومن نعمة ربنا أن زيادة الإنتاج المحلى توافقت مع انهيار بورصة القمح العالمية، وصار سعر التوريد المحلى مميزاً بفارق 1350 جنيهاً فى الطن.
لسنا فى حاجة إلى تقديرات جزافية، وإلى إحداث ثغرة رقمية تملؤها مافيا الأقماح المستوردة، الفارق الرقمى للأسف هو مساحة اللعب الجديدة التى بدأت العام الماضى على استحياء وفى خفية، وستستفحل هذا العام، هل نضحى بمليارى جنيه فقط لإثبات زيادة المساحة المزروعة، وزيادة الإنتاجية، فقط لإثبات أن الخير سيجرى على يدى الرئيس، ويرقص الوزير على أغنية «بشرة خير» فى عيد الحصاد؟..
الواقعية الرقمية مطلوبة، والتقدير عند التوريد، صحيح البحر يحب الزيادة، لكن منين الزيادة يا سادة، ونحن نترجى الله فى حق النشوق، نقص التوريد محلياً تعالجه سياسات تفضيلية للقمح المحلى، تتبعها زيادة المساحة المزروعة قمحا، وليس بسد الفجوة الرقمية بالقمح المستورد فى أجولة محلية.
بدلاً من الرقص على«بشرة خير»، مطلوب من وزير التموين أن يكتفى فقط باستقبال التوريدات من وزارة الزراعة، ويعلنها على رؤوس الأشهاد لنعرف راسنا من رجلينا، كم حجم الإنتاج المحلى بالأسعار التشجيعية، وكم حجم المستورد بالأسعار العالمية، ويترك تقديرات الإنتاجية إلى وزير الزراعة الذى حدد الإنتاجية التقديرية بنحو 8 ملايين طن، وهو رقم يشكل الحد الأقصى إذا حلت البركة!